من منا لا ينشد الديمقراطية وهل هناك مجتمعات لا تريد ممارسة الديمقراطية؟ في الحقيقة لا يمكن في عصرنا هذا نتحدث عن احترام وصيانة حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الرأي والصحافة بدون أن تكون هناك ديمقراطية. يبقى فقط كيف تمارس هذه الديمقراطية، لأن الأنظمة الحديثة لتنظيم المجتمعات فننت أساليب وطرق ممارسة في شكل مجالس تمثيلية منتخبة تنوب عن المواطنين في ممارسة شؤون الحكم من أبسط مستوى إلى أعلاه. فلا يعقل أن يكون كل البشر على وجه الأرض أعضاء في مجالس تمثيلية، كما لا يمكن أن يكونوا كلهم رؤساء دول، وبالتالي فإن الاختيار يقع على أناس يكونون محل ثقة ليتحدثوا باسمهم ويمثلونهم أحسن تمثيل. وهنا يطرح بإلحاح حق المواطن في الانتخاب ليس لكونه واجبا وكفى وإنما لممارسة هذا الحق الديمقراطي لاختيار من يمثله ومن يتكفل بكل انشغالاته أحسن تكفل. ونحن على أبواب موعد الاستحقاق الرئاسي يجد المواطن نفسه أمام حتمية لا مفر منها، وهي أن يكون حاضرا بكل حزم وإصرار وعدم الاتكال على غيره.. لأنه عندما يؤدي واجبه وينتخب لا ينتخب لغيره من أجل فلان أو فلان وإنما ينتخب لنفسه ويمارس حقه في اختيار الشخص المناسب الذي يمثله وينوب عنه في كل شؤونه. فلا مجال للاتكالية في مثل هذه المواعيد إذا أراد المرء أن يحسن الاختيار وحتى لا يلوم غيره على اختيارهم، فالأجدى أن يقرر المرء مصيره بيده وأن لا يترك الآخرين يقررون بدلا عنه في الأمور المصيرية، خاصة إذا تعلق الأمر بانتخاب القاضي الأول في البلاد.