* email * facebook * twitter * linkedin اتفق، فجر أمس، وزراء نفط الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" وتسع دول من خارجها، أو ما يعرف ب«أوبك +" على تخفيض سقف الإنتاج العالمي من الخام بعشرة ملايين برميل يوميا ضمن أول خطوة عملية لامتصاص فائض هذه المادة الحيوية ووقف تراجع أسعارها التي انهارت إلى أدنى مستوياتها منذ سنة 2002. وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد اجتماع طارئ تم تنشيطه بتقنية الفيديو واستمر لمدة 11 ساعة كاملة تمكن وزراء حوالي عشرين دولة نفطية في العالم بعدها من التفاهم على خفض إجمالي إنتاجها ب10 ملايين برميل خلال شهري ماي وجوان القادمين وبحوالي 8 ملايين برميل يوميا بداية من شهر جويلية وإلى غاية نهاية العام الجاري. وكشف وزير الطاقة، محمد عرقاب أن وزراء الدول المشاركين في هذه الندوة الطارئة توصلوا كذلك إلى اتفاق تكميلي نص على خفض الإنتاج العالمي من النفط بحوالي 6 ملايين برميل يوميا بداية من شهر جانفي من العام القادم ويستمر العمل به إلى غاية شهر أفريل 2022. وأصبح بالإمكان البدء في تطبيق الاتفاق النفطي المتوصل إليه أمس، بعد أن أكد الرئيس المكسيكي، اندريس مانويل لوبيز أبرادور أمس أنه تفاهم مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب من خلال مكالمة تمت بينهما، بتخفيض إنتاج بلاده من النفط بما سيعجل بتطبيق بنود اتفاق "أوبك +". وأضاف الرئيس المكسيكي أن بلاده ستلتزم بتقليص إنتاجها ب100 الف برميل يوميا على أن تتكفل الولاياتالمتحدة بخفض إنتاجها ب250 الف برميل تضيفها إلى حصتها التي التزمت بخفضها في اطار الاتفاق المبدئي لنهار امس لتعويض ما كان مطلوبا من مكسيكو. وكان متتبعون أكدوا قبل مكالمة الرئيسين، الأمريكي والمكسيكي، أن سريان اتفاق "أوبك +" يبقى مرهونها بتوقيع المكسيك عليه، أبعد أن رفضت الالتزام بتقليص إنتاجها ب400 الف برميل، المطالبة بتخفيضها ضمن اتفاق فجر أمس. واعتبرت روسيو ناهل غارسيا، وزيرة النفط المكسيكية تقليص إنتاج بحوالي 400 الف برميل يوميا كمية كبيرة بالنسبة لبلادها مقارنة بدول بترولية أخرى. وقال محمد عرقاب أن الاتفاق يهدف إلى تحقيق استقرار أسعار النفط التي تأثرت بأزمة فيروس كورونا المستجد، مثمنا في ذلك القرارات التي انتهى إليها الاجتماع واصفا إياها ب«الهامة" على طريق امتصاص فائض النفط الموجود حاليا على مستوى السوق وعلى مستوى مخزونات النفط العالمية وبالتالي وقف تراجع أسعاره. وأشار الوزير إلى أن الجزائر ستكون ملزمة في سياق هذا الاتفاق بتقليص إنتاجها ب200 الف برميل يوميا خلال الشهرين القادمين على أن يتراجع ذلك إلى حدود 145 الف برميل يوميا خلال الشطر الثاني من سنة 2020 معتبرا هذه التخفيضات "ضرورية من أجل المساعدة على تحقيق استقرار سوق النفط". وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد حرب أسعار اندلعت بين العربية السعودية وروسيا اكبر منتجين للنفط في العالم، الأولى عضو في منظمة "أوبك" والثانية خارجها، وذلك مباشرة بعد فشل ندوة السادس مارس الماضي بالعاصمة النمساوية، فيينا بسبب خلافات بينهما حول حصة كل واحدة منها في سوق نفطية متخمة واقتصاد عالمي يمر بفترة انكماش حادة، قبل أن تتفاجأ بانتشار فيروس كورونا في الصين اكبر مستهلك للنفط في العالم مما أدى وبصورة تلقائية إلى انهيار الأسعار متدحرجة من 68 دولارا شهر فيفري إلى حدود 20 دولارا للبرميل شهر مارس في سابقة لم يصلها منذ عقدين. وكان لهذا الانهيار وقعه على سوق جد حساسة وحتم على الرياض وموسكو مراجعة مواقفهما بعد أن تأكدتا انهما لم تعودا متحكمتين في هذه السوق بدخول عامل "فيروسي" قاتل، أرغم أيضا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على ممارسة ضغوط قوية على البلدين بعد تأثر الصناعة النفطية في بلاده، جراءها . وينتظر أن يعقد وزراء نفط الدول "أوبك +" ندوة عادية في العاشر جوان القادم لتقييم الموقف بعد قرار فجر أمس وبعد أن يكون الوضع الوبائي الذي خلفه وباء كورونا قد اتضح اكثر في ظل حديث عن نجاح خيار الحجر الصحي في احتواء الوباء واحتمال التوصل إلى إنتاج أولى اللقاحات القادرة على وقف انتشاره والحد من خطره. في انتظار ذلك، فقد عقدت العربية السعودية، التي ترأس مجموعة العشرين الأكثر تصنيعا وأكبر منتج للنفط في العالم ندوة لوزراء نفط هذه المجموعة في محاولة لتوسيع نطاق تطبيق اتفاق أمس. وكشف وزير الطاقة الجزائري أن دول "أوبك +" اتفقت على التحرك من أجل إقناع الدول الأخرى المنتجة للنفط للانضمام إلى مسعى تطبيق هذه القرارات وذلك خلال اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة ال20 الذي عقد أمس حيث تم تكليف روسيا والمملكة العربية السعودية والمكسيك، بصفتها دول أعضاء في هذه المجموعة، الاضطلاع بهذه المهمة من اجل إشراك البلدان المنتجة الأخرى في عملية خفض إضافي بمعدل 5 مليون برميل يوميا، بهدف دعم الجهود الرامية إلى تحقيق استقرار سوق النفط. وإذا كان اتفاق دول "أوبيك +" بتخفيض الإنتاج يبقى مهما في سياق التدهور المستمر لأسعار الخام، فإنه يجهل في المقابل ما اذا كانت كمية 10 ملايين برميل قادرة على أن تدفع الأسعار باتجاه استعادة عافيتها وخاصة وأن معظم اقتصاديات الدول الصناعية دقت ناقوس الخطر بعد حالة الركود التي ضربتها بسبب تفشي فيروس كورونا وغياب أية مؤشرات حول آجال انحسار خطره وعودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل عادي إلى يوميات شعوب العالم الذي وضع نصف سكانه المقدر بحوالي 4 ملايير نسمة، رهن الحجر الصحي.