قدم المركز الثقافي الإسلامي بالجزائر، بالاعتماد على تقنية البث المباشر محاضرة بعنوان "صيف طفلك في ظلّ الوباء" نشطها الأستاذ سعيد بن يحيى بهون علي، باحث في أدب الأطفال وثقافتهم أستاذ محاضر بجامعة بومرداس، سلّط فيها الضوء على أهم المفاتيح التي ينبغي للأولياء الاستنجاد بها في ظل استمرار الجائحة ليستمتع أطفالهم بعطلة مريحة حتى وإن كان ذلك في المنازل. استهل المختص في أدب الطفل الأستاذ بوهون، مداخلته بالقول إنّ الأسرة الجزائريّة في السنوات الماضية تعوّدت على تقاسم أعباء رعاية الأبناء خلال الإجازات الصيفيّة مع مؤسّسات تربويّة صيفيّة، وأنشطة ثقافيّة تنظّمها الجمعيات، ومخيّمات كشفيّة تتخلّلها رحلات استجمام ورحلات أسريّة بين الشواطئ والحدائق والغابات غير أنّ صيف هذا العام الذي جاء في ظروف استثنائية في ظلّ تداعيات وباء كورونا، وما خلفته الجائحة من تعطيل الأنشطة العامّة، وتقييد حركات التنقّل، وملازمة البيوت، والحذر الشديد من التقارب والاحتكاك بين الأشخاص، ترتّبت عنه ضغوط نفسيّة متزايدة، خاصة مع طول مدّة الوباء وغياب أفق الانفراج الذي نتج عنه الاستمرار في حجر الأطفال بين جنبات البيوت، فأصبحت الحاجة ملحّة إلى مرافقة الآباء والأمّهات بتوجيهات عمليّة لتأطير أبنائهم خلال هذه العطلة الصيفيّة غير العادية". وحسب بوهون، فإنّ أهم ما ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار انّ جمهور الأطفال ليس متجانسا سواء من حيث أنماط الشخصيّة، ومن حيث الجنس، وكذا الفئات العمريّة واختلاف الاهتمامات والاستعدادات، فإنّه يتعيّن على الأولياء الاجتهاد في البحث على وصفات متعدّدة تبعا لمعايير الاختلاف الموجودة عند كلّ طفل بالأسرة الواحدة، فإن نجحوا في ذلك فإنّ هذا يعدّ من أهم المفاتيح التي تسهّل على الأولياء تمكين كل أبنائهم من الاستمتاع بالعطلة حتى وإن كان ذلك في المنزل". من جهة أخرى، أوضح المحاضر أنّه يتعيّن على أيّ مرافقة تربويّة أسريّة في ظلّ الإجازة الصيفيّة المزاوجة بين الإفادة والإمتاع، مع الحرص على التنويع بين معارف تثقيفيّة نفسيّة وصحية ذات صلة بالوباء، وبين فنون مهاريّة فكريّة ويدويّة، لافتا في السياق إلى أهمية المشاركة الوالديّة لاهتمامات الأطفال لما لها من تأثير وجدانيّ عميق، وتعزيز لشعور الثقة والأمن، والمتعة والأنس لديهم، مشيرا "مهما تكن جدوى الأنشطة المبرمجة للأطفال في البيوت، فإنّ عامل المرونة والتكيّف مع المستجدّات والأمزجة يبقى حاسما في فعاليتها والاستمتاع بها، وقال "بقدر ما يصابر الآباء والأمّهات بروح التفهّم والتجاوز مع قلق الأبناء ومشاكساتهم، وبثّ الإيجابيّة والتعايش والتسامح بقدر ما كانت هنالك فائدة ونكون بذلك قد استثمرنا في الجانب الايجابي للوباء". على صعيد آخر أوضح المحاضر، أنّ ما ينبغي الحرص عليه عند اختيار الأنشطة والبرامج للأبناء هو التوافق مع الرغبات والاهتمامات قدر الإمكان، وهذا لا يتحقّق إلاّ بالسعي المتواصل لاكتشاف ميولهم واستعداداتهم، وما أودع الله فيهم من مواهب وقدرات يعدّ مطلبا أكيدا وحاسما في تحقيق الإشباع والإمتاع. ويختم الأستاذ بهون، بالتنبيه والتحذير من مغبّة تعريض الأبناء لوسائل الإعلام دون وعي وترشيد، يضاف إلى ذلك ما أتاحته شبكات التواصل من ألعاب وعلاقات تنذر بمستقبل بالغ الخطورة على حياتهم وأمن أسرهم ومحيطهم، وبالمناسبة هنّأ أطفال الجزائر في عيدهم الوطني مؤكدا "لا زال ينتظرنا عمل كبير لحمايتهم فكريّا وصحّيا، والسعي نحو ترقية فرص التنشئة الآمنة والمتوازنة، وهي مسؤولية تتقاسمها الأسرة مع مختلف الأطراف ذات الصلة".