انطلقت نهاية الأسبوع الماضي فعاليات مهرجان روتردام السينمائي الدولي، الذي ينظم في طبعته ال 25 ويمتد إلى الفاتح من فيفري المقبل ،وسط تمثيل عربي ضعيف خارج المسابقة الرسمية. الدورة الجديدة للتظاهرة تتضمن عروضا عالمية أولى لثلاثة وأربعين فيلما وعروض أوربية أولى لأربعة وثلاثين فيلما من تركيا، الشيلي، النمسا، كندا، نيوزيلندا، تايوان، فرنسا، الصين، الولاياتالمتحدةالأمريكية، اليابان، أندونيسيا، انكلترا، إيران... وستتوزّع هذه الأفلام على مسابقات الأفلام الطويلة والقصيرة، وأيضا على تظاهراته المختلفة، والتي جرت برمجتها بطرق أكثر بساطة لهذا العام. ورغم إبداء هذا المهرجان خلال دوراته السابقة اهتمامه بالسينما الشرق أوسطية، والأفلام الجدلية القادمة من هناك، أو المصنوعة عن طريق مخرجين من أصول شرق أوسطية، تأتي المشاركة العربية في هذه الدورة محتشمة، فعدد الأفلام المعروضة لا يتعدى الستة أو السبعة أفلام (منها أفلام قصيرة صورت فقط في العالم العربي عن طريق مخرجين غير عرب)، تعرض على التظاهرات المختلفة للمهرجان، ولا تشارك أيّ منها في المسابقات الرسمية.. حيث سيعرض فيلم المخرجة المغربية سعاد البوحاتي "فرنسية" ضمن برنامج "مستقبل مشرق"، والذي يركز الانتباه على الأعمال الأولى للمخرجين والمخرجات.. وسيعرض ضمن نفس التظاهرة فيلم المخرجة الفلسطينية نجوى نجار الأول "المر والرمان"، إلى جانب عرض أفلام المخرجين جوانا حاج توما وخليل جريح "بدي اشوف" والفيلم التسجيلي "خيام"، ضمن برنامج "الطيف"، وكذا فيلم المخرج اللبناني أكرم زعتري "الطبيعة الميتة" ضمن عروض الأفلام القصيرة لبرنامج "الطيف"، وفيلم "اس.ام.أس" للمخرج الأردني يحيى عبد الله ضمن البرنامج نفسه. وتبدو نوعية وعدد الأفلام المعروضة بعيدة كثيرا عن النشاط السينمائي العربي، وخاصة في السينما التسجيلية، فالأفلام التسجيلية مثلا والتي قدمها آخر مهرجان عربي سينمائي لعام 2008، وهو مهرجان دبي السينمائي، يصلح معظمها للعرض في هذا المهرجان، بسبب الأسئلة العميقة التي تقدّمها تلك الأفلام، عن الحياة وما تعنيه في هذا الجزء المضطرب من العالم، في العقد الأول من الألفية الجديدة. المهرجان الذي يعتبر واحدا من أهم خمسة مهرجانات سينمائية عالمية، يصنف أيضا، بأنه أحد أكبر مهرجانات السينما المستقلة في العالم، ويعرف عنه اهتمامه الكبير بسينما الدول الآسيوية والإفريقية، واحتفاؤه بالأعمال الأولى للمخرجين من كل أنحاء العالم. وإذا كانت معظم المهرجانات السينمائية العالمية، تكتفي بعرض الأفلام والندوات، وأحيانا تنظيم لقاءات بين السينمائيين والمنتجين أو إقامة سوق سينمائي، مثل مهرجان "كان" العالمي، يذهب مهرجان روتردام الدولي إلى خطوة أبعد من هذه المهرجانات، بمساعدته المادية في إنتاج أعمال سينمائية لمخرجين جدد، أو حتى لمخرجين معروفين.. فمنذ عام 1988 والمهرجان يساعد عن طريق مؤسسته " Hubert Bals Fund " مئات المشاريع السينمائية في بلدان العام النامي، على غرار فيلم "أحلام" للعراقي محمد الدراجي، و" 3 أشهر 4 أسابيع ويومان" للروماني كريستيان مونجيو، و"اوزاك" للتركي نوري بالج سيلن... وحصلت حوالي 600 فيلم آخر على مساعدات لاستكمال التركيب، التوزيع، كتابة السيناريو، كما حدث للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، والتي حصلت هذا العام على منحة مالية، للعمل على تطوير سيناريو فيلمها الروائي الأول القادم. إلى جانب ذلك يقوم المهرجان بتنظيم تظاهرة "سيني مارت"، لجمع المخرجين والسينمائيين مع المنتجين والموزّعين في لقاءات تستمر من الخامس والعشرين إلى التاسع والعشرين جانفي الجاري. التظاهرة التي عمرها خمسة وعشرون عاما، وصلت هذا العام إلى نجاح غير مسبوق، حيث تلقت إدارة المهرجان، حوالي خمسمائة مشروع سينمائي، تمّ اختيار 36 مشروعا فقط، ليتم التركيز عليها، من اجل تسهيل لقاءات لأصحاب هذه المشاريع مع شركات الإنتاج السينمائي والموزعين، والتي يمكن أن تثمر اتفاقات وتعاون سينمائي. التظاهرة، تتضمن أيضا ورش عمل ومحاضرات سينمائية. ويتضمن البرامج الرئيسية للعروض السينمائية خارج المسابقات الرسمية، البرامج التالية: "مستقبل مشرق" ، والتي تقدم أفلام المخرجين الجدد من كل أنحاء العالم، و"الطيف" التي تقدم بعض النتائج السينمائية المتميزة بأفكارها، وكذلك تقدم تظاهرة "الطيف" أفلام جديدة أو قديمة لمخرجين مكرسين، يعتقد المهرجان أن استعادتها من شأنه أن يعيد التذكير بالجدية أو المخاطرة التي ميزت تلك الأفلام،.. وتظاهرة الأفلام القصيرة، والتي تتضمن عرض عشرات الأفلام القصيرة من كل الاتجاهات الفنية، تظاهرة "الحجم مهم" وفيه تركز الانتباه على الأعمال تحاول أن تأسس لعصر ما بعد السينما بتجربتها وانشغالها بالتقنيات السمعية والبصرية، تظاهرة "الوحوش الجائعة "، والتي ستعرض مجموعة من أفلام الرعب والخوارق الشرق الآسيوية، تظاهرة "الأشياء الأولى أولا"، والتي ستقدم الأعمال المبكرة جدا لبعض المخرجين الكبار، ومنها فيلم للمخرج الدنماركي لاريس فان تيرز. كذلك سيخصص المهرجان واحدا من برامجه للسينما التركية الشابة، حيث سيعرض مجموعة من الافلام التركية لمخرجين شباب وبالإضافة إلى البرامج السابقة تشهد الطبعة أيضا تكريم عدد من المخرجين وعرض أعمالهم من بينهم المخرج والممثل وكاتب السيناريو البولندي »جيرزي سكوليموفسكي«، المخرج الايطالي " باولو بنفنوتي "، والسويسري " بيتر ليشتي "منهم ". وأخيرا وكجزء من تقليد جديد للمهرجان، يستعرض مجموعة من الأفلام التي تتناول حياة بعض من أساطير السينما، حيث سيعرض فيلم عن حياة المخرج الروسي الكبير "اندريه تاركوفيسكي".