* email * facebook * twitter * linkedin طالب نواب البرلمان العراقي أمس، الحكومة بالإسراع في اتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لوضع حد لتواجد قوات أجنبية في بلادهم، حاثين إياها على البدء بإنهاء العمل بالطلب الذي سبق لها ووجهته للمجموعة الدولية لمساعدتها عسكريا على التصدي للخطر الإرهابي الذي شكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على النظام العراقي منذ سنة 2014. وقال رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي إن نواب البرلمان صادقوا خلال جلسة طارئة حضرها الوزير الأول العراقي عادل عبد المهدي أمس، على قرار ملزم للحكومة من أجل السهر على حماية السيادة العراقية، والعمل على إلغاء طلبها من المجموعة الدولية مساعدتها في مواجهة الخطر الإرهابي. ولم يكن من الصدفة أن تتعالى أصوات عراقية ملحة على إخراج القوات الأمريكية من بلدهم بعد الغارة الجوية التي أودت بحياة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وهم الذين استنجدوا بها للتدخل عسكريا من أجل دحر الخطر الذي شكله تنظيم "داعش" على شعبي هذين البلدين على مدار السنوات الخمس الأخيرة. واتفقت مختلف الكتل البرلمانية، خاصة الشيعية منها، على طرح القضية - المعضلة في مناقشة مفتوحة خلال جلسة تم نقلها لأول مرة على التلفزيون العراقي، حيث تم الاتفاق في ختامها على طرد القوات الأمريكية من البلاد وإنهاء الاتفاقية الموقعة معها. ووضع هذا المسعى أحزابا سياسية أخرى، منها سنية وكردية، في موقع حرج بعد أن اعتبرت تلك التي دعت إلى مناقشة هذه القضية الهامة، كل تأجيل للنظر فيها أو التصويت ضدها خيانة للشعب العراقي بما يستدعي إصدار قانون يقضي بوضع نهاية لتواجد 5200 عسكري من قوات المارينز الذين قررت الولاياتالمتحدة الاحتفاظ بهم في هذا البلد. وإذا كانت هذه المسألة قد فرضت نفسها بإقدام الطيران الحربي الأمريكي على اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وعشرة من أقرب مساعديهما، فإن للسلطات التنفيذية العراقية من رئاسة وحكومة وجيش مواقف قد لا تكون بالضرورة متناسقة مع قرار النواب الذي قد يضر بالمصالح العراقية في المنطقة ومع دولة بحجم الولاياتالمتحدة التي شكلت أكبر حليف لها منذ بداية الألفية. واستدعت وزارة الخارجية العراقية أمس، ماثيو تويلر السفير الأمريكي في بغداد للتنديد بانتهاك بلاده للسيادة العراقية بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني حيث تم إبلاغه بأن العمليات العسكرية غير الشرعية التي نفذتها طائرات حربية أمريكية أعمال مرفوضة من شأنها أن تدفع إلى تصعيد خطير في كل المنطقة. ووجدت السلطات العراقية في ظل التجاذبات الحاصلة في المنطقة نفسها هذه الأيام في مأزق حقيقي بخصوص التوفيق بين مصالحها مع الولاياتالمتحدة وعلاقاتها مع إيران الأمر الذي وضعها في موقف لا تحسد عليه. وزاد استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدسالإيراني من حدة القلق في أعلى هرم السلطة في بغداد حول إيجاد المقاربة الأنجع لموازنة قراراها بين واشنطن وطهران لأنها في النهاية ستكون أكبر خاسر فيما تحول العراق إلى ساحة حرب بين هاتين الدولتين. وتعد هذه المرة التي تصطدم فيها السلطات العراقية بهذه المعضلة التوفيقية لحماية مصالحها خاصة بعد أن أصبح لإيران دور محوري في محاربة الإرهاب الذي شكل خطرا داهما على بقاء النظام العراقي منذ ظهور تنظيم "داعش" الذي خلف تنظيم القاعدة الإرهابي في المنطقة العربية. وهو الدور الذي قبلته الإدارة الأمريكية منذ سنة 2014 على مضض لقناعتها بعدم قدرتها على مواجهة الخطر الداعشي لوحدها، الأمر الذي جعلها تدعو إلى تحالف دولي في العراق وسوريا لصد الخطر الأمني الذي فرضه هذا التنظيم على دول المنطقة. وعرفت السلطات الإيرانية كيف تستغل الضعف الأمريكي في هذه المهمة مستغلة في ذلك امتداداتها الطائفية والعقائدية مع شرائح واسعة من السكان الشيعة الأمر الذي جعلها تنشئ مليشيات الحشد الشعبي التي أبانت عن نجاعتها في مواجهة الخطر الإرهابي وتمكنها بعد ذلك من إدماج عناصرها في صفوف الجيش النظامي العراقي وشكل ذلك أكبر مكسب تحققه إيران في العراق.