حذّر الخبير في علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي لليون بفرنسا، الدكتور مكي عبد المؤمن، في حوار مع "المساء" من استمرار ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا في الجزائر، واحتمال تسجيل أزيد من آلف إصابة يوميا مالم تشدد إجراءات الوقاية. واعتبر شروط الحجر والعوامل الخارجية الأخرى تدابير ثابتة ينبغي الاستمرار في فرضها، مستبعدا حدوث مناعة القطيع وطنيا، كون هذه الوضعية تلازم حالة تجاوز نسبة الإصابات ال50 بالمائة من تعداد الساكنة، فيما أشار إلى أن جميع الحالات التي تتشابه فيها الأعراض مع أعراض الأنفلونزا تعتبر إصابات بكورونا مؤكدة. المساء: عدد الإصابات في الجزائر يتسارع يوميا إلى أين تتجه الأمور برأيكم؟ الدكتور مكي عبد المؤمن: حسبما لاحظنا خلال الأسبوع الأخير، لا شيء يوحي بأن الإصابات ستتراجع أو تستقر، هي تتجه نحو عتبة الألف حالة يوميا لأن الإصابات ترتفع بالمائات كل أسبوع. مع بداية شهر أوت القادم، ربما تتوسع رقعة الوباء إلى ولايات أخرى، بالشكل الذي حدث في الولايات التي تعرف ارتفاعا كبيرا في انتشار الفيروس كسطيف والبليدة والعاصمة وتيبازة والوادي وغيرها من الولايات التي يتسارع فيها المرض بشكل كبير جدا. ومناطق عديدة مرشحة للانتقال من الخانة البرتقالية إلى الخانة الحمراء. س : ماهي الأسباب التي تجعلكم تتوقعون زيادة في الإصابات في المستقبل القريب؟ ج: الأسباب التي أدت إلى تسجيل الزيادات اليومية في عدد الإصابات تتمثل في العوامل الخارجية، وهي كل ما يتعلق بظروف الحجر الجزئي والترخيص للنشاط على مستوى بعض المرافق التي لا يحترم فيها المواطنون شروط الوقاية كمراكز البريد والأماكن العمومية والمتاجر والمحلات بمختلف أنواعها مع وسائل النقل الجماعية، التي يبدو أن مخططات تسييرها بعد الترخيص لعودة نشاطها تم الدوس عليها تماما، حيث ثبت عدم تطبيق المخططات التوجيهية لسير الأنشطة التي وضعتها الحكومة، بشكل واضح ولم تحترم سوى في محيطات ضيقة جدا، فالازدحام والتدافع يصنع يوميات الجزائريين بعد الرفع الجزئي للحجر، وهو ما يجعلنا نقول إن السبب وراء هذه الزيادة هي تصرفات المواطنين وعدم احترامهم لسلسلة الوقاية. س: الكثير من الأطباء سجلوا في الفترة الأخيرة، وفيات عند حالات لم تظهر عليها أعراض حادة، عكس الإصابات التي كانت تسجل في بداية ظهور الفيروس، فهل طرأ تغيير جيني على الفيروس؟ ج : لا يمكن القول إن الفيروس طرأت عليه تغيرات أو يتجه نحو حالة الطفرة المميتة، إلا إذا تمت مقارنة عدد الإصابات التي سجلت بولاية البليدة في بداية ظهور الفيروس وتلك التي سجلت في الفترة الأخيرة، بذلك يمكن أن نصدر حكما كهذا.. في نظري الفيروس لايزال محافظا على نفس الحدة والخطورة ولا يجب التعامل معه بأنه ليس مميتا وليس خطيرا بالدرجة التي كان عليها في السابق. س: إذن، ما تفسيركم لتسبب أعراض الإصابات الخفيفة في حالات وفاة في الفترة الأخيرة ج: كل الإصابات الحالية لها أعراض شبيهة بأعراض الزكام وهي عبارة عن إصابات بكوفيد 19، لأن موجات الأنفلونزا لا يمكن أن تسجل خلال الصيف.. كما يوجد عدد من المتوفين من الفئات التي تعاني من أمراض مزمنة وبالتالي فإن مقاومتهم للفيروس تتحطم في المرحلة الأولى ما يؤدي إلى وفاتهم. س: عدد الإصابات اليوم يتجه نحو عتبة الآلف ما رأيكم؟ ج : أعتقد أن الإصابات في الجزائر يمكن أن تكون أكبر، لأن بعض المواطنين يتكتمون عن المرض وهناك من يحمل الفيروس ولا تظهر عليه أعراض حادة. س: هل يمكن أن تحدث مناعة القطيع وتتخلص الجزائر من المرض في أقرب الآجال؟ ج: لا يمكن أن نتحدث عن مناعة القطيع إلا إذا كانت نصف الساكنة بين حاملة للفيروس ومتعافية منه، أي 24 مليون شخص في حالة الجزائر، وهو العدد الكافي الضامن لتوفير المناعة الجماعية أو ما يعرف في علم الفيروسات بمناعة القطيع، حيث تكون الأجسام المضادة متغلبة على الفيروس. كما أن الأمر لا يمكن أن يحدث ما دامت ولايات بأكملها لم ينتشر فيها المرض بشكل مماثل لتلك التي سجلت بولايات البليدةوالجزائر العاصمة وسطيف. مناعة القطيع أمر ليس سهلا والتحكم في الوضعية خطير للغاية.. لهذا تبقى الوقاية تمثل أحسن الأسلحة لمواجهة الوباء . س: ما هو الحل في نظركم لتحييد الوباء خلال الصيف والتحضير الجيد للدخول الاجتماعي المقبل؟ ج : قلت وكررت أنه كان لابد من تطبيق الحجر الصحي بحراسة أمنية مشددة منذ بداية الوباء، وليس عيب تأمين الوضع الصحي بالاستعانة بقوات الجيش لردع التسيب واللامبالاة التي لا تزال وراء الارتفاع الهائل في عدد الإصابات.. ليس عيبا أن تفرض القوة والردع من أجل الصالح العام.