اجتمعت، أمس، أربع منظمات باترونا للإعلان عن دعمها لأهم مشروعين أطلقهما رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وهما وثيقة الدستور الجديد ومخطط الانعاش الاقتصادي. وعبرت هذه المنظمات عن تثمينها لمضمون المشروعين، معتبرة نجاحهما ضرورة لمستقبل البلاد. في المقابل أبدى ممثلوها انزعاجهم من استمرار العراقيل البيروقراطية، واشتكوا من عدم تطبيق القرارات السياسية في الميدان، ومن عدم استشارتهم في إعداد قانون المالية. والتقت كل من الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين والجمعية العامة للمقاولين الجزائريين والكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين وكونفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين عشية موعد الاستفتاء على مشروع الدستور، للتأكيد على تنسيق مواقفها والاصطفاف وراء رأي واحد بخصوص الأوضاع الراهنة، ومواقفها تجاه الأحداث الكبرى التي تهم البلاد. وفي ندوة صحفية نشطها أمس رؤساء الكونفدراليات المعنية بالجزائر العاصمة، تم التأكيد على الالتفاف حول الورشات الكبرى التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وعلى رأسها مشروع التعديل الدستوري، الذي أكدوا موافقتهم على مضمون شقه الاقتصادي، وبالتالي اقتناعهم بدعم المشروع ككل والتصويت ب"نعم" عليه. في هذا الصدد قال رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين محمد سامي عقلي، أن الباترونا لا يمكنها أن تبقى صامتة تجاه مشروع يخص "أم القوانين"، حتى وإن كانت تؤكد في كل مرة أنها لا تتطرق للأمور السياسية، مشيرا إلى أن أعضاء الباترونا عليهم كمواطنين إبداء رأيهم في هذا الموضوع، لاسيما وأن "مشروع الدستور يمثل مرحلة هامة لما سيكون عليه مستقبل البلاد"، مثلما أوضح. بدوره، أكد رئيس الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين محند السعيد نايت عبد العزيز، أهمية التعديل الدستوري، قائلا إن الجزائر تعيش حدثا هاما يمكنه أن يخرجها من "الدوامة"، معتبرا أنه في ظل ما وصفه بحالة "التشوش والارتباك" التي يعيشها المجتمع، لابد أن "يتحمّل الشعب مسؤوليته". وكشف رئيس كونفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين عبد الوهاب زياني في هذا الصدد، عن استشارة أرباب العمل بخصوص الشق الاقتصادي لمشروع تعديل الدستور، مشيرا إلى أن أغلب الاقتراحات التي قدمت تم أخذها بعين الاعتبار، لاسيما حرية الاستثمار والضمانات المقدمة للمستثمرين، وكذا عدم التفريق بين القطاعين العمومي والخاص. وذلك يكفي بالنسبة لممثلي الباترونا من أجل دعم المشروع برمته، رغم أنهم تجنبوا إعطاء أي تعليمات لمنتسبيهم بخصوص مواقفهم من الدستور، سوى الدعوة إلى المشاركة في التصويت. ويضاف دعم الباترونا لمشروع الدستور، إلى ذلك المقدم سابقا للرئيس تبون حول مخططه لإنعاش الاقتصاد الوطني، والذي جدّد سامي عقلي القول إن نجاحه لابد منه و"بأي ثمن"، معتبرا أن أي إخفاق سيؤدي إلى كارثة حقيقية. ومن هذا المنطلق، وفقا لما جاء على لسان المتحدثين، جاءت "مبادرة التجمع" بين منظمات لأرباب العمل، والتي بدأت بأربعة وستتوسع لتشمل منظمات أخرى - حسب عقلي- الذي كشف عن مشاورات تتم بهذا الشأن، بهدف التحدث بصوت واحد، حتى وإن كان ذلك لن يتم تحت مظلة واحدة، لأن عقلي استبعد تماما اللجوء إلى تشكيل منظمة باترونا موحدة. لكن ما يتم البحث عنه، وفقا لهم – هو "تعزيز قوة الاقتراح" و"بناء اقتصاد قوي يمثله أرباب العمل"، الذين يرفعون لواء "الثقة" التي يطالبون بها، بعد الفضائح التي مسّت الكثير من رجال الأعمال ببلادنا، والتي لا يريدونها أن تكون مبررا لإضعاف الشريك الاقتصادي للحكومة. في هذا السياق، دافع زياني بشدة عن الصناعيين وعن القطاع الخاص، وعن المجهودات المبذولة من طرفهم لمواجهة أزمة كورونا وتزويد السوق الوطنية باحتياجاتها، لاسيما في فرعي الصيدلة والصناعات الغذائية. واعتبر أن ذلك كان بمثابة الدليل على القدرات الهامة للصناعة الجزائرية، التي دعا إلى حمايتها ولاسيما بالقضاء على البيروقراطية. هذه الأخيرة مازالت العائق الأساسي أمام تحريك العجلة الاقتصادية، مثلما شدّد عليه كل ممثلي الباترونا الحاضرين في هذه الندوة الصحفية. ف«تعليمات الرئيس لا تطبق" ، والأمر ليس راجعا لأسباب سياسية وإنما ل«انسداد" على مستوى الإدارات، مثلما أضاف زياني. في نفس الاتجاه تحدث نايت عبد العزيز، الذي اعتبر أن "الجمهورية الجديدة بدأت سيرها، لكن من الصعب تحريك القاطرة، لأن الكثير من الأشخاص يجرونها نحو الخلف". وأضاف قائلا إن "رئيس الجمهورية المنتخب قدم في برنامجه خارطة طريق نجد أنفسنا فيها، لكن هناك حالة من الارتباك لدى الشعب الذي فقد بوصلته". ووفقا له فإن الجمهورية الجديدة التي بدأت تخطو أولى خطواتها، تجد نفسها في مواجهة "بقايا النظام البيروقراطي الذي يمنع البلاد من التقدم منذ عقود". وحتى رئيس الجمهورية هو "ضحية" لهذا النظام، مثلما صرح. ولتجاوز هذه العراقيل، فإن ممثلي الباترونا يطرحون فكرة "عقد ثقة"، من أجل مرافقة الحكومة في كل القرارات المتخذة، عبر الاقتراحات المقدمة، للخروج من الأزمة، وذلك بتفضيل كل ما هو جزائري. فهؤلاء لا يريدون الاستمرار في تجاهل مقترحاتهم، مثلما تم سابقا، "فمن بين 20 ألف اقتراح قدمتها الباترونا في إطار الثلاثيات، لم يتم تطبيق سوى 3 من المائة منها، مثلما كشف زياني. كما أن العقد الاقتصادي والاجتماعي الموقع في 2014، "لم يتم تنفيذ أي مادة منه" حسبما أشار إليه رئيس الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين مولود خلوفي، الذي عبر عن انزعاجه من عدم استشارة أرباب العمل في إعداد قانون المالية 2021، مشيرا إلى أنه لم يحمل أي جديد لإنقاذ المؤسسات الجزائرية التي تعاني بسبب تداعيات الأزمة الصحية. رغم ذلك فإنه شدّد على أن الباترونا ستواصل تقديم اقتراحاتها وحلولها للحكومة حول مختلف الأزمات التي يعرفها الاقتصاد الوطني، من خلال إعادة بناء الثقة بين الجانبين، بعيدا عن التدخل في الأمور السياسية، وهي "المهمة الموكلة لنا" مثلما أوضح سامي عقلي، الذي اعتبر أن توسيع الانضمام للمبادرة التي تم إطلاقها أمس، يهدف إلى توحيد الرؤى في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، وتعزيز مكاسب الباترونا بتوحيد صوتها، الكفيل بإعطائها وزنا أكبر.