تعزز المسار الوطني لمرافقة وتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدليل جديد لمكاتب الخبرة والاستشارة في مجال إدارة الأعمال أو "المانجمنت"، تستفيد منه المؤسسات الجزائرية في إطار دعم قدراتها التنافسية وانفتاحها الاقتصادي، في ظل التحولات والحركية التي تشهدها الجزائر المقبلة على الانضمام إلى المنطقة العربية للتبادل الحر وفضاءات اقتصادية أخرى إقليميه ودولية. وقد أكد السيد مصطفى بن بادة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية لدى إشرافه أمس على عملية تقديم هذا الدليل الذي أعدته مؤسسة "جي تي زاد" الألمانية بالتعاون مع مكاتب استشارية وطنية، وجاء في شكل كتيب وقرص مضغوط، أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية بدأت تحتل مكانة هامة في الاقتصاد الوطني بفضل مسار المرافقة والتأهيل الذي استفادت منه، ولا سيما من خلال برنامج "ميدا" مع الإتحاد الأوروبي الذي انتهى العام الماضي، وسمح حسبه في أول خطوة لتجميع التأطير المتخصص والخبرات الوطنية، من تحديد شبكة من الخبراء الوطنيين تم الاستفادة منها بنسبة 65 بالمائة ضمن برنامج "التقوية" (كونفور)، مثمنا في السياق عمل الشريك الألماني "جي تي زاد" الذي يأتي في إطار استكمال جهود السلطات العمومية لتأهيل المؤسسات الجزائرية وعصرنتها، ودعمها بأداة اتصالية وإعلامية تسمح لها بالاستفادة من الخبرة في مجال "المانجمنت" الذي يعتبر من أبرز المجالات التي ترتكز عليها حياة المؤسسة وتطورها، "فيما لازالت المؤسسة الصغيرة والمتوسطة الجزائرية تعاني من غياب التحكم في هذا المجال" على حد تأكيد السيد بن بادة. وقد سمحت فكرة إنشاء هذا الدليل الأول من نوعه على المستوى الوطني من جمع 252 مكتب خبرة واستشارة في مجال المانجمنت يشتغلون في نحو 70 نشاطا ومهنة وموزعين عبر 30 ولاية بمختلف جهات الوطن، وهي شبكة أولية دعا الوزير بن بادة إلى تحيين معطياتها وتعزيز تركيبتها بصفة دورية، حتى يتسنى للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا الجهات الوصية والأطراف الوسيطة على غرار غرف التجارة والجمعيات المهنية من الاستفادة منها بشكل فعال في عمليات ضبط الإطار الاقتصادي الجزائري والتدخل من اجل ترقيته. وقد أبرزت السيدة مونيكا إيوارسن الوزيرة المستشارة وممثلة سفارة ألمانية بالجزائر أهمية تعزيز مكانة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من اجل ترقية الاقتصاد الجزائري وتحقيق انفتاحه بشكل آمن وناجع، مشيرة بالمناسبة إلى أن 90 بالمائة من المؤسسات الألمانية عبارة عن مؤسسات صغيرة ومتوسطة وتساهم بنسبة 75 بالمائة في خلق مناصب الشغل في البلاد، بينما ذكرت السيدة روسلير رئيسة مكتب "جي تي زاد" بالجزائر من جهتها بمسار التعاون الذي يجمع هذه المؤسسة الألمانية بمختلف قطاعات النشاط الجزائرية منذ سنة 1974، ولا سيما منها قطاعات البيئة والتنمية المستدامة والموارد المائية. موضحة في سياق متصل بأن عملية إنشاء دليل مكاتب الاستشارة والخبرة في مجال المناجمنت بالجزائر، تندرج في إطار الاتفاقية التي وقعتها المؤسسة مع وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في جانفي 2007، والتي تهدف إلى تجسيد برنامج تطوير الاقتصاد المستديم "ديفاد" المرتكز على أربعة محاور رئيسية تشمل تقوية السياسات والاستراتيجيات المتبعة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، دعم الجمعيات المهنية ومنظمات أرباب العمل، تحسين خدمات الدعم المالي الموجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا ترقية الإبتكار لدى هذه المؤسسات وتطوير خدمات الدعم غير المالية على غرار التكوين والاستشارة. وضمن هذا المحور الأخير تم إنشاء دليل مكاتب الاستشارة في إدارة أعمال المؤسسات، الذي يأتي، حسب المتحدثة لتثمين وترقية الثروة البشرية التي تزخر بها الجزائر في مجال "المانجمنت" ويؤسس لإطار من الشفافية لهذه السوق غير المستغلة بشكل كاف رغم أهميتها. في انتظار تجسيد المرحلة الثانية من البرنامج الذي تدعمها "جي تي زاد" والمتضمنة تأسيس هيئة تنظيمية أو جمعية تضم كل مكاتب الإستشارة في "المانجمنت". على هامش تقديم الدليل الجديد لمكاتب الاستشارة في "المانجمنت" كشف السيد بن بادة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية أن مصالح قطاعه، تعمل بالتعاون مع جمعيات مهنية على إنهاء مشروع ميثاق الحكم الراشد "الذي يعد وثيقة تجمع جملة من المبادئ والأدوات والأفكار يلتزم بها أصحاب المؤسسات طوعا، في إطار العمل على تحسين وترقية أداء مؤسساتهم". وأوضح الوزير أن هذا المشروع الذي يؤسس لشراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص جاء بمبادرة من جمعيتين مهنتين، عرضته على الوزارة منذ نحو سنة ونصف، وقد استحسنت السلطات العمومية المبادرة وأنشأت لأجلها لجنة مشتركة تضم خبراء وطنيين ودوليين عملت على إعداد وثيقة الميثاق، وعرضها أمام المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في 4 ديسمبر الماضي، مشيرا إلى أن هذا الميثاق يجري الآن طبعه ليتم الإعلان عن بداية العمل به في الأسابيع القليلة القادمة. كما اعلن الوزير من جانب آخر أن برنامج "ميدا 2" الذي تم توقيعه في مارس 2008 مع الإتحاد الأوروبي لدعم ومرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية، سيدخل حيز التطبيق في غضون شهر مارس المقبل، بعد استنفاد كل الإجراءات والعمليات التحضيرية للإشراف عليه، والتي تشمل تعيين مشرف عام للبرنامج ومشرف تقني من الجهتين.