انطلقت أمس، الجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة الليبية 5+5 بمقر الأممالمتحدة بمدينة جنيف السويسرية، باجتماع مباشر بين وفدي طرفي النزاع ضمن مؤشر ايجابي آخر باتجاه حلحلة مسار تسوية أزمة استعصى حلها لقرابة عشر سنوات لم يعرف خلالها هذا البلد طعما للأمن والاستقرار. وبمجرد انطلاق هذه الجولة التي ستستمر إلى غاية ال 24 أكتوبر الجاري، أعربت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، في بيان مقتضب عن أملها في أن يتوصل الوفدان المشاركان في هذه المحادثات، إلى "حلحلة كافة المسائل العالقة بغية الوصول إلى وقف تام ودائم لإطلاق النار في عموم أنحاء ليبيا". وما يميز هذه الجولة التي حضرتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة ستيفاني وليامز، انطلاقها باجتماع مباشر بين وفدي طرفي النزاع وهو ما جعل السفير الألماني في ليبيا، أوليفر أوفيتشا، الذي ترعى بلاده مسار السلام، يرحب بانطلاق هذه الجولة التي وصفها ب«نقطة التحول الحاسمة"، ودعا جميع الأطراف المعنية بهذه الأزمة الى اغتنامها والتفاوض على وقف اطلاق نار شامل ودائم في البلاد. وكانت مصادر ليبية وأممية أعلنت في وقت سابق، أن اجتماع جنيف سيناقش تثبيت وقف إطلاق النار بين طرفي معادلة الحرب الليبية ووضع خطة مشتركة لتفكيك المجموعات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد، والتفاهم حول منطقتي سرت والجفرة وإبقائها منطقة منزوعة السلاح ومساحة آمنة، إضافة إلى إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة في ليبيا. ويتعين على اللجنة العسكرية المشتركة التي انبثقت عن قمة برلين التي رعتها ألمانيا شهر جانفي الماضي، وعرفت مشاركة كل الأطراف ذات الصلة بالأزمة الليبية، تحديد شروط وقف إطلاق نار مستدام مع الانسحاب من المواقع العسكرية. وعقد آخر لقاء نهاية شهر سبتمبر الماضي، بمدينة الغردقة المصرية دام يومين أبرز ما تم الاتفاق عليه خلاله هو "الإسراع بعقد اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بلقاءات مباشرة، والإفراج الفوري عن كل من هو محتجز من دون أي شروط أو قيود واتخاذ التدابير العاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية وذلك قبل نهاية أكتوبر الجاري". كما اتفق الطرفان على "إيقاف حملات التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية واستبداله بخطاب التسامح والتصالح ونبذ العنف والإرهاب، والإسراع في فتح خطوط المواصلات الجوية والبرية بما يضمن حرية التنقل للمواطنين بين كافة المدن الليبية". وتعد هذه المحادثات واحدة من المسارات الثلاثة إلى جانب المسارين الاقتصادي والسياسي التي تعمل عليها البعثة الأممية ضمن مساعي تجسيد مخرجات مؤتمر برلين من أجل احتواء كافة الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين للتوصل الى تسوية سلمية للازمة الليبية. وعرفت الساحة الليبية في الفترة الأخيرة تنظيم العديد من الاجتماعات واللقاءات حتى داخل ليبيا وخارجها صاحبها تقارب في تصريحات ومواقف القادة الليبيين في الغرب والشرق. وهو ما شكل بريق أمل لإمكانية اخراج هذا البلد من عنق الزجاجة العالق فيها منذ سقوط نظامها السابق عام 2011 في خضم ما عرف آنذاك بثورات "الربيع العربي". كما أن عودة الملاحة بين شرق ليبيا وغربها تحمل هي الأخرى في طياتها دلالات رمزية عميقة يرى متتبعون للشأن الليبي، أنه من شأنها أن تعزز الآمال في إمكانية توصل الفرقاء لتسوية شاملة خاصة مع بروز مؤشرات عن إرادة دولية للدفع باتجاه الحل الدائم.