حملت الزيارات الميدانية التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى ولايات الوطن في الأيام الماضية البشرى للعديد من فئات الشعب، ولا سيما الشباب والعمال والفلاحين، الذين استفادوا من إجراءات جديدة لتحسين أوضاعهم الإجتماعية والإقتصادية، على غرار رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، ومنحة الطلبة والشباب المزاول للتكوين ومسح ديون الفلاحين وتدعيم شبكة الحماية الإجتماعية. وقد جاء القرار الأول المتضمن رفع مستوى الأجر الوطني الأدنى المضمون، والذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة خلال زيارته لوهران، بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كاستجابة لأبرز الانشغالات التي ظلت تراود الجبهة العمالية في الجزائر، والتي ما انفكت تطالب بضرورة رفع مستواها المعيشي، في ظل الزيادات المتتالية التي عرفتها أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع. وقد أعلن السيد بوتفليقة في هذا الخصوص أن الأجر الوطني الأدنى المضمون المقدرة ب12 ألف دينار، ستتم مراجعته خلال اجتماع الثلاثية المقبل، متعهدا بأنه في حال الظفر بثقة الشعب خلال الانتخابات الرئاسية المقرر في التاسع أفريل القادم، سيعمل على رفع قيمة هذا الأجر الوطني مع توسيع نظام الحماية الاجتماعية ودعم فئة المتقاعدين بصندوق جديد. كما شملت تعهدات الرئيس بوتفليقة التي أعلن عنها في خطاب ال24 فيفري المنصرم، أعوان الدفاع الذاتي مؤكدا بأن الدولة لن تفرط فيهم وأنه سيتم إدماجهم قريبا، مع ضمان حقوقهم المهنية والمادية، وفي حين انتقد ما أسماه "الاستثمارات الطفيلية وعمليات الاستيراد التي لا تخدم مصلحة البلاد ولا تنميتها، أعلن عن إنشاء الصندوق الوطني للاستثمارات قبل نهاية الشهر الحالي واعتماد تخفيضات في تكاليف أسعار العقار والتمويل لفائدة المرقين العقاريين بهدف تخفيض سعر السكن الترقوي، مع السعي إلى انجاز برنامج جديد بمليون وحدة سكنية خلال الخماسي المقبل الذي رصد له 150 مليار دولار إضافية. ومن جانب آخر فقد حجز الرئيس بوتفليقة ضمن هذا المخصص المالي المقرر أن تستثمره الدولة لمضاعفة جهود دعم التنمية الوطنية التي باشرتها منذ 10 سنوات بفضل برنامج الإنعاش الاقتصادي وبعده البرنامج التكميلي لدعم النمو، نصيبا معتبرا لفئة الفلاحين الجزائريين الذين سيستفيدون من إجراء مسح ديونهم المستحقة للبنوك وكذا من دعم مالي لتغطية كافة الفروع الفلاحية، وحدد السيد بوتفليقة في خطابه مطلع الأسبوع المنصرم بولاية بسكرة، المعالم الكبرى لخطة إنعاش ودعم القطاع الفلاحي، والتي ضمنها في ثماني محاور رئيسية لتنفيذ تصور قادر على ضمان الأمن الغذائي، معلنا بالمناسبة عن مسح ديون الفلاحين والموالين المقدرة ب41 مليار دينار جزائري، ستقوم خزينة الدولة بشرائها، فيما يستفيد القطاع بشكل عام من قرابة 15 مليار دولار من أصل 150 دولار المقررة لدعم التنمية في الخمس سنوات القادمة. أما النقاط السبع الأخرى المتضمنة في خطة إنعاش القطاع الفلاحي وتحصين البلاد من تداعيات المخاطر المترتبة عن التبعية للاستيراد، فتشمل بالأساس دعم الدولة وإسهامها في تحمل تكاليف اقتناء البذور والشتلات والأسمدة، تخصيص مساعدة عمومية لاقتناء العتاد الفلاحي لصالح كافة أنواع الإنتاج الفلاحي وتربية الماشية، وعتاد الري مع توجيه هذه المساعدة حصرا لصيغة البيع بالإيجار للتجهيزات المصنعة محليا، تشجيع الإنتاج المحلي للحبوب ومنح طابع الديمومة للأسعار المعتمدة في السنة الماضية بالنسبة لمحاصيل القمح والشعير مع تقديم سعر تحفيزي لجمع محاصيل الخضر الجافة، منح تحفيزات عمومية هامة لإنتاج الحليب ولإنتاج كافة الفروع الخاصة باللحم مع إنشاء مراكز التكاثر وتوفير العلف بأسعار مدعمة في حالات الجفاف، وكذا منح الدولة لمساعدات هامة للإنتاج الذي تدره بعض أنواع الأشجار المثمرة، ولا سيما منها إنتاج زيت الزيتون والتمور، ودعم القدرات البشرية بالاعتناء أكثر بتكوين المهندسين والتقنيين في الفروع والمهن ذات الصلة بالقطاع الفلاحي. من جانب آخر التزم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال زيارته نهاية الأسبوع إلى ولاية سيدي بلعباس بتحسين الظروف الاجتماعية لمستخدمي قطاع التربية الوطنية وللطلبة والشباب المزاول لتكوينه بمراكز التكوين والتعليم المهنيين، حيث اقر في هذا الإطار بالشروع بداية من الدخول الجامعي المقبل، في رفع منحة الطلبة الجامعيين الذين تجاوز تعدادهم المليون و100 ألف طالب، بنسبة 50 بالمائة، فضلا عن إقرار منحة دعم قدرها 12 ألف دينار شهريا لطلبة الدكتوراه ممن ليس لهم دخل، وهو الإجراء الذي سيتطلب لوحده رصد مخصص مالي متوسط يتجاوز 1440 مليون دينار سنويا. وفي سياق متصل تعهد رئيس الجمهورية مستخدمي منظومة التعليم الوطني، بتحسين ظروفهم الاجتماعية من خلال مراجعة نظامهم التعويضي، بعد الانتهاء من صياغة القوانين الأساسية الخاصة بهم، مع تكفل الدولة بإنجاز سكنات لفائدة هذه الفئة، وأقر من جانب آخر مراجعة شاملة لمنح الشباب المتكونين في مراكز التكوين والتعليم المهنيين، تشمل رفع قيمة المنحة المقدمة للمتكونين من 300 دينار إلى 2000 دينار، بينما سيتقاضى المتكونون الذين لم يستفيدوا من منحة التكوين المهني، منحة شهرية قدرها 500 دينار، وسيتم رفع منحة المتربصين في المستوى العالي من التكوين المهني بنسبة 50 بالمائة. وذكر الرئيس بوتفليقة بالمناسبة بأن الحكومة ستخصص قسطا معتبرا من موارد البرنامج التنموي المقرر للخماسي المقبل لإنشاء مناصب الشغل وامتصاص البطالة في أوساط الشباب، لا سيما من خلال تحريك وتفعيل مختلف الآليات الخاصة بالتشغيل والتي استحدثت في السنوات الأخيرة، حيث دعا الشباب الجزائري إلى البقاء متمسكا بوطنه والاستعداد للتحديات المستقبلية. والملاحظ أن كل هذه القرارات والإجراءات التي تعهد الرئيس بوتفليقة بتنفيذها في حال تجديد الثقة فيه من قبل الشعب الجزائري بمناسبة الاستحقاقات الرئاسية القادمة، تصب في مركز انشغالات كافة فئات المجتمع الجزائري، المتطلعة إلى تحسين أوضاعها الإجتماعية والاقتصادية. وفي حين أجمعت مختلف الفعاليات السياسية والمهنية على تثمين ومباركة هذه القرارات التي وصفت بالشجاعة على اعتبار أنها تتزامن مع ظرف عالمي مقلق بفعل ما قد ينجر عن تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، يرى العديد من الملاحظين أن إعلان الرئيس بوتفليقة عن هذه الاجراءات في زيارات رسمية، وخارج إطار الحملة الانتخابية التي سيشرع في تنشيطها تحسبا لرئاسيات التاسع أفريل المقبل، يضفي عليها مصداقية أكبر وصفة التجسيد المرتقب على اعتبار أن "وعد الرئيس أقوى من وعد المترشح".