* email * facebook * twitter * linkedin في وقت فرضت فيه مختلف دول العالم حالة الحجر الصحي الشامل بعد استفحال خطر داء "كورونا"، أعلنت السلطات الصينية أمس، أنها لم تسجل لليوم الثالث على التوالي أي حالة إصابة محلية بهذا الوباء في إنجاز جعل منظمة الصحة العالمية تعتبر ذلك بشارة أمل لكل البشرية بقرب انزياح كابوس هذه الجائحة الذي جثم على نفوس الناس منذ بداية العام. وبقدر ما بعث هذا الخبر الارتياح في أوساط شعوب العالم التي لم يسبق لها أن واجهت وباء بمثل هذه الخطورة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف تمكنت دولة بتعداد 1,5 مليار نسمة من محاصرة هذا الوباء في مقاطعة واحدة ومنعت توسع رقعته إلى باقي مقاطعات البلاد الأخرى؟ فهل يتعلق الأمر فقط بخيار الحجر الصحي الذي فرضته على حوالي 60 مليون من سكان مقاطعة ووهان التي ظهر فيها الفيروس القاتل شهر ديسمبر الماضي أم أنها لجأت إلى إجراءات سحرية تمتلك هي وحدها أسرارها أم أنها وجدت وصفة دواء جنبها الكارثة وفضلت الاحتفاظ به لنفسها؟ وإذا كان الحجر الصحي إجراء وقائي يعرفه كل العالم ولم تخف بكين اللجوء إليه بمجرد ظهور أولى حالات الإصابة، فإن استعمالها للقاح ناجع يدفع إلى طرح سؤال آخر حول جدوى الاحتفاظ بسره والبشرية جمعاء في حاجة إليه؟ والأكثر من ذلك هل من مصلحة الصين التكتم عن هذا الدواء في وقت دخلت فيه كل مخابر القوى الكبرى صراعا حقيقيا ليكون لها سبق تجربته وتسويقه، إذا نظرنا إلى الموضوع من وجهة نظر تجارية محضة؟. ومما يزيد في طرح هذه التساؤلات، كون السلطات الصينية لا تفوت فرصة لتؤكد في بياناتها اليومية أنها لم تعد تسجل أي إصابات بالداء باستثناء 22 حالة سجلتها منذ نهار الجمعة، قدم أصحابها من خارج حدود البلاد. وهي نتيجة يمكن أن تدخل كتاب الأرقام القياسية بدليل أن الصين لم تعد تحصي سوى 269 حالة مؤكدة، بعد أن تعدى هذا العدد عتبة 81 ألف مصاب، شفي من بينهم 71 ألفا وتوفي 3255 شخصا، سبعة من بينهم توفوا أول أمس، الجمعة، وهو رقم لا يكاد يذكر إذا قارناها بالحالة الإيطالية التي أحصت أكثر من أربعة آلاف قتيل وآلاف المصابين، في وقت سجل فيه العالم أجمع أكثر من 11 ألف ضحية. وجعلت هذه الحصيلة الحكومة الصينية تصدر دليلا ضمنته إرشادات وقائية وضعها فريق الأطباء الذي شارك في علاج المصابين بالوباء، لتمكين الناس من الاستفادة من تجربتها في محاصرة واحتواء تداعيات "كوفيد-19". وعددت المطوية هذه الخطوات من غسل اليدين وفركهما ووضع الكمامات والقفازات والتخلص منها مباشرة بعد العودة إلى المنزل وصولا إلى طهي الطعام، مرورا بنزع الساعة وخواتم اليدين وغسلهما مباشرة بعد العطس والسعال وقبل الأكل وبعده مع الابتعاد عن المصافحة وعدم لمس الحيوانات وتعقيم الهواتف المحمولة والمفاتيح. وإذا حق لنا تسمية الأرقام الصينية المسجلة ب«المعجزة" والباعثة على الأمل إلى درجة أنها جعلت تيدروس غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يسمها كذلك، فهل معنى ذلك أن بداية نهاية الكابوس قد حانت وأن أيام الفيروس أصبحت معدودة لتعود الحياة إلى طبيعتها؟ يذكر أن العالم سجل في آخر إحصائية أكثر من 279 ألف إصابة في 185 دولة، توفي من بينهم أكثر من 12 شخصا وشفاء 91 أكثر من حالة مؤكدة.