* email * facebook * twitter * linkedin رشحت مصادر أوروبية أمس، اشتداد اللهجة بين الولاياتالمتحدة وفرنسا على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الداعية إلى إعادة النظر في آلية اتخاذ القرارات داخل الحلف الأطلسي الذي قال بأنه دخل مرحلة "الموت السريري" بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب التوقف عن تخصيص أموال ضخمة من الخزينة الأمريكية لضمان الدفاع عن الدول الأوروبية. وعرض السفير الفرنسي في أكبر هيئة عسكرية عالمية أمس، قائمة مطالب للنظراء بهدف القيام بإصلاحات في تسيير أكبر حلف عسكري يربط ضفتي القارة العجوز والعالم الجديد، ولكنه بدأ يفقد بريقه بعد انهيار المعسكر الشيوعي وازداد تراجعا منذ وصول الرئيس الأمريكي الحالي إلى كرسي البيت الأبيض، والذي لم يخف نيته بإعادة النظر في العلاقات العسكرية بين بلاده والدول الأوروبية المنضوية تحت مظلة هذا الحلف. وكانت انتقادات الرئيس الفرنسي، قوية باتجاه الحليف الأمريكي إلى درجة جعلت كاي بايلي هيتشيزون السفيرة الأمريكية في الحلف لا تخف امتعاضها وقالت إنها غير موافقة تماما على الطرح الذي قدمه الرئيس ماكرون". وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي في نفس اليوم الذي انطلقت فيه أشغال جلستين داخل حلف "الناتو"، شارك فيها كاتب الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خصصت الأولى لتحضير قمة الحلف بالعاصمة البريطانية لندن في الرابع ديسمبر القادم، بينما خصصت الثانية لبحث المسائل الإستراتيجية وخاصة في مجال الفضاء الذي يريد الحلف جعله مجاله المستقبلي لضمان أمن بلدانه وخاصة في ظل الصعود العسكري اللافت للصين التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى ثاني أكبر ميزانية دفاع في العالم، وأبانت عن طموحات عسكرية قوية لاحتلال مكانة لها في الفضاء الجوي. وقال مسؤولون فرنسيون بعد هذه التصريحات إنه يتعين على باريس أن تجدد تأكيد تمسكها بحلف الناتو كقوة دفاع مشتركة ولا يمكن الاستغناء عنه والاقتناع بأنه لن تكون هناك سياسة دفاع أوروبية قوية من دون حلف أطلسي قوي في تأكيد على الدور الأمريكي في هذا المجال. ويبدو أن خرجة الرئيس الفرنسي كانت نشازا مقارنة بمواقف الدول الأوروبية الأخرى التي أكدت أن رد الفعل المنطقي يبقى الحرص على إبقاء الشريك الأمريكي مرتبطا بأوروبا وبأي ثمن وبقناعة أن المقاربة العسكرية الأمريكية التي تعتبر الصين وروسيا بمثابة منافسين للقوة الغربية هي نفسها التي لدى بروكسل. وأبدى مسؤولون أوروبيون مخاوف من أن يستغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قمة العاصمة البريطانية لشن حملة ضد الرئيس الفرنسي تماما كما فعلها خلال آخر قمة للناتو عندما تعمد "إهانة" المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي اتهمها بعدم تقديم تمويل كاف للجهد الدفاعي المشترك وتساهم بدلا من ذلك في دعم الترسانة الحربية الروسية من خلال إبرامها لعقود ضخمة لشراء الغاز الروسي في إشارة إلى أنبوب نقل الغاز الرابط بين حقول الغاز الروسية وألمانيا والمعروف باسم "ستريم 2" والذي عمل الرئيس الأمريكي على عرقلة إتمام عملية إنجازه. ولكن الرئيس الفرنسي لم يبد مخاوفه تجاه رد فعل الرئيس الأمريكي المعروفة عنه مواقفه الجريئة متوقعا محادثات مثمرة معه. وحسب ملاحظين، فإن قمة لندن ستخصص في جانب كبير من أشغالها إلى مسألة اقتسام الأعباء الدفاعية في وقت لا تريد ألمانيا أن تنعت بصفة التلميذ غير المثابر بخصوص هذه المسألة بصفتها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا. يذكر أن الرئيس الأمريكي قالها وأعادها مرارا بأن بلاده لن تبقى خزينة عمومية للدفاع عن الدول الأوروبية وراح يهدد في كل مرة بإعادة النظر في علاقة بلاده مع الدول الأوروبية معها في حال لم ترفع نسبة اشتراكها في ميزانية حلف الناتو إلى 2 بالمائة من إجمالي نفقاتها العسكرية.