لم يكشف المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي في الصحراء الغربية كريستوفر روس الكثير عن مضمون المحادثات التي أجراها مساء أول أمس مع الملك المغربي محمد السادس وباقي المسؤولين المغربيين بهدف بعث مسار المفاوضات المتعطلة منذ أشهر بين جبهة البوليزاريو والمغرب قصد تسوية القضية الصحراوية. واكتفى المبعوث الأممي الذي حل أمس بمخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف في ثاني محطة له ضمن جولته المغاربية بوصف المهمة التي جاء من أجلها إلى المنطقة بأنها "تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لمستقبل شمال إفريقيا" من دون أن يدلي بأي تعليق على محطته الأولى بعدما اعتبر انه من السابق لأوانه الحكم عليها. وأكد روس في تصريح صحفي بعد لقائه بالملك محمد السادس بمدينة فاس المغربية انه سيبذل ما في وسعه لتسوية هذا الملف بروح من الصراحة والاتزان والتفاؤل والاحترام. وتكون طبيعة مهمة روس الذي يسعى إلى إعادة تفعيل مسلسل المفاوضات المعطل بين البوليزاريو والمغرب منذ تسعة أشهر قد حتمت عليه عدم الإكثار من التصريحات خاصة وان متتبعين اعتبروا أن الدبلوماسي الأمريكي جاء إلى المنطقة بهدف استقراء المواقف والاستماع إلى وجهات نظر طرفي النزاع حيال استئناف العملية التفاوضية. لكن المؤكد أن روس يكون قد سمع نفس الخطاب الذي اعتادت الرباط على تكراره عندما يتعلق الأمر بمعالجة ملف الصحراء الغربية والمتمسك بمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع الذي عمر لأكثر من ثلاثة عقود. وأجرى المبعوث الأممي مباحثات مع الأمين العام لجبهة البوليزاريو الرئيس محمد عبد العزيز لينتقل بعدها إلى الجزائر ثم إلى مدريد وباريس باعتبارهما عاصمتي دولتين فاعلتين في مسار تسوية آخر مستعمرة في القارة الإفريقية. وتزامنا مع جولة روس المغاربية جدد كاتب الدولة الاسباني المكلف بالشؤون الخارجية أنخيل لوسادا دعم اسبانيا لجهود الأممالمتحدة ولتنفيذ قرارات مجلس الأمن من أجل إيجاد حل للنزاع بالصحراء الغربية. وقال المسؤول الاسباني لدى زيارته الى العاصمة المغربية نهاية الأسبوع أن "اسبانيا ما فتئت تدعم جهود الأممالمتحدة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن" معربا عن ثقته في أن يعطي التغيير في ادارة الولاياتالمتحدةالأمريكية دفعا للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو من اجل أن يتم تسجيل تقدم في مسار التسوية وفقا للوائح الأممالمتحدة". كما اعتبر كاتب الدولة الإسباني زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة في حد ذاتها "عنصرا إيجابيا" وتعهد بتقديم الدعم اللازم لمساعدته على النجاح في مهمته. وجاءت زيارة كاتب الدولة الاسباني إلى الرباط بالتزامن مع جولة المبعوث الأممي إلى المنطقة وهو ما يفتح الباب أمام طرح التساؤل إن كانت زيارته مجرد صدفة أو أن اسبانيا تعمدت إرسال مسؤوليها إلى الرباط بهدف تجديد موقفها الخفي والداعم للطروحات المغربية بشأن تسوية القضية الصحراوية. ثم إن تصريح لوسادا جاء في ظاهره متطابقا مع تصريحات رئيس الدبلوماسية الاسبانية ميغال أنخيل موراتينوس الذي نفى مؤخرا أن يكون بلده قد غير موقفه من مسألة الصحراء الغربية لصالح المغرب وقال إن "موقفنا لم يتغير واسبانيا تدعم دائما حلا يقوم على مبدأ حق تقرير مصير الشعب الصحراوي بحرية". وتعبر تصريحات المسؤولين الإسبان عن الجانب الظاهري لموقف مدريد من النزاع الصحراوي والذي يتسم بالغموض ويخفي مواقف مبنية على أساس تقديم المصالح على حقوق شعب اغتصبت أرضه عنوة وبقوة الحديد والنار. وتعتبر صفقات الأسلحة التي وقعتها مدريد مع الرباط والتي تم من خلالها تجهيز الجيش المغربي على طول جدار العار الذي يفصل بين جزئي الصحراء الغربية بالعتاد العسكري من أبلغ الأدلة على دعم اسبانيا للطروحات المغربية. وتكون مدريد بذلك قد داست على مسؤوليتها الأخلاقية في هذا النزاع بصفتها القوة الاستعمارية التي يتعين عليها أن تقف بجانب الشعب المغتصبة حقوقه بدلا من التظاهر بالحياد السلبي وهي في الحقيقة تقف الى جانب النظام المغربي ولولا ذلك لما استمر هذا النزاع كل هذه العقود.