يشرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اليوم، السبت، بولاية بسكرة، على افتتاح أشغال أول ندوة وطنية للتجديد الفلاحي والريفي تعقد منذ الاستقلال، كما سيقوم بزيارة ميدانية إلى الولاية لمتابعة مدى تقدم عملية إنجاز مشاريع التنمية. وتعد هذه الندوة نقطة تحول في مسار تطوير القطاع، وتكمن أهميتها في كونها ستجمع لأول مرة كل المعنيين في القطاع من سلطات عمومية وفلاحين ومنتجين وصناعيين وأرباب العمل، وينتظر ان يحضر فيها أكثر من خمسة آلاف مشارك يمثلون جميع مناطق الوطن. وتأتي هذه التظاهرة أيضا في سياق البحث عن حلول لمشكل تفكيك الأراضي الفلاحية وتهميش المناطق الريفية الذي كان السمة البارزة خلال العشرية السوداء التي عرفتها البلاد. وتتركز الأنظار على هذه الندوة باعتبارها أهم محطة في زيارة الرئيس بوتفليقة الى عروس الزيبان يشرف خلالها كذلك على تدشين ووضع حجر الأساس لعدة مشاريع تنموية في الولاية، ويترقب الفلاحون الكشف عن قرارات جديدة لفائدتهم على غرار ما تم الإعلان عنه لفائدة العمال خلال زيارة الرئيس بوتفليقة إلى ولاية وهران قبل أيام حين أعلن عن زيادة في الأجر الوطني الأدنى المضمون خلال اجتماع الثلاثية المنتظر تنظيمه قبل نهاية العام. ويدور الحديث في بسكرة عن إمكانية الإعلان عن مسح للديون المتراكمة، والخروج باقتراحات من شأنها عن تذليل الصعاب التي تواجه الفلاح اليوم مثل توفير الأسمدة، والوقود بالنسبة لمناطق الجنوب وأقصى الجنوب. وحسب مصالح الإعلام لرئاسة الجمهورية فان الرئيس بوتفليقة سيلقي خطابًا مطولاً يتطرق فيه الى العديد من القضايا ذات صلة بالقطاع. وبادرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الى عقد هذه الندوة من أجل فتح نقاش موسع بين جميع الفاعلين قصد إيجاد حلول لجميع المشاكل التي تعترض النهوض بالقطاع خاصة وان كل الأطراف تتفق على هدف واحد وهو تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وما يجعل هذا الأمر أولوية في الوقت الراهن هو مؤشرات السوق العالمية، التي تنذر بأزمات مستقبلية تكون فيها جميع الدول أمام تحدي ضمان توازنها على جميع الأصعدة بما في ذلك الجانب المتعلق بتوفير الغذاء لمواطنيها. ويؤكد مسؤولون بوزارة الفلاحة تنقلوا إلى ولاية بسكرة للإشراف على التحضيرات المادية لهذه التظاهرة ان هذه الندوة تعد حصيلة سلسلة اللقاءات التي جمعت كافة الفاعلين في القطاع الفلاحي، وحصيلة مجموعة الإجراءات الهامة والبرامج المختلفة التي مست القطاع بهدف النهوض به وعصرنته وخاصة برنامج تقوية القدرات البشرية والمتابعة التقنية، وبرنامج دعم التجديد الريفي، والمشاريع الجوارية للتنمية الريفية المندمجة، إضافة الى استحداث نظام ضبط المنتجات الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع، وتبني قانون التوجيه الفلاحي. كما هي كذلك ثمرة حصيلة عمل متواصل ومشترك بين الوزارة المعنية وكافة الفاعلين في القطاع من فلاحين، ومديريات المصالح الفلاحية، والغرف والتنظيمات المهنية على غرار كل من الديوان الجزائري المهني للحبوب، والديوان الوطني المهني للحليب، إلى جانب كل من الغرفة الوطنية للفلاحة والحركة الجمعوية الناشطة في عالم الفلاحة والريف من أجل إرساء سياسة راشدة ومحكمة. وشرعت وزارة الفلاحة مؤخرا في رسم سياسية جديدة لدعم القطاع تمثلت في إمضاء عقود النجاعة للتجديد الفلاحي والريفي والتي ترمي إلى تحقيق الأمن الغذائي للجزائر وعصرنة القطاع وفق معايير الدول المتقدمة وهذا من خلال التحول من بلد مستهلك إلى بلد منتج في أفق 2014. كما اتخذت الحكومة إجراءات تحفيزية لصالح الفلاحين تتمثل في استحداث ما يعرف بالقرض "الرفيق". وللإشارة فقد قامت الوزارة الوصية في النصف الثاني من الشهر الماضي بالتوقيع على عقود النجاعة التي تربطها مع ممثلي 48 ولاية عبر الوطن (مدراء المصالح الفلاحية ومحافظي الغابات)، وتم الإمضاء عليها في لقاءات جهوية احتضنتها كل من سيدي بلعباس، وقسنطينة، وورقلة تيزي وزو والمدية. ويرتقب ان يثير المشاركون في الندوة موضوع في غاية الأهمية بالنسبة لمستقبل القطاع الفلاحي بالجزائر ويتعلق الأمر بقضية التحولات المناخية علما ان الجزائر تقع في موقع جاف وشبه جاف، ويشكل الموضوع في الوقت الراهن أحد التحديات الواجب رفعها واستباق الحلول لتجنب تأثيراتها. زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى عروس الزيبان لن تكون مقتصرة على الإشراف على ندوة التجديد الفلاحي، ولكن ستكون كذلك لتدشين ووضع حجر الأساس للعديد من المشاريع التنموية في مجالات الفلاحة والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والشباب والرياضة والصحة والتربية الوطنية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والموارد المائية والسكن. من المرتقب ان يتم تدشين مستثمرة فلاحية تابعة لأحد الخواص، ومركز ثقافي بسيدي عقبة ووضع حجر الأساس لانجاز مركز خاص بالمهارات الشبانية في كرة القدم، وفي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي سيشرف رئيس الجمهورية على تدشين 6 ألاف مقعد بيداغوجي بكلية العلوم الاقتصادية والأدب والهندسة المعمارية بجامعة بسكرة، وسيتدعم قطاع البحث العلمي بالولاية بمركز بحث علمي وتقني حول المناطق الجافة والشبه جافة تحمل اسم صاحب رائعة "من أجلك عشنا يا وطني" الشاعر عمر البرناوي الذي وافته المنية قبل أيام. إضافة الى إعطاء إشارة انطلاق تجسيد مشروع إنشاء حزام أخضر على محيط بسكرة يرمي الى حمايتها من زحف الرمال. كما سيشرف الرئيس بوتفليقة على تدشين قاعات للعلاج ومركز للجراحة الاستعجالية، إضافة الى مشاريع سكنية من شأنها أن تساهم في التخفيف من أزمة السكن بالمنطقة. وعرفت ولاية بسكرة تحسبا لهذه الزيارة حركية غير عادية، فإلى جانب تسارع وتيرة انجاز المشاريع التنموية خرجت العديد من التنظيمات والأحزاب السياسية الى الشارع رافعة شعارات ولافتات تعكس موقفهم المساند لترش السيد بوتفليقة للموعد الرئاسي القادم. وسارع الاتحاد الولائي للاتحاد العام للعمال الجزائريين الى إخطار جميع النقابيين بضرورة انجاح الزيارة والتوجه بقوة الى الشارع الرئيسي للولاية للمشاركة في الاستقبال الشعبي.