أكد البروفيسور عبد الرحمان تومي، أستاذ الاقتصاد بجامعة بومرداس، أن التراجع المستمر في قيمة الدينار الجزائري، ليس سببه تعويم العملة من قبل البنك المركزي الجزائري، مثلما يروج له البعض، بل هو مرتبط بمؤشرات الاقتصاد الكلي "السلبية"، وكذا الفرق الموجود بين الصادرات التي تتم بالدولار الأمريكي والمقدر ب94 بالمائة من المحروقات والواردات التي تتم باليورو والمقدرة ب58 بالمائة. وأشار أستاذ الاقتصاد، في تصريح ل"المساء"، إلى أن قيمة الدينار الجزائري مرشحة للانخفاض أكثر مع نهاية السنة الجارية، ومعها القدرة الشرائية للمواطن، بسبب جملة من العوامل الاقتصادية التي تشير في معظمها الى استمرار الانخفاض في قيمة الدينار. ومن بين الأسباب المؤثرة سلبا على قيمة العملة الوطنية، حسب البروفيسور تومي "ارتباطها بعملتين رئيسيتين عالميتين، وهما اليورو والدولار الأمريكي، "حيث تستورد الجزائر من الاتحاد الأوروبي باليورو، ما يقارب 58 بالمائة من الواردات الإجمالية، مقابل الصادرات التي تتم بالدولار والمقدرة ب94 بالمائة من المحروقات.. وبالتالي فإن من أسباب تغير قيمة الدينار تغير هاتين العملتين". ونفى البروفيسور، أن يكون السبب في انخفاض قيمة الدينار هو تعمد البنك المركزي سياسة التعويم "أي ترك قيمة الدينار خاضعة لمعاملات السوق والعرض والطلب"، مشيرا إلى أن الانخفاض قديم وسببه "الخلل الهيكلي في الاقتصاد، واعتماده بالدرجة الأولى على صادرات الطاقة الخاضعة لتقلبات السوق. يضاف إلى كل، وفق محدثنا، عوامل داخلية، ترتبط بنقص الطلب الداخلي على الدينار بسبب جائحة كورونا، حيث تقلص التدفق النقدي عبر البنوك التجارية والمؤسسات المالية (البريد مثلا) نتيجة تراجع التجارة والاستثمار وتوقف نشاط آلاف العمال، بالإضافة إلى التأثير السلبي لتراجع الصادرات والواردات بسبب القيود الجديدة التي وضعتها وزارة التجارة، تماشيا مع توصيات الحكومة للحفاظ على ما تبقى من العملة الصعبة من جهة وتصحيح التجارة الخارجية من جهة ثانية. كما أعطى التراجع المسجل في ميزان المدفوعات وتزايد العجز وتقلص الناتج الداخلي الخام، مع انكماش الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حسب البروفيسور تومي، صورة سلبية لوضعية الاقتصاد الوطني أمام المجموعة الدولية والشركاء، "ما يجعل الإقبال على شراء الدينار الجزائري -إن صح التعبير- ضعيفا". وأثر التراجع المسجل في المبيعات الجزائرية من البترول في الكمية والسعر (تناقص في الإنتاج وتراجع الأسعار العالمية مقارنة بما قبل السداسي الثاني من سنة 2014) أيضا، على قيمة العملة، في ظل تقلص المنتجات خارج الطاقة بشكل ملحوظ. وفي رده على سؤال متصل بالأثر الذي يتركه تآكل احتياطي الصرف الذي هو في حدود 46 مليار دولار، على العملة الوطنية، أكد محدثنا، أنه يتأثر سلبا، تقديرا منه أن الأسواق المالية العالمية تبدأ في فقدان الثقة في الدينار "وهو ما يؤدي إلى انخفاض المعاملات بين الجزائر والخارج، حيث ترتفع قيمة خدماتها"، مستشهدا ببعض الخدمات والسلع ومنها التأمين الدولي وخدمات الاستشارة وخدمات القروض وغيرها. ليخلص محدثنا في الأخير إلى التأكيد على أن الجزائر، ستشهد انخفاضا آخر في قيمة العملة، ما لم تكن هناك إصلاحات تنهي الخلل الهيكلي العام في الاقتصاد الجزائري وتحرره من تقلبات أسعار الطاقة.