ينظم المركز الوطني للأبحاث الانثرولوجيا والاجتماعية والثقافية بالتعاون مع مؤسسة فنون وثقافة يوما دراسيا حول عميد المسرح في الجزائر محي الدين بشطارزي، وذلك في ال 18 فيفري الجاري بالمسرح الوطني الجزائري. وستشهد التظاهرة مشاركة العديد من الأساتذة المختصين في الفن الرابع وكذا عددا من الفنانين الذين عاشروا الرجل وتتلمذوا على يديه. يذكر أن الفنان من مواليد 15 ديسمبر 1897م بحي القصبة بالجزائر العاصمة، بدأ ولعه بالمجال الفني منذ صغره، وكانت البداية بترتيله للقرآن الكريم وإنشاده للقصائد الدينية. لفت انتباه المفتي بوقندورة، الذي استحسن صوته وأعجبه ترتيله للقرآن الكريم وإلقاؤه للقصائد، فطلب منه أن ينضم إلى الجامع الجديد كمقرئ وهو لم يبلغ بعد من العمر الثماني عشر سنة. بعد ذلك قدمه المفتي إلى ثلاث أساتذة وهم: الشيخ محمد بن قبطان، الشيخ بن شاوش، ومحمد لكحل. وفورا بدأ بشطارزي بالعمل معهم في إنشاد القصائد، ولقب بسيد مقرئ (باش حزاب). عند حضور الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس إلى العاصمة الجزائرية في إحدى زيارته لفت انتباهه قراءته الجيدة وصوته العذب وطلب منه الحضور في جولات إلى شرق البلاد بصفته باش حزاب. وللإشارة فإن هذه الجولات لم تنقص عزيمته في مساعدة والده في التجارة والانتظام في دروسه بالمدرسة العصرية. لحق الأستاذ محي الدين بشطارزي ببعض أعمدة الموسيقى الكلاسيكية للقرن التاسع عشر ومنهم: المعلم موزينو، لاهو سيرور، يافيل. وهذا الأخير هو الذي قدمه لجمعية المطربية التي نمى فيها معرفته الموسيقية حين تعرف على مشاهير الموسيقى الكلاسيكية آنذاك. عام 1919م قام المفتي بوقندورة بتشجيعه للقيام بتسجيل اسطوانة في الإنشاد الديني لصالح شركة جرامافون. صوته العذب وإرادته القوية وحبه للإنشاد والغناء بشكل عام جعله يسجل ابتداء من هذا العام أكثر من 70 اسطوانة إضافة للعديد من الأمسيات والحفلات الغنائية عبر التراب الوطني والدول المجاورة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا، أما تسجيلاته بصفة عامة فبلغت 400 تسجيل لغناء كلاسيكي وديني ووطني. عام 1923م استلم مهام إدارة جمعية المطربية، والتي فيها قام بإنشاء أول خلايا مسرحية جزائرية في التاريخ، وعلى يد هذه الجمعية وهو مديرها تخرج أشهر الممثلين الجزائريين أمثال: كلثوم، علالو، ماري سوزان، لطيفة، مريم فكاي... إلخ. بالنسبة للمسرح فقد قام الأستاذ بشطارزي بإنشائه وبمساعدة رشيد قسنطيني وعلالو حسب مواصفات جزائرية في قالب كوميدي واقعي. خلال سنوات 1940م - 1950م أدار فرقة الأوبرا الجزائرية، والتي من خلالها حاول دفع هذه الفرقة إلى تقديم أعمال وتحريكها من الجمود عبر الإذاعة وعبر المسارح بحضور الجمهور. بعد الاستقلال استلم إدارة الكونسيرفاتوار الوطني بالعاصمة ولمدة 7 سنوات، وقام بإنشاء ذاكرة له عبر وثائق ومخطوطات للنشر بالتنسيق مع دار النشر "سناد" ورغم كبر سنه إلا أنه كان آنذاك يشارك بمهام أخرى لجمعية الفخارجية. توفي الأستاذ محي الدين بشطارزي يوم 06 فيفري 1986م بالعاصمة الجزائرية عن عمر 88 سنة ودفن بمقبرة القطار.