استمرت ردود الفعل المنددة والرافضة لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية المحتلة مقابل تطبيع الرباط علاقاتها مع الكيان العبري من داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، بما يوسع دائرة التضامن ويعزز الدعم الدولي لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم. واكد السيناتور الديمقراطي، كريستوفر مورفي، أن الاعتراف بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب، يجعل الولاياتالمتحدة تبدو وكأنها دولة "منافقة". وأضاف إننا "تحولنا كأمريكيين إلى منافقين، كوننا نعارض الغزو الروسي لأوكرانيا ونرفض قرار ضمها لشبه جزيرة القرم، ولكننا نؤيد الغزو المغربي وسيطرته على الصحراء الغربية". وانضم السيناتور الديمقراطي بموقفه إلى مواقف عشرات الشخصيات السياسية الأمريكية الحالية والسابقة الذين عبّروا عن استيائهم من هذا القرار المجحف، والمتعارض مع القانون الدولي والتزامات بلادهم ووقوفها دوما إلى جانب تقرير مصير الشعب الصحراوي. وبالتزامن مع ذلك يتعزز الموقف الأوروبي الداعم لحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال من يوم لآخر، ولم تعد هذه المساندة تقتصر على الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، ولكنها انتقلت إلى المواقف الرسمية لبلدان أوروبية عدة. وأكد الجنرال خيسوس أرغوموسا، خبير الشؤون الاستراتيجية في وزارة الدفاع الإسبانية، على "وجود رفض عام في الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالسيادة المغربية الناجم عن دعمه لاستفتاء الأممالمتحدة حول الصحراء الغربية"، وقال إنه "من مصلحة إسبانيا الجيو استراتيجية، قيام دولة مستقلة ديمقراطية في الصحراء الغربية" بقناعة أنه "لا يوجد لدى إسبانيا خيار آخر سوى اتخاذ التدابير المناسبة بحزم ومصداقية وقوة، لضمان الاستقرار الاستراتيجي لبيئتها الجيو سياسية القريبة منها بالتعاون الوثيق مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجهات فاعلة أخرى". وفي ذات السياق، جددت وزيرة الخارجية النرويجية، إينه إريكسون، التأكيد على أن موقف بلادها تجاه قضية الصحراء الغربية "ثابت ومعروف" ويقوم على الحل السياسي بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن المؤكدة لحق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية. وبينما وصفت الدبلوماسية والمرشحة المستقلة لرئاسة البرتغال، أنا غوميز، إعلان الرئيس الأمريكي ب"العمل المهين وازدراء للقانون الدولي"، منتقدة صمت الحكومة البرتغالية تجاهه، أدان الحزب الشيوعي البرتغالي ب"شدة" القرار الذي أكد أنه يهاجم علانية حقوق الشعب الصحراوي ويحتقر مبادئ ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي والعديد من قرارات الأممالمتحدة التي تعترف بها وتكرسها. كما أعلنت جمهورية مالطا هي الأخرى أن موقفها بشأن الصحراء الغربية لم يتغير في دعمها لحق شعبها في تقرير مصيره. وكان نواب ألمان وصفوا في بيان مشترك إعلان ترامب، بأنه لا يعد فقط بمثابة تأجيج غير مدروس لنزاع مشتعل بالفعل، ولكن أيضًا انتهاكا صارخا للقانون والشرعية الدوليين. وقال النواب ال5 الموقعون على البيان أن "جميع أعضاء الأممالمتحدة ملزمون بموجب قرارات إنهاء الاستعمار بدعم تنفيذ حق تقرير المصير للشعوب بما في ذلك شعب الصحراء الغربية"، محذرين من "الوضع المقلق الذي تعرفه الصحراء الغربية بعد استئناف العمليات المسلحة بين جبهة البوليزاريو والمغرب منذ 13 نوفمبر الماضي، في نقاط مختلفة من جدار العار". وأكدوا أن مثل هذه "الصفقة غير مقبولة يجب أن تعالجها الحكومة الألمانية، وكذلك داخل الاتحاد الأوروبي وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتحديد بوضوح انتهاك القانون الدولي في هذه المسألة". ووقع على البيان كل من فرانك هاينريش، رئيس لجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية وكرستين تاك، المتحدثة باسم المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي للعمل والشؤون الاجتماعية وغيد جينسن، المتحدثة باسم المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر لسياسة حقوق الإنسان وكاتيا كول، المتحدثة باسم التحالف مجموعة الخضر البرلمانية للسياسة القانونية وباسم سياسة نزع السلاح، بالإضافة إلى سيفيم داغديلين، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب اليسار ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية. وفي إطار الزخم الذي اكتسبته القضية الصحراوية في ظل التطورات الأخيرة، طالبت مجموعة من البرلمانين البريطانيين في عريضة مكتوبة، مجلس العموم الاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. ودعا النواب في عريضة تحت عنوان "عريضة أول النهار" الحكومة البريطانية إلى "احترام القانون الدولي ورفض اتباع المسار الخطير وغير القانوني الذي سلكه الرئيس ترامب، فيما يتعلق بالصحراء الغربية"، كما حثوها على "القيام بدور أكثر نشاطا داخل مجلس الأمن الدولي، من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية". "أوكسفام" تدعو لاستئناف المفاوضات السياسية دعت منظمة أوكسفورد البريطانية غير الحكومية ضد المجاعة "أوكسفام"، إلى استئناف المسار السياسي في الصحراء الغربية، معربة عن أسفها لفشل الأمين العام الأممي، في تعيين مبعوث جديد للقضية الصحراوية. وأشارت "أوكسفام" في رسالة بعنوان "استئناف المحادثات لإنهاء النزاع في الصحراء الغربية" نشرت في "فاينانشيال تايمز"، إلى أن هذا الفشل "ترك فراغا مهما في المسعى الدبلوماسي" وتسبب في "تدهور خطير للوضع في الأراضي الصحراوية". وهو ما جعلها تؤكد على ضرورة "استئناف المفاوضات السياسية" من أجل "الاستقرار الإقليمي"، موضحة أن هذا الخيار" يشكل أفضل طريقة لتجنب أي مزيد من التصعيد للصراع" في هذا الاقليم الذي يحتله المغرب منذ عام 1975. وذكر ريشار ستانفود، المستشار الإنساني للمنظمة في الرسالة بأنه "قد مر 45 عاما منذ أن فر اللاجئون الصحراويون من وطنهم ولا تزال هذه المجتمعات تعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة". كما أشار إلى أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة قد "نددوا بهذا الإعلان الخطير"، لكن "الشباب الصحراوي في المخيمات يشعرون بالإحباط والتخلي عنهم بعد فشل مسار السلام المفترض أنه يدافع عن حقهم في تقرير المصير". من جانبها حذرت "هيومن رايتس ووتش" من أن النظام المغربي ومنذ حادثة الكراكرات يضيق الخناق على الصحراويين المطالبين بحقهم في الاستقلال، مشددة على أنه "لا قمع السلطات المغربية ولا اعتراف ترامب.. يستطيعان سلب الحق الأساسي للصحراويين في معارضة الحكم المغربي سلميا". وأوضحت المنظمة الدولية الكائن مقرها بواشنطن، في بيان لها أن "قوات الأمن المغربية فرقت بعنف مظاهرات مؤيدة للاستقلال، كما ضايقت وضربت واعتقلت نشطاء عديدين وهاجمت منازلهم"، مشيرة الى أن اعتداء الكركرات "بعث نفسا جديدا في الصراع المتعثر منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليزاريو". وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في المنظمة الحقوقية، اريك غولدستاين، إنه "قد تتواجه قوات المغرب والبوليزاريو في خلافات حدودية وديبلوماسية، لكن ذلك لا يُبرّر قمع المغرب للمدنيين الصحراويين الذين يعارضون النظام المغربي سلميا". واستعرضت "هيومن رايتس ووتش" نماذج عن انتهاكات السلطات المغربية لحقوق الشعب الصحراوي وممارساتها القمعية ضد المدنيين العزل، مذكرة بأن المغرب يرفض باستمرار توسيع ولاية بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية "مينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.