❊ القضاء على "بقايا" العصابة والتصدّي ل "القوى المضادة" ❊ مهمة استعجالية للمسؤولين المحليين للتكفّل بنقاط الظل قبل نهاية السنة استحدث لقاء الحكومة الولاة المنعقد بحر الاسبوع الماضي، تصورا جديدا في تسيير الشأن العام، لاسيما من خلال المحاسبة وضمان متابعة المشاريع و تشخيص الاختلالات التي قد تحول دون تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية. فبخلاف لقاءات السنوات الاخيرة التي كثيرا ما اتسمت بالطابع الرسمي، والذي يسفر عن توصيات غالبا ما يكون مصيرها الأدراج، خرج هذا الاجتماع عن المألوف من خلال تبنّي خطاب الصراحة والانتقاد المباشر للمقصّرين في تنفيذ المشاريع التنموية، رغم التعليمات الصارمة التي أسداها الرئيس تبون، في اللقاء الأول المنعقد منذ 6 أشهر، موازاة مع الالتزام بتقديم الدعم الكامل للجماعات المحلية من أجل الاستجابة لانشغالات المواطنين. ولأول مرة استقطب لقاء الحكومة الولاة اهتمام المواطنين الذين رحبوا بالخطاب الصريح لرئيس الجمهورية، الذي لم يتردد فور انتهاء المهلة التي منحها للولاة لتجسيد الالتزامات التنموية، في محاسبة المتخلّفين عن تطبيق برنامج الحكومة، فضلا عن فتح تحقيقات للمتعمدين في عرقلة الجهود وإقالة بعضهم عشية عقد الاجتماع. وبذلك يكون الرئيس تبون، قد وفى بوعده بخصوص عدم التسامح مع كل من تسوّل نفسه اللعب بمصائر المواطنين، وهو الذي ألح في الاجتماع الأول على العمل للاستجابة فورا لأبسط ضروريات الحياة في مناطق الظل، حيث تعمّد آنذاك عرض شريط وثائقي يبرز مظاهر الحرمان والفقر، لكن يبدو أن ذلك لم يزعزع النفوس ولم تتخط مظاهر تأثر الحاضرين لمثل هذه الصور قاعة قصر المؤتمرات الذين عادوا إليها بعد 6 أشهر. غير أن هذه العودة صاحبها الكثير من الاستهجان، حيث لم يتردد رئيس الجمهورية، في معاتبة الولاة وعرض واقع الحال بمرارة وصراحة، متهما بعض الأطراف التي تحاول عرقلة الجهود بتكريس البيروقراطية وفق خلفيات سياسية هدفها إدخال الجزائر في الفوضى والبلبلة، لكن رد الرئيس تبون، كان واضحا عندما أكد أن قطار التغيير قد انطلق، مؤكدا أنه لن يتوقف عن القضاء على ما تبقى من العصابة والتصدي ل«القوى المضادة". ويمكن القول إن الرسالة قد وصلت للولاة لاسيما بعد التعليمات الموجهة لهم من أجل استخلاص العبرة، وعدم الوقوع في الأخطاء المسجلة من قبل بعض مسؤولي المجالس المنتخبة، حيث أبان الرئيس تبون، عن معرفته الكبيرة بخبايا التنمية المحلية بحكم تجربته السابقة في هذا المجال. ولم يخرج الوزير الأول، عن نفس منحى رئيس الجمهورية، في معاتبة المشاركين بسبب تأخر المشاريع في مناطق الظل، مشيرا إلى أنه لم يتم تسجيل سوى نسبة 10 أو 20 بالمائة من النتائج في الميدان، وأسهب في هذا الصدد في عرض الأسباب والخلفيات التي حصرها بالخصوص في "البيروقراطيين الذين يريدون عرقلة برنامج الرئيس والحكومة"، لاسيما على مستوى الإدارة، متوعدا هؤلاء بعدم التسامح مستقبلا من خلال المحاسبة. ولضمان سيرورة المتابعة في تجسيد المشاريع وجّه رئيس الهيئة التنفيذية، تعليمات صارمة للولاة من أجل تنفيذ ما هو مطلوب منهم، محددا مهلة قبل نهاية السنة لتغيير وجه نقاط الظل، مع إضفاء البعد الاستعجالي على المقترحات المنبثقة عن الاجتماع في طبعته الثانية بدل إدراج توصيات استشرافية. وكثيرا ما عقب الوزير الأول، على تدخلات المشاركين الذين ذكرهم ككل مرة بضرورة تقديم الملموس وفتح حوار مع المواطنين وأرباب العمل و المتعاملين الاقتصاديين، قبل تجسيد المشاريع التي تستجيب للاحتياجات الضرورية للمنطقة، في إطار الديمقراطية التشاركية التي يرافع عنها رئيس الجمهورية، علاوة على اعتماد ميثاق أخلاقي في الإدارة لإحداث القطيعة مع الحوكمة القديمة. وبلا شك فإن لقاء الحكومة بالولاة في طبعته الثانية، يعد تشخيصا لواقع الحال ومحطة لإزاحة العراقيل التي حالت دون تجسيد الالتزامات السابقة، كما أن اللقاءات الشهرية التي تعتزم تنظيمها الهيئة التنفيذية مع الولاة لمتابعة مدى تنفيذ المشاريع على مستوى مناطق الظل، من شأنها أن تعزز التواصل وتجبر المسؤولين على أن يكونوا في مستوى المسؤولية الموكلة لهم. وبذلك سيكون الولاة مجددا أمام امتحان آخر لقياس مدى الالتزام بالتوجيهات الصارمة لرئيس الجمهورية، ولو بنسبة 50 بالمائة التي حددها الوزير الأول، في اختتام الأشغال، فهل سينجحون في رفع التحدي خلال الفترة التي حددها لهم الوزير الأول؟