❊ الكركرات نسف لحالة الجمود وقطيعة مع الماضي يتعرض الصحراويون في الأراضي المحتلة، منذ الثالث عشر نوفمبر الجاري إلى حملة اعتقال وتعذيب كبيرة ومداهمات للمنازل، بعد حادثة الكركرات التي قلبت الموازين، ونسفت حالة الجمود التي خيّمت على ملف الصحراء الغربية منذ التسعينيات، وفي هذا الاستطلاع تنقل "المساء" شهادات حية عما يحدث في المدن المحتلة، كالعيون، والسمارة، وبوجدور والداخلة، التي تفاعل فيها الصحراويون مع التطوّرات الجديدة، وعبروا عن تضامنهم والتفافهم، بمظاهرات سلمية قوبلت بحملات اعتقال وتفتيش، لتشديد الخناق على مناضلي حركة البوليساريو الذين كانوا ينتظرون هذه الساعة الحاسمة، للعودة من جديد إلى ميدان النضال العسكري. سلطانة سيد براهيم خيا: تعرّضت للاختطاف والتعذيب لكن لا رجوع إلى الوراء أكدت المناضلة سلطانة سيد براهيم خيا من مدينة العيون ل«المساء" أنه منذ الساعات الأولى لقرار الجبهة بالرجوع للكفاح المسلح، كان نقطة تحوّل كبيرة، واستقبلته الجماهير الصحراوية بالترحيب والاحتفال، وهو تعبير طبيعي -حسبها- في ظل ما يعانيه الصحراويون بالأراضي المحتلة من قمع وترهيب وتنكيل من طرف سلطات الاحتلال، مؤكدة أن المخزن كعادته كانت ردة فعله شرسة تجاه تهليل المناضلين بقرار الجبهة، حيث حاصرت منازل المناضلين ومنعت النشطاء من السفر والتنقل ونفذت جملة من الاختطافات، مسّت حتى الأطفال القصر وقامت بمداهمة المنازل، بحثا عن المناضلين، وهي تصرفات ترمي إلى ترهيب الصحراويين ومنعهم من التفاعل مع المرحلة الجديدة للكفاح التي أقرتها الجبهة منذ 13من نوفمبر. وأفادت الناشطة سلطانة خيا، وهي رئيسة الرابطة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الثروات الطبيعية، أنها تعرضت منذ وصولها لمدينة بوجدور يوم 19نوفمبر للاختطاف وتم تعذيبها وإساءة معاملتها، قبل أن تتم محاصرة منزل عائلتها واقتحامه بالقوة والاعتداء على والدتها المريضة وأختها ومنع أيٍّ كان من الوصول إلى المنزل أو الخروج منه، مشيرة إلى أن ذلك لم يزدهم إلا اقتناعا وتشبثا بحقهم المشروع في الاستقلال. كما أكدت الحقوقية خيا، أن عملية التنقل بين الأراضي المحتلة والأراضي المحررة والمخيمات تم نسفها من طرف الاحتلال المغربي الذي وضع مجموعة من العراقيل أمام استمرارها منذ مدة وذلك خوفا من تداعياتها السياسية حيث أن أحداث الزيارات كانت تحوّلها الجماهير الصحراوية إلى ملاحم للمقاومة. حمادي محمد لمين الجيد الناصري: الكركرات عرّت ضعف الأممالمتحدة والتظاهرات قوبلت بالعنف من جهته أكد لنا الناشط الصحراوي حمادي محمد لمين الجيد المدعو (الناصري) من مدينة السمارة المحتلة أن واقعة الكركرات عرّت بالفعل ضعف الأممالمتحدة، وأثبتت أنها فاقدة للشرعية وأفرغت من دورها في حفظ السلام وتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، وأنها تحوّلت إلى حامٍ لمصالح الدول الكبرى، والدليل على ذلك - يقول المتحدث- أن المينورسو لم تتدخل لمنع الجرافات المغربية المحمية بالآليات العسكرية المغربية التي تجاوزت المنطقة العازلة وعمدت إلى إنشاء حزام رملي وهو ما يعتبر خرقا واضحا لقرارات مجلس الأمن. وذكر الناصري أن الصحراويين عبروا عن تفاعلهم مع حادثة الكركرات من خلال مظاهرات سلمية والكتابة على الجدران وتوزيع مناشير، وهو ما قوبل من طرف سلطات الاحتلال كالعادة بتشديد عمليات القمع المنتهجة التي ترتكبها قوات القمع المغربية في حق الصحراويين وشنّت حملة اعتقالات في مدينة السمارة، إضافة إلى حملة ترعيب وترهيب استهدفت عديد منازل نشطاء الانتفاضة والإعلاميين، ويتوقع المصدر أن تقوم الأجهزة الأمنية المغربية في قادم الأيام على حملة تنكيل واسعة، ركزت سلطات الاحتلال بشكل رئيسي على قمع أي تحرك في الداخل، وهاجمت المظاهرات السلمية التي نظمها المواطنون العزل بالمدن المحتلة، بهدف تفريقها بالقوة كمرحلة أولى، بعدها قامت باقتحام المنازل والاعتداء على العائلات الصحراوية وشنّ حملات اعتقال واختطاف واسعة في صفوف الشباب الصحراوي بالخصوص ونقلهم لمقرات المخابرات والبوليس السياسي لاستنطاقهم. وقال المصدر: "إن ما رصدناه، في إطار عملنا داخل مؤسسة نشطاء للإعلام وحقوق الإنسان، أن سلطات الاحتلال لا تزال حتى الآن تفرض حالة من حظر التجوال وشنّ حملات اعتقال عشوائية واعتداء على المارة وتفتيش هواتفهم بشكل مهين وغير قانوني، بالإضافة لمنع المناضلين ونشطاء حقوق الإنسان من السفر ومضايقة الإعلاميين الصحراويين، منهم محمد هدي وهو مصور برامج وزميلاه الشريف بخيل وإبراهيم امريكلي بسبب أنشطتهم الإعلامية، مفيدا أن سلطات الاحتلال تتعمّد استهداف الإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان لحجب صور ما يقع داخل الأرض المحتلة، خصوصا أن الإعلام الصحراوي داخل الأرض المحتلة أصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة بشهادة قنوات تلفزيونية دولية ومنظمات عالمية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، وأنه آن الأوان لمنظمة الصليب الأحمر الدولي أن تتحرك وتتحمّل مسؤوليتها في حماية المدنيين العزل من بطش سلطات الاحتلال المغربي بالصحراء الغربية المحتلة. مبارك سيد أحمد مامين: ما وقع بالكركرات قطيعة مع الماضي رغم كل العواقب كما صرح لنا المناضل مبارك سيد أحمد مامين، الكاتب العام لمؤسسة نشطاء للإعلام وحقوق الإنسان، بالعيون المحتلة، أنه عقب وصول الأخبار التي تؤكد قيام الجيش المغربي بتجاوز الجدار ومهاجمة المدنيين العزل بمنطقة الكركرات، ساد جو من الغضب في أوساط الجماهير الصحراوية بالمدن المحتلة التي نزلت بكل عفوية للميدان للتعبير عن ذلك الغضب، وبشكل خاص الشباب، مستذكرين سيناريو ذكرتنا الهجوم على مخيم كديم إزيك في 2010، مثنيا على عزيمة الجماهير الصحراوية بالمدن المحتلة التي كانت في مستوى الحدث رغم الحصار، وخرجت للتظاهر رفضا وتنديدا بالاحتلال المغربي. ولفت محدثنا قائلا إن سلطات الاحتلال ركزت بشكل رئيسي على قمع أي تحرّك في الداخل، وهاجمت المظاهرات السلمية التي نظمها المواطنون العزل بالمدن المحتلة بهدف تفريقها بالقوة كمرحلة أولى، وبعد ذلك قيام سلطات الاحتلال باقتحام البيوت والمنازل والاعتداء على العائلات والأسر الصحراوية وشنّ حملات اعتقال واختطاف واسعة في صفوف الشباب الصحراوي بالخصوص ونقلهم لمقرات المخابرات والبوليس السياسي، وهو ما رصدناه في إطار عملنا داخل مؤسسة نشطاء للإعلام وحقوق الإنسان، حيث لاتزال حتى اللحظة سلطات الاحتلال تفرض حالة من حظر التجوال وشنّ حملات اعتقال عشوائية واعتداء على المارة وتفتيش هواتفهم بشكل مهين وغير قانوني، بالإضافة لمنع المناضلين ونشطاء حقوق الإنسان من السفر ومضايقة الإعلاميين الصحراويين. وهنا نرى أن سلطات الاحتلال تتعمد استهداف الإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان بهدف حجب صورة ما يقع داخل الأرض المحتلة، خصوصا أن الإعلام الصحراوي داخل الأرض المحتلة أصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة بشهادة قنوات تلفزيونية دولية ومنظمات عالمية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان. إذن أصبح من الضروري جدا أن تتحمّل منظمة الصليب الأحمر الدولي مسؤوليتها في حماية المدنيين العزل من بطش سلطات الاحتلال المغربي بالصحراء الغربية المحتلة. وذكر الناشط سيد أحمد مامين أن ما وقع بالكركرات يشكل قطيعة مع مرحلة ماضية عانى فيها الشعب الصحراوي من حالة الجمود، وتعد الواقعة انتقالا لمرحلة جديدة ستكون لها تداعيات على الملف سياسيا وميدانيا، وهو ما سيدفع بالقضية الصحراوية نحو مستوى القضايا ذات الأولويات دوليا، بعدما بقيت لسنوات توصف ب"الملف الجامد"، وهو وضع سابق كان مرفوضا كونه لا يخدم إلا مصلحة الاحتلال وراعيته فرنسا، أما الآن ومع التطوّرات الراهنة يقول محدثنا: "أعتقد أن القضية ستكون على موعد مع تطوّرات مهمة جدا ستكون لصالح الشعب الصحراوي وكفاحه العادل". المامي اعمر سالم: الحصار متواصل والداخلة أقرب مدينة للكركرات من جهته قال المناضل المامي اعمر سالم رئيس المنظمة الصحراوية لمناهضة التعذيب بالداخلة الصحراء الغربية وعضو الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، أن ظروف الصحراويين بمدينة الداخلة لا تختلف عن باقي المدن المحتلة، حيث تعيش حصارا عسكريا وبوليسيا، بعد التدخل العسكري بثغرة الكركرات، وبحكم أن الداخلة هي أقرب مدينة لمنطقة الكركرات، فأغلب التعزيزات العسكرية مرّت من الداخلة في اتجاه الكركرات، مؤكدا أن الجماهير الصحراوية بالداخلة خرجت في مظاهرات عفوية مطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي ومؤيدة لقرار جبهة البوليساريو، ولم تتأخر القوات المغربية كالعادة مصحوبة بمليشيات من المستوطنين المغاربة في التدخل العنيف ضد المظاهرات السلمية وقمعها، حيث سجلنا عديد حالات الاعتقال والتعذيب الوحشي بصفوف المتظاهرين الصحراويين وحتى اللحظة لازالت المدينة تحت الحصار العسكري والبوليسي . عبد الله اسويلم: المخزن يستمر في ارتكاب الحماقات وسيندم عليها وصف منسق الأراضي المحتلة عبد الله اسويلم تصرّفات النظام المغربي بعد 13 نوفمبر من السنة الجارية بكونها تعيد إلى الأذهان سيناريو السنوات الأولى للغزو المغربي للصحراء الغربية في 1975، حيث تم فرض حصار عسكري خانق وحراسة مداخل المدن، وتنظيم دوريات على المركبات وراجلة في مختلف شوارع وأزقة المدن المحتلة وخاصة الأحياء التي يقطنها الصحراويون، ونشر أفراد الاستخبارات بزي مدني، بالإضافة لاستمرار المراقبة المستمرة لمنازل المناضلين الصحراويين. ويؤكد أن النظام المغربي لا يزال يرتكب عديد الحماقات التي تختتم بندمه عليها، خاصة في مرحلة حكم محمد السادس، ومن بين هذه الحماقات ما أقدم عليه المخزن في 2009 باعتقاله للنشطاء الحقوقيين الصحراويين السبعة الذين زاروا مخيمات اللاجئين لكسر الحصار كتحدٍّ للنظام المغربي، لكن بفضل نضالات الشعب الصحراوي وجهود الحلفاء والمتضامنين والأصدقاء والمنتظم الدولي وكل الأحرار عبر العالم، تم فرض إطلاق سراحهم، أما الخطأ الثاني فيتمثل في طرد الناشطة أمنتو حيدار من العيون المحتلة إلى جزر الكناري في نفس السنة، وإضرابها عن الطعام ولقيت قضيتها آنذاك تعاطفا دوليا كبيرا، من طرف المنظمات والحكومات فرجعت معزّزة مكرّمة للعيون المحتلة، والخطأ الثالث كان في ماي 2013 خلال زيارة صحفيين دوليين منهم أمريكيون للعيون المحتلة الصحراويين، حينما ظن المخزن أن الصحراويين لن يخرجوا للتظاهر وحتى إن خرجوا فلن يتجاوز عددهم الأربعين، فقاموا بسحب قوات القمع من الشوارع، لكنهم تفاجأوا بخروج آلاف الصحراويين بشوارع العيون حاملين الأعلام الصحراوية ومطالبين بالاستقلال، أمام دهشة السلطات المغربية التي أصابها الارتباك، وكل ذلك موثق بصور وفيديوهات، قائلا إن عملية التدخل العسكري ضد المدنيين الصحراويين بالكركرات في 13 نوفمبر، لا تخرج عن الخطوات الغبية التي دائما ما تنعكس على نظام محمد السادس، وتخيب ظنه. كما ذكر المتحدث أن الشعب الصحراوي يطمح لرفاهية ووحدة الشعوب المغاربية، لكن ليست على حساب الشعب الصحراوي ولا على حقوقه في تكوين دولته وكيانه المستقل وكرامته، لهذا يجب أن تعي هذه الشعوب بأن لا استقرار ولا رفاهية في هذه المنطقة، مادام الشعب الصحراوي يعيش تحت نير الاستعمار وفي الملاجئ ويعيش أبناؤه في زنازن الاحتلال وتسحل نساؤه في شوارع مدن العيون والسمارة وبجدور والداخلة، لذا يجب على الشعوب المغاربية أن تساهم مساهمة فعّالة في نصرة الشعب الصحراوي ودعمه من أجل انتزاع حقه وبناء دولته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على كامل ربوع ترابها لكي نعيش ككل في وئام وأخوة.