بسم اللّه الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين حضرات السيدات والسادة، لعشر سنوات خلت، في أفريل 1999، قرر الشعب الجزائري توشيحي بثقته، ثم جدد لي العهدة في أفريل 2004. لذا، يأبى عليّ الواجب إلا أن اتقدم بجزيل الشكر والعرفان لتلك الجموع من الرجال والنساء التي شرفتني أيما تشريف بمقتضى اختيارات مارستها بكل سيادة وفي كنف الديمقراطية والتعددية. لقد اجتهدت ما اجتهدت من أجل إشاعة السلم وإقراره والنهوض بأسباب المصالحة الوطنية. فها نحن، بعون اللّه وبفضل وعي الشعب الجزائري كله، قد أعدنا الأمن والسلم إلى حد كبير عبر ربوع الوطن، وما ذلك إلا لأننا اتخذنا الإجراءات التي أصدرناها في إطار الوئام المدني وعززناها بالميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية، ففتحنا بذلك الباب على مصراعيه امام الذين جنحوا لكي يعودوا إلى جادة الصواب، ومن ثمة إلى أحضان شعبهم معززين ومتمتعين بجميع حقوق المواطنة وبفضل ذلك ايضا تغلبت شجاعة وعزيمة قوات الأمن، وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، على الهمجية الفتاكة التي مازال بعض المارقين المتمادين في العنف والإجرام يلجؤون إليها، لقد استطاعت الجزائر أن تواجه بذلك، تحديا أكبر، وأعني به التحدي الذي فرضته المصالحة الوطنية وإصلاح ذات البين بين أبنائها ومصالحة الجزائريين مع وطنهم الجزائر. أجل، استطاع الشعب الجزائري رفع هذا التحدي، وأعلن مرتين بمطلق سيادته وبأغلبيته الساحقة، رغبته في الوئام والمصالحة. وهي بفضل اللّه تعالى رغبة وطنية جامحة تغلبت على جميع ما تبادر، هنا وهناك من شكوك وتردد ومكنتني من تنفيذ سياسة المصالحة تلك، عملا بالصلاحيات التي خولني الشعب إياها لما أودع أمانة قيادته بين يدي. وهكذا سعيت إلى تطبيق أحكام الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية تطبيقا واسعا، والتأليف بين قلوب الجزائريين وجمع شمل الأسر المنكوبة من جراء المأساة الوطنية وتوليها بالرعاية من دون إقصاء. حضرات السيدات والسادة، كان ثاني انشغال حداني هو وضع حد لعزلة الجزائر في الساحة الدولية، ذلك لأن بلادنا كانت، مثلما هو معلوم، محل حصار غير معلن. وهاهي الجزائر عادت إلى الساحة بالفعل، ساحة العالم العربي كعهده بها، لكي تضطلع بدورها كطرف نشط فاعل يعتد برأيه ويسمع له، ويضطلع بتمام واجباته، طرف ليس له من هم آخر سوى أن يرى الأمة العربية تستعيد حقوقها حسا ومعنى، وأن يرى صفوفها تتجاوز مغبة الانشقاق والتشرذم. إن الدور هذا تضطلع به الجزائر بنفس اليقين وذات الإرادة في إطار الأمة الاسلامية. والكل يعترف بدورالجزائرالبارز على الساحة الافريقية وبتضامنها الفعلي مع البلدان الافريقية. إنها تضطلع بدور نشط فعّال من أجل النهوض بقارتنا الافريقية، وذلك عبر الاتحاد الافريقي وفي اطار الشراكة الجديدة من أجل تنمية افريقياNEPAD. وتربطنا بأوروبا اتفاقية شراكة تحدد علاقتنا مع هذه القارة، معاهدة أتاحت تطور تعاوننا معها في سائر الميادين. وقد توسعت هذه العلاقة بحيث صارت تشمل الاتحاد من أجل المتوسط، هذا الاتحاد الذي سنواصل انضواءنا فيه، من دون التنكر لمبادئنا والتزاماتنا، وعلى الخصوص منها إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. ومع بقية العالم، تسعى الجزائر إلى ترقية حقوقها الاقتصادية وتواصل مفاوضاتها من أجل الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وفق شروط تخدم تنميتنا الوطنية. وتضطلع الجزائر بدور نشط في كافة المداولات التي تخص المجموعة الدولية كلها وتشارك في المباحثات المتعلقة بإصلاح منظومة الأممالمتحدة الذي يتطلع إليه الجميع. حضرات السيدات والسادة، إن الأولويات التي ذكرتها لم تحد بنا عن الاضطلاع بالمهمة ذات الأولوية المتمثلة في استكمال عملية إعادة إعمار بلادنا وتعزيز دعائم دولتنا وسيرها. لقد حشدنا، على امتداد عشر سنوات، جميع مواردنا العمومية وشجعنا الاستثمار الخاص الجزائري منه والأجنبي في جميع المجالات ومن ثمة، سجلنا، قرابة 250 مليار دولار تم استثمارها ومن بينها زهاء 160 مليار دولار من الاستثمارات العمومية في مختلف القطاعات، وذلك على الخصوص لتلبية حاجات المواطنين الاجتماعية منها والاقتصادية. لقد تسنى تخفيض نسبة البطالة التي كانت تقارب 30 ? في عام 1999 إلى ثلثها في غضون السنوات العشر الماضية لتصير أقل من 12 ?. وقد شهت بلادنا منذ يناير 1999 إلى ديسمبر الفارط، توظيف قرابة ثلاثة ملايين ونصف المليون من المستخدمين في الإدارات ومختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع الفلاحي والورشات العديدة التي تم فتحها عبر البلاد، إلى ذلك ينبغي أن نضيف، في غضون نفس العقد، أكثر من مليونين ونصف المليون من المناصب المماثلة من خلال مختلف الآليات التي استحدثت لمحاربة البطالة. وفيما يخص تلبية الحاجات الاجتماعية للمواطنين، شهدت العشرية العديد من المنجزات في مجالات السكن والهياكل المدرسية والجامعية والهياكل الصحية، وكذلك فيما يخص توسيع شبكات توزيع الغاز والكهرباء والماء الشروب، وفيما يخص النقطة الأخيرة، أود أن اقتصر على التذكير بتسليم 39 سدا جديدا، بالتزامن مع الإطلاق الفعلي لبرنامج تحلية مياه البحر. وعلى الصعيد الاقتصادي، أطلقنا برنامجا عموميا كبيرا للتنمية أردفه استثمار العاملين الجزائريين والأجانب، طوال العشرية الماضية، أمن نموا متوسطا خارج المحروقات بلغت نسبته حوالي5 ? وفاق 6 ? في السنتين الماضيتين. من هذا الباب، تم إحداث قرابة 120.000مؤسسة جديدة من صغيرة ومتوسطة خلال السنوات الخمس الأخيرة. أن هذا المجهود المبذول في إعادة البناء الوطني مصحوبا على الدوام بالإصرار على تخليص بلادنا من التبعية المالية للخارج وبالحرص على تطهير المالية العمومية في الآن نفسه. إن مديونية البلاد الخارجية تم تقليصها من أكثر من 29 مليار دولار عام 1999 إلى أقل من 5 ملايير دولار حاليا، بينما تقل المديونية العمومية الخارجية عن 500 مليون دولار بالموازاة مع ذلك توصلنا إلى توفير مخزون من الصرف تجاوز حاليا 140 مليار دولار وهو ما يمكننا من مواجهة الأزمة المالية الدولية مع توخي الحيطة والحذر حقا، لكن دون تخوف بالنسبة لمواصلة جهودنا التنموية. لقد سعينا دوما لضمان استقرار قدرات الميزانية العمومية، الأمر الذي يتجلى اليوم من خلال توفير الدولة أكثر من 4.000 مليار دينار في صندوق ضبط الإيرادات في حين نزلت المديونية العمومية الداخلية من حوالي 1.800 مليار دينار إلى ما يقارب 700 مليار دينار اليوم كل هذا سيساعد بلادنا على مواجهة السنوات العجاف التي أقبلت مع انخفاض إيرادات المحروقات التي ما انفكت تشكل الجزء الأكبر من إيرادات الدولة. حضرات السيدات والسادة، الكل يعلم أن مستقبل بلد ما لا يمكن أن يتوقف على مؤسسات الدولة وحدها فضلا عن رجل واحد. أن المستقبل هذا يجب أن يتكفل به الشعب الذي ينبغي أن يضمن ترسيخ القيم والخيارات الأساسية للبلاد ويخوض معركة البنا ء الوطني بكل ما يمتلكه من طاقات، وأن يرجح إرادته الكاملة، بحكم انه صاحب السيادة في تحديد المستقبل الذي يريده لنفسه ويعمل على تحقيقه. إن تعديل بعض بنود الدستور الذي صادقت عليه مؤخرا أغلبية البرلمان إنما يندرج ضمن هذه الروح. فبالإضافة إلى الخيارات الأساسية الواردة فيه، يمكن هذا التعديل من تعزيز وتوطيد صلة الجزائر بتاريخها، وإبراز مكانة المرأة في بلادنا بوجه ملموس، وتحقيق تجانس أكبر بين مختلف دواليب السلطة التنفيذية كما يؤكد سيادة الشعب بلا منازع في اختيار من يرتضيهم لتولي أموره. حضرات السيدات والسادة، كان لزاما عليّ، ونحن قاب قوسين أو أدنى من الانتخاب الرئاسي، أن استظهر أمام الأمة كلها ما اضطلعت به مما وكلتني عليه في 1999 ثم في 2004. لقد كان من حقي المشروع أن أعتبر أنني أديت ما كان عليّ في خدمة الوطن، ذلك أنني تشرفت بالمساهمة في تحريره ثم بخدمته بعد استرجاع الاستقلال في منصاب عليا إلى جانب رفاقي في السلاح وبعد كل ذلك، آل إليّ شرف تولي مهمة القاضي الأول في البلاد طيلة عقد بكامله وفي ظروف كانت بالغة الصعوبة في بعض الأحيان. كان يتناهى إليّ من مختلف أصقاع الوطن ومختلف فئات الشعب نداء يلح عليّ بمواصلة هذه المهمة، هذا النداء يشرفني أيما تشريف بطبيعة الحال، وإذ أشكر كل الذين رفعوه إلى مسامعي خالص الشكر، فإنني أقدرجسامة وصعوبة ما يرجى مني. إنني أتوجه بأجزل الشكر إلى أحزاب التحالف الرئاسي والمنظمات والجمعيات الوطنية بتفرعاتها واختصاصاتها ومنظمات أرباب العمل والمجتمع المدني وجميع المواطنين والمواطنات الذين آثروني على أنفسهم واستجابوا لهذا النداء واستمدوا منه موقفا وجهروا به صريحا مدويا. سيتفهم الجميع أنه كان من الصعب عليّ أن أصم عن مثل هذا النداء الملح، أو أن أُوَلِيّ الأدبار ناكثا ما تعاهدنا عليه إلى الأبد، أنا وأغلى رفاقي الأمجاد، شهداء ثورة أول نوفمبر 1954 المباركة. وقد يكون ذلك موقفا من الصعب اتخاذه أمام المجاهدين الذين مازالوا على قيد الحياة، لأننا ننتمي إلى جيل يؤمن بلزوم تجسيد ما جاء في نداء أول نوفمبر 1954 بحذافيره. وقد يكون ذلك بالدرجة الأولى سلوكا يتعذر عليّ معنويا الأخذ به امام الشعب الذي وسمني بثقته ومساندته في أربعة اقتراعات عامة، أي في الانتخابين الرئاسيين عامي 1999 و 2004 وفي استفتائي الوئام المدني والمصالحة الوطنية. ذلكم هو، بالذات، ما دعاني إلى أن أوطن نفسي، بعون اللّه على الترشح للانتخاب الرئاسي الذي سيجري في شهر أفريل المقبل، وذلك بصفة المترشح المستقل. ومن ثمة أكون قد أديت واجبي المعنوي وللشعب الخيار في إصدار قراره بكل سيادة وديمقراطية، من خلال انتخاب أفريل المقبل الذي سيتم، ولا ريب، في نطاق الحرية والشفافية التامة. حضرات السيدات والسادة، واذا أولاني الشعب الجزائري ثقته مرة أخرى، فإنني أعتزم مواصلة الجهد الجاري بذله. لقد قطعت الجزائر شوطا طويلا على درب التقويم الوطني في غضون العقد الفارط، ولكن مازال علينا أن نواصل السير طويلا أن نحن أردنا أن نحصن بلادنا من الأزمات تحصينا محكما، وإن أردنا حقا وصدقا أن نضمن للأجيال الآتية تنمية ورفاهية حتى تكون في مأمن من كل ما قد يطرأ من إحداث. فضلا عن ذلك، فان الظرف الاقتصادي العالمي الراهن وتبعاته في شتى مناطق العالم، في مواجهة نظام دولي مختل وجائر، يذكرنا بأن مستقبل وطننا لن يكون سوى نتاج مجهود جماعي حقيقي وأن مآل وطننا لن يكون هو الآخر، سوى ثمرة إرادتنا وتضحياتنا. وخلال الأسابيع التي تفصلنا عن الاقتراع، سوف تتاح لي الفرصة لكي أتطرق بالتفصيل للسبل والوسائل التي اقترح على الأمة الأخذ بها لمواصلة وتأكيد المسار الذي خضته بمعيتها ولأجلها منذ 1999. إنني أتعهد، أولا، بمواصلة ترقية المصالحة الوطنية ومصالحة الجزائريين مع أنفسهم ومع وطنهم. بطبيعة الحال، سنواصل التصدي لشرور الإرهاب بكل ما أوتينا من الإمكانيات والوسائل، لكن الباب سيبقى مفتوحا أمام كل ضال يرغب في العودة إلى سواء السبيل. إن ترقية الديمقراطية والدفاع عنها هي قضية كل الفاعلين السياسيين إنها كذلك قضية كل مواطن وكل مواطنة عقد العزم على الدفاع عن حقوقه وحرياته، بينما يؤول الأمر إلى مؤسسات الدولة لكي تضطلع بدورها كحكم نزيه، من أجل فرض تطبيق قوانين البلاد والامتثال لها. أن ديمقراطيتنا ستتعزز بفضل فتح مجال أوسع أمام المرأة التي تشكل نصف الهيئة الناخبة. وإنني لأعتزم العمل على تجسيد الأحكام الدستورية الجديدة المتعلقة بترقية مكانة المرأة في المجالس المنتخبة. وسيتم العمد إلى التشريع في هذا النطاق من أجل القيام بالخطوات الأولى في هذا الاتجاه. بعدها، سيكون في مقدور النساء تعزيز مكانتهن على الساحة السياسية، بفضل التزامهن ووجودهن وحتى بفضل قوة أصواتهن، مما سيمكن الجزائر من الاستفادة من إسهامهن تمام الاستفادة. أن تصالح الجزائريين فيما بينهم ومع وطنهم، سيتم، كذلك، بالاستناد إلى هويتنا وأصالتنا. لأجل ذلك، وبعد أن بذلت جهدي لترقية المكونات الثلاث للهوية الوطنية، فإنني أنوي مواصلة هذا الجهد. إن التعديل الدستوري يلزم الدولة بواجب اضافي يتمثل في ترقية كتابة التاريخ الوطني وتعليمه للأجيال الناشئة. حضرات السيدات والسادة، يتعلق تعهدي الثاني بمواصلة عملية اصلاح الحكم في جميع الميادين، ومن ثم تعزيز سلطان القانون. أجل، لقد تمت مباشرة إصلاحات هيكلية في شتى القطاعات، على غرار قطاع العدالة. ورغم جسامة الأزمة التي عشناها، فان هيبة الدولة قد استعيدت وسيتم تعزيزها أكثر، لكن تأكيد سلطان القانون يشكل تحديا يقتضي المساهمة الفعالة من جميع افراد المجتمع الجزائري الذي يعاني اليوم من انحرافات تسيء لنا جميعا والتي يتعين إتخاذ إجراءات للقضاء عليها. حضرات السيدات والسادة، أما التعهد الثالث والأخير، الذي أبيت إلا أن أقوم به امام الشعب ابتداء من اليوم، فهو ذلك الذي يتعلق بمواصلة مجهود تنموي اقتصادي واجتماعي مكثف. بإمكان الجزائر، لأول مرة منذ استقلالها، أن تتطلع إلى الحفاظ على انطلاقتها التنموية،رغم أزمة اقتصادية عالمية حقيقية لا سبيل إلى تجاهلها. لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بمزيد من التأخر عن اللحاق بالركب العالمي الذي يمضي قدما. انه لمن الأهمية الحيوية بالنسبة لنا تثمير إمكانياتنا ومكسباتنا على الوجه الأوفى للقضاء على العجز المسجل على المستوى الاجتماعي بمختلف أوجهه، لكن، كذلك ، لبناء اقتصاد منوع يدرّ علينا إيرادات تضاف إلى مداخيل المحروقات. ستستمر الدولة في تعبئة مواردها بصورة مكثفة أكثر في خدمة تنمية البلاد، وإنني لأنوي رفع هذا الالتزام إلى ما يعادل 150 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مع مواصلة حشد الاستثمارات المحلية والأجنبية في الوقت ذاته. سنواصل جهودنا للتخفيف من أزمة السكن، بل القضاء عليها، ونعزز في الوقت نفسه، وبشتى الحوافز تطور الترقية العقارية حتى يكون في مقدور المواطنين امتلاك سكناتهم. وسنواصل المعركة ضد البطالة بفضل برامج الاستثمار العمومية وترقية الاستثمار الاقتصادي في كافة المجالات، زيادة على الآليات العمومية للمساعدة على التشغيل، في هذا المضمار، يمكننا أن نتوقع إحداث ثلاثة ملايين منصب شغل خلال السنوات الخمس القادمة، يتم نصفها من خلال آليات التشغيل المؤقت. وإذ سنبقي على وتيرة بناء المدارس، ومراكز التكوين المهني والجامعات، سنواصل تطبيق إصلاح منظومة التعليم الوطنية وتحديثها، فضلا عن ترقية البحث العلمي. كما سيتم بذل جهد ذي بال في مجال الصحة العمومية بفتح مستشفيات ومرافق صحية جديدة وسنستكمل في الوقت نفسه، إصلاح قطاع الصحة العمومية، من أجل شفافية أكبر تكون في خدمة المواطنين دائما وأبدا وأكثرهم حرمانا في المقام الأول. إننا سنبقي على السياسة الوطنية للعدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، مع السهر على مكافحة أشكال التبذير وعلى توجيه هذه السياسة، على نحو أفضل، تجاه أصحاب الحق في الاستفادة منها. وسندعم إنعاش القطاع الاقتصادي العمومي القادر على البقاء على أساس قواعد السوق والمنافسة. كما ندعم القدرات الوطنية على الاستثمار وإيجاد الثروات الحقيقية. وسنواصل تشجيع الاستثمار الأجنبي في بلادنا، في كنف مراعاة مصالح الاقتصاد الوطني وعلى أساس تقاسم الربح. بهذا الصدد، لا بد لي أن أقول بكل وضوح إنه من منطلق روح إصلاحاتنا والتزاماتنا الاقتصادية، وكذا على ضوء التطورات والأمثلة التي نشهدها اليوم في العالم، فإنني أعتزم السهر على تعزيز دور الدولة في مجال ضبط الاقتصاد حتى يندرج إسهام الاستثمار الجزائري والأجنبي حقا في خدمة تنمية بلادنا ويراعي التوازنات ومستقبل اقتصاد الجزائر. حضرات السيدات والسادة، سوف تتاح لي مستقبلا، إن شاء الله، فرصة الإستفاضة في شرح هذه الالتزامات العامة التي أعلنت عنها اليوم أمامكم، حتى يعلم الشعب على أي أساس يمنحني صوته إن كانت تلك رغبته التي سيعبر عنها بكل حرية. إنني أدعو بني وطني وبناته إلى التجند مجددا، ليس لصد تهديد ما يحيق بالبلاد، مثلما برعوا في ذلك براعة جديرة بالإكبار، بل لرفع تحديات صيرورة الوطن، تحديات استقرار يكون أكثر ثباتا على الدوام، ورفاها مستديما غير مرهون بتذبذب أسعار البترول. وأود أن أخص بهذا النداء، الشبيبة الجزائرية، داعيا إياها إلى تعزيز ثقتها في نفسها وفي وطنها حيث يكمن مستقبلها إذ لا وطن لها إلا الجزائر. إلى هذه الشبيبة أقول إن الجزائر تهديكم إمكانياتها وخيراتها، وإنني أضع تحت تصرفكم ما أملكه من إرادة وقدرة على البذل والعطاء. والجزائر تنتظر مقابل ذلك، حماسكم وطاقاتكم لخوض غمار النهوض بالبناء الوطني. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. عاشت الجزائر. أشكركم على كرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.