أجهضت حكومة الاحتلال الإسرائيلي أمس كل المساعي التي بذلها الوسيط المصري إلى حد الآن من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة وإعادة فتح المعابر أمام سكانه ورفع الحصار الذي فرض عليهم لقرابة العامين.واشترطت الحكومة الأمنية الإسرائيلية بإجماع وزرائها موافقتها على هدنة مع حركة حماس وإعادة فتح المعابر ورفع الحصار بضرورة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدى المقاومة الفلسطينية منذ جوان 2006 . وأكد ميير شتريت وزير الداخلية في الحكومة الأمنية الإسرائيلية والمتكونة من 12 وزيرا أن هذه الأخيرة قررت بالإجماع ربط مسألة إعادة فتح المعابر بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي. وقال المسؤول الإسرائيلي انه لا يعقل لأي احد التوصل إلى اتفاق عبر مصر أو لا مع حركة حماس دون الحصول على اتفاق للإفراج عن شاليط. وتكون الحكومة الأمنية الإسرائيلية قد أكدت الانقلاب الذي أعلن عنه الوزير الأول المقال ايهود اولمرت أول أمس عندما فاجأ كل المتتبعين بأن حكومته لن تقبل أبدا بالتوقيع على هدنة مع حركة حماس دون الحصول على التزام بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي. وهو القرار الذي أثار حفيظة الرئيس المصري حسني مبارك الذي استنكر مثل هذا التراجع في موقف إدارة الاحتلال إلى درجة أعطت الاعتقاد للسلطات المصرية أن مثل هذا الموقف يعد ضربة لمصر قبل قرار التهدئة وحتى حركة حماس. وكان الرئيس المصري وجه انتقادات لاذعة للقرار الإسرائيلي واتهم اولمرت بالتراجع عن التزاماته التي نقلها عنه غيلاد عاموس إلى الوسيط المصري ومدير مخابراتها الجنرال عمر سليمان. وقال الرئيس مبارك انه لا يمكن بأي حال من الأحوال ربط مسألة فتح المعابر وقرار وقف إطلاق النار بمصير الجندي الأسير. واعترف غيلاد عاموس أن السلطات المصرية أبدت شجاعة كبيرة في هذا الملف ومنحتنا هامشا واسعا للمناورة وأظهرت استعدادا كبيرا للتوصل إلى هذا الاتفاق. ولم يتأخر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية في التأكيد أن أي تهدئة مع حكومة الاحتلال لن تكون إلا مقابل رفع الحصار على قطاع غزة وفتح المعابر. وأضاف بعد لقاء مع الأمين العام لجامعة الدول العربية بالعاصمة السورية انه "يرفض كل خلط بين ملف التهدئة بمصير الجندي الإسرائيلي الأسير وأن ذلك يمثل موقف جميع فصائل المقاومة الفلسطينية. وحمل قيادي حركة حماس حكومة الاحتلال مسؤولية تعطيل الجهود المصرية للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة وقال أن إسرائيل تعطل تلك الجهود من خلال إضافة شروط في آخر لحظة ومحاولة خلط الملفات. وأكد مشعل أن تسوية ملف هذا الجندي ستتم في إطار مفاوضات منفصلة تخص أيضا إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين القابعين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي. وهو الموقف الذي عبر عنه نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أكد من جهته أن شرط إسرائيل يعتبر عقبة وان السلطة الفلسطينية تحذر من مخاطر منع التوصل إلى هدنة ووقف لإطلاق النار. وأصيب غيلاد عاموس مستشار وزير الدفاع ومسؤول المفاوضات مع حركة حماس عبر الوسيط المصري بخيبة أمل كبيرة بعد قرار ايهود اولمرت ووجه غيلاد عاموس انتقادات لاذعة باتجاه الوزير الأول الإسرائيلي المقال بسبب تنصله من مسوؤلياته واتهمه بشتم مصر من خلال موقفه المفاجئ. وقال المفاوض الإسرائيلي انه لم يعرف إلى حد الآن ماذا يريد هذا الأخير أن يفعله باتخاذه لمثل هذا الموقف؟ مستنكرا قرار اولمرت بربط مسالة الهدنة وفتح المعابر بمصير الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. واتهم حكومة الوزير الأول الإسرائيلي بالتعامل مع المصريين وكأنهم يشتغلون لصالح إدارة الاحتلال وقال "انظروا ماذا يحدث من حولكم فالغليان بلغ أوجه في كل المنطقة في إشارة إلى المسيرات الصاخبة التي شهدتها عواصم دول المنطقة مستنكرة عمليات الإبادة التي تعرض لها سكان قطاع غزة طيلة ثلاثة أسابيع. ولم يستبعد متتبعون أن يصيب هذا الانقلاب في موقف إدارة الاحتلال العلاقات المصرية الإسرائيلية بجمود قادم بعد أن شعرت القاهرة أنها طعنت في الظهر من طرف إدارة احتلال لم تعد تؤتمن.