* email * facebook * twitter * linkedin أرجع الدكتور عمار رخيلة، الخبير في القانون الدستوري، التوافد والتهافت المتزايد للراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، والذي وصل حتى نهار أمس، إلى 115 شخص إلى انتهاء عهد الاحتكار السياسي للمناصب الانتخابية، وعدم انحصارها على فئات محدودة مثلما كان في السابق، مشبها الوضع بما وقع في بلدان أوروبا الشرقية بعد انفتاح أنظمتها على الديمقراطية، فيما توقع أن تتم غربلة الوافدين عبر آلية 50 ألف توقيع وانحصار العدد في 8 أو 7 مترشحين، لا سيما وأن التوقيعات في قوائم الترشيحات تطبعها عادة ظاهرة التكرار في التوقيع على مستوى البلديات وشرط تمويل العملية لدى الضباط العمومين. ولا يرى رخيلة، في حديثه ل»المساء» أن ظاهرة التوافد الكبير للراغبين في الترشح لكرسي المرادية، حكرا على الجزائر «وإنما هي ظاهرة سبقتنا إليها بعض بلدان أوروبا الشرقية وإفريقيا، مباشرة بعد الانفتاح السياسي والخروج من الأنظمة الشمولية، التي كان يميزها الاحتكار في الترشح للمناصب الانتخابية بمختلف أنواعها، حيث ظل منحصرا على فئة معينة فقط دون الأخرى». وواصل محدثنا قائلا إنه «منذ بداية الحراك الشعبي تعمق هذا المفهوم أكثر وتوسع بفعل تكريس مفهوم المساواة والانفتاح»، ما جعله يتوقع أن يرتفع عدد المترشحين إلى غاية 25 أكتوبر القادم، أي آخر أجل لغلق عملية ايداع ملفات الراغبين في الترشح للرئاسيات 12 ديسمبر القادم إلى حدود 160 أو 200 شخص. وفي رده على سؤال خاص بقدرة الراغبين في الترشح على جمع 50 ألف توقيع بعد أن تمكنوا من تجاوز شرط «الشهادة الجامعية» التي لا تعد عقبة حقيقية في ظل انتشار التعليم في بلادنا، أكد الخبير في القانون أن « شرط 50 ألف توقيع من الناخبين يشكل عقبة حقيقية سيواجهها الراغبون في الترشح للرئاسيات، سواء تعلق الأمر بالشخصيات المتحزبة أو غير المتحزبة، «إذ ستكون هذه الأخيرة امتحانا عسيرا عليهم»، مستدلا في هذا الإطار بما يقع في «سوق التوقيعات الذي يطبعه استعمال المال ومنح توقيعات متكررة للمترشحين»، موضحا أن الصلاحيات الممنوحة للسلطة المستقلة للانتخابات، سيترتب عنها شطب وإسقاط أي توقيع متكرر، لاسيما وأن العملية تتم باستعمال تكنولوجيات الإعلام الآلي ما سيفرز في الأخير قائمة صغيرة للمترشحين. وما يثبت هذا الطرح حسب رخيلة هو أن طبيعة التوقيعات الخاصة باستمارات الترشح تتم هذه المرة في إطار مضبوط، بمعنى على مستوى البلديات أو لدى الكتاب العمومين كالمحضرين القضائيين والموثقين، وهو ما يتطلب أموالا يدفعها المترشح لتحرير تلك الاستمارات بالنسبة للصنف الثاني من التوقيعات، «الأمر الذي لن يكون في متناول جميع من اعلنوا ترشحهم لحد الآن». وأوضح المتحدث أن الفترة المتبقية وإجراءاتها ستفرز آليا من لديهم القدرة فقط على دخول السباق الانتخابي وتقصي غيرهم، متوقعا أن يبقى في السباق «بعض الأسماء البارزة - حتى وإن كانت مرفوضة من قبل جزء من الحراك بحكم الإمكانيات التي تتوفر عليها، حيث ذكر في هذا الشأن كل من علي بن فليس، عبد العزيز بلعيد وعبد المجيد تبون، في انتظار ظهور متنافسين بارزين في الأيام القليلة القادمة». أما عن الغرض الأساسي من لجوء المشرع الجزائري إلى إدراج شرط الشهادة الجامعية، ما دام أن هذا الشرط لم يقض على ظاهرة التوافد الكبير للراغبين في الترشح قال الدكتور رخيلة، إن ذلك مرتبط بحرص الدولة الجزائرية على تفادي وجود راغبين في الترشح «أميين وغير قادرين على الكتابة والقراءة، وهي حقيقة أثبتتها التجارب الماضية»، «ليضيف أن هذا الشرط لم يكن كافيا لفرز أسماء في مستوى الانتخابات الرئاسية، «إلا القلة القليلة جدا». والسبب حسبه هو أن «الشهادة الجامعية لا تعكس بالضرورة المستوى السياسي و»الكاريزما» والحنكة والقدرة على إقناع الناخبين. واستدل في هذا السياق بوجود قيادات بارزة في الحياة السياسية الجزائرية لم يكن لها رصيد أكاديمي عالي ولا حاملة لشهادات، ورغم ذلك أثبتوا قدرتهم الكبيرة والواسعة في لعب أدوار في الحياة السياسية، حيث كانوا عصاميين ومحنّكين»، وذكر كمثال على هؤلاء «مصالي الحاج وأحمد بن بلة ومحمد بوضياف، والكثير من قادة الثورة والمسؤولين الذين كانوا يملكون قدرة على التفاوض مع المعسكر الشرقي والغربي على حد السواء دون أي عقدة نقص، حيث نجحوا في المهمات التي أوكلت لهم خلال تلك الحقبة».