ستكون بورصات الأسواق النفطية في العالم بداية من اليوم وعلى مدى يومين، في حالة ترقب لما سيسفر عنه اجتماع وزراء الطاقة في دول منظمة "أوبيك" وحلفائها من الدول المنتجة الأخرى، خارجها ضمن ما أصبح يعرف ب "أوبيك +" والقرارات التي سيخرج بها الاجتماع لضبط مسألة العرض ومنه تحديد الأسعار في المنظور القريب. وسيكون اجتماع اليوم وغدا مصيريا في تحديد أسعار برميل الخام الذي عرف منذ بداية العام الجاري هزات متواصلة وتقلبات متلاحقة جعلت أسعاره تتأرجح صعودا وهبوطا بسبب التبعات الكارثية التي فرضها تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي. ووقع الاتفاق بين كبار المنتجين في "أوبيك +" التي تضم 23 دولة نفطية في العالم شهر افريل الماضي، على تخفيض سقف الإنتاج العالمي بحوالي 7,7 ملايين برميل يوميا ضمن خطة استباقية لإحداث توازن بين العرض والطلب العالمي على هذه المادة الحيوية ومنه المحافظة على الأسعار في مستويات مقبولة. وهي القناعة التي فرضت نفسها على دولة مثل روسيا التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم، خارج إطار منظمة "أوبيك" وعلى العربية السعودية أكبر منتج داخل هذه الأخيرة، ضمن توافق سمح للأسعار بتجاوز عتبة 50 دولارا ضمن سعر خدمة الدول المنتجة والمستهلكة على السواء. ولولا ظهور شبح الفيروس القاتل وتأثيره الكارثي على أكبر الاقتصاديات العالمية ومنه على استهلاك الطاقة لما تمكنت موسكو والرياض من التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بعد أن اقتنعت العاصمتان أن لا مفر من التفاهم ولو إلى حين، بل إن تهالك الاقتصاد العالمي وتراجع نسبة النمو والطلب على الخام، جعل الدول التي تعتمد على الريوع النفطية تقتنع بحتمية التوصل إلى اتفاق شهر أفريل الماضي. والواقع أن الدول النفطية لم يكن أمامها خيار آخر وهي تقف على حقيقة تهاوي أسعار الخام ضمن منحنى كارثي من حوالي 70 دولارا شتاء العام الماضي إلى حدود 28 دولارا في ذروة تفشي فيروس "كوفيد 19". ورغم أن الأسعار عرفت انتعاشا محتشما خلال الشهرين الأخيرين متأرجحة بين 38 دولارا و48 دولارا للبرميل ولكنه سعر بقي دون المستوى المرجو ما يحتم على الدول المنتجة في اجتماعها اليوم، التفاهم على سريان اتفاق شهر أفريل الماضي والإبقاء على حجم الكميات المخفضة في حدود 7,7 ملايين برميل يوميا على اعتبار أن مستويات الأسعار لم تتمكن من استعادة عافيتها. يذكر أن دول "أوبيك +" كانت اتفقت على تقليص الإنتاج ب 5,8 ميلون برميل يوميا بحلول شهر جانفي القادم بدلا من 7,7 المتفق عليه الربيع الماضي بعد أن اعتقدت أن امتصاص هذه الكمية سيكون كافيا لإرجاع أسعار البرميل إلى مستويات مقبولة. وهي توقعات خابت في ظل استمرار تفشي "كوفيد 19" وخاصة مع ظهور موجة ثانية بانتهاء عطلة الصيف في الدول الأوروبية والأمريكيتين ومعظم الدول الأسيوية ما جعل بورصات النفط تجد صعوبات كبيرة في استعادة عافيتها. وهو واقع جعل عدة دول داخل اتفاق "أوبيك +" تبدي نية ملحة لتمديد العمل باتفاق شهر أفريل على الأقل إلى غاية شهر جوان القادم رغم تواتر تقارير مختلف المخابر الدولية بقرب إنتاج أولى اللقاحات الفعالة ضد فيروس كورونا والذي من شأنه أن يعيد الحيوية لاقتصاد عالمي منهار وهو ما فسر ارتفاع أسعار النفط خلال أسبوع من 40 دولارا إلى 48 دولارا للبرميل في تبادلات الشهر القادم.