تشهد الساحة الليبية في الفترة الأخيرة تطوراتإ عكسها تقارب في مواقف وتصريحات الفرقاء في شرق وغرب هذا البلد المضطرب وأعطت مؤشرات بإمكانية تجسيد مخرجات برلين لاحتواء الأزمة الليبية سلميا. فمن التصريحات القادمة من السلطة القائمة في طرابلس حول جاهزية ليبيا لإعلان اتفاق سياسي يجمع كل الليبيين، إلى التوافق المتوصل اليه بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى في ليبيا خلال اجتماعهما في القاهرة، على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى صيغة توافقية حول الدستور، تفتح نافذة أمل على توافق ليبي يبدو أنه قد أصبح قاب قوسين أو أدنى لإنهاء أكثر من تسع سنوات من الصراعات والنزاعات في ليبيا. وضمن هذا السياق، أكد وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا أن ليبيا جاهزة الآن لإعلان اتفاق سياسي يجمع كل الليبيين، مؤكدا أن نتائج ومخرجات اللقاءات الخارجية بين الفرقاء خير دليل على ذلك. وأدلى المسؤول الليبي بهذه التصريحات خلال لقاء جمعه أمس برئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه أنطونيو ساباديل بالعاصمة طرابلس، أعرب خلاله على أن "ليبيا تتطلع إلى دعم دول الاتحاد الأوروبي لها في كافة المجالات وخاصة الخدمية منها". وقال إن "الليبيين يتطلعون إلى قيادة سياسية واحدة تخرج بالبلاد إلى بر الأمان بعيدا عن كل نزعة جهوية أو مناطقية". وتزامن هذا الإعلان مع توصل وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى في ليبيا إلى اتفاق بضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى صيغة توافقية حول الدستور. وكشف البيان الختامي للاجتماع الذي احتضنته العاصمة المصرية منذ الأحد الماضي وانتهى في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء خصص لبحث المسار الدستوري للمرحلة الانتقالية برعاية بعثة الأممالمتحدة بليبيا وبمشاركة وفدي مجلس "الدولة" و"نواب طبرق" بشرق البلاد، أن الاجتماعات شهدت "مرونة فائقة في الحوار". وجرت مناقشات الوفدين حول الخيارات القانونية والدستورية التي يمكن طرحها على ملتقى الحوار السياسي الليبي المزمع عقده بداية نوفمبر القادم بتونس لتسهيل المداولات حول الترتيبات الدستورية لحل الأزمة التي طال أمدها. وجاء اجتماع القاهرة بين الفرقاء الليبيين بعد أسبوع من انعقاد اجتماع وزاري ضم ممثلين عن الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي حضرت مؤتمر برلين وذلك بهدف تثبيت وقف إطلاق النار القائم في ليبيا منذ 21 أوت الماضي واستعدادا لعقد جولة الحوار بتونس ضمن مساعي تجسيد مخرجات ندوة برلين التي وضعت أولى الأسس لإنجاح الحوار الليبي. وأكدت ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة خلال كلمتها ضمن اجتماع المسار الدستوري على أن "وجود دستور حقيقي وشامل في ليبيا عنصر أساسي لاكتمال بناء أركان الدولة". وشددت وليامز، على أن الأممالمتحدة تدرك أهمية الترتيبات على المستوى الدستوري، لما لذلك من تأثير وأهمية باتجاه إيجاد حل سياسي شامل وإنهاء العقوبات نحو التوصل إلى دستور شامل للبلاد. كما قالت "حرصنا على تسهيل كل العقبات أمام تلك اللقاءات لإخراج ليبيا من الأزمة الدستورية التي تشهدها"، مؤكدة دعم كل جهود الحوار السياسي بعيدا عن الاحتكام لقوة السلاح. وأمام هذه التطورات الايجابية، أكد سفير الولاياتالمتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند خلال لقاء جمعه بالممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، على دعم واشنطن الكامل لعملية منتدى الحوار السياسي الليبي التي تيسرها الأممالمتحدة. وكان الفرقاء في ليبيا وبدفع من المجتمع الدولي توصلوا الى اتفاق لوقف إطلاق النار يوم 21 اوت الماضي لا يزال صامدا لحد الساعة وهو ما عزز فرص التوصل إلى تسوية سلمية. ومن المقرر أن تحتضن تونس يوم الفاتح نوفمبر القادم الاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي والذي ستسبقه اجتماعات تمهيدية عبر تقنية التحاضر عن بعد ابتداء من يوم ال 26 من الشهر الجاري.