تولي المرأة البليدة اهتماما كبيرا بالاحتفالات الخاصة بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، حيث تعد لها العدة اللازمة التي تجمع فيها بين التراث والتقاليد، في خطوة منها للمحافظة عليها وتعليمها للأجيال. وعلى الرغم من تداعيات جائحة "كورونا" التي حرمت العائلات من إقامة الولائم ودعوة الأقارب والأصدقاء، غير أن المرأة البليدية أبت إلا أن تسجل حضورها ككل سنة، وهو ما عكسه الإقبال الكبير على" سوق العرب"، لاقتناء ما تحتاج إليه هذه المناسبة السنوية. يعد "سوق العرب" بولاية البليدة، من أعرق وأقدم الأسواق الشعبية التي يجد فيها المتسوق كل ما يحتاج إليه للاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، سواء تعلق الأمر بالأعشاب التي يجتهد الباعة في جلبها من جبال الأطلس البليدي، أو "الدجاج العربي" الذي عادة ما تحضر به وليمة العشاء، أو مكونات "التراز" الذي يعتبر من أكثر السلع التي تباع في السوق، حيث يجد المتسوق كل ما يمكن أن يخطر على باله، خاصة من أنواع الحلويات، كون البليديين يولون أهمية كبيرة في الاحتفالية ب"التراز" الذي لا يزال محافظا على طابعه التقليدي، إذ يغلب على مكوناته "حلوة الحلقوم"، "النوغة" بكل أنواعها البسيطة والمحشوة، المكسرات والكفتة التي تحضر بالزبيب والعسل. وحول طريقة الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، تحدثت "المساء"، إلى وحيدة بن يوسف رئيسة جمعية صناعة الغد لولاية البليدة، التي كانت تتجول بسوق العرب لاقتناء ما يلزمها من حاجيات، حيث أشارت في بداية دردشتها إلى "أن أهم ما يميز الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة في ولاية البليدة، ارتباط المرأة بكل ما هو طبيعي، كونها من سكان متيجة المعروفة بتنوع غطائها النباتي، وحسبها، "فإن هنالك مقولة تنطلق منها المرأة البليدية وتجسدها في الاحتفالية وهي: "نهار حشيش .. نهار ريش .. نهار تقرميش" بمعنى "اليوم الأول للاحتفال بالسنة الأمازيغية يبدأ حسب الأجندة الفلاحية، يوم 11 يناير، تعد فيه المرأة طبقا مكونا من الحشائش، والمعروف باسم "التبيخة" الذي تشتهر به الولاية، خاصة سكان الجبال الذين يتمركز فيهم الأمازيغ من قبائل بين صالح وقبائل ميصرة، هاتان القبيلتان تؤكد المتحدثة "معروفتان بقبائل الأطلس البليدي، يتحدثون باللهجة "الشلحية"، ويحرصون كل الحرص على إحياء كل العادات المرتبطة بحلول السنة الأمازيغية الجديدة التي ترمز إلى انطلاق الموسم الفلاحي". في السياق، تشير إلى أن طبق "التبيخة" طبق غني بالخضروات الخضراء، تعده المرأة البليدية بالفول و"القرنون" و "القرنينة" و"السلق" والأرز و"القصبر"، وغيرها من الحشائش التي تنمو في جبال الأطلس البليدي، وترمز إلى التفاؤل ببداية موسم فلاحي مخضر وناجح، أما اليوم الثاني الموافق ل12 يناير، ففيه "تقام الوليمة، حيث يؤتى ب"جاج عرب" وينتف ريشه، تطبقا لمقولة -نهار ريش- وتحضر ربة البيت طبق "الفطير" بالمرق الأبيض أو طبق "الرشتة" الذي عادة ما تشتهر به الولاية، ويجري التصدق ببعض منه في عملية تضامنية، بينما يأتي اليوم الموافق ل13 يناير، وهو اليوم الذي يسمى (نهار تقرميش)، يتم فيه إحياء بعض العادات المرتبط بالاحتفال بالسنة الأمازيغية، حيث يتم خلط المكسرات وحلوة "النوغة" و"الحلقومة" والكفتة ببعضها البعض، وبعدها تصب على رأس أصغر فرد في المنزل يوضع في القصعة، ثم تجمع الحلوى وتوزع على كل أفراد الأسرة، تفاؤلا بموسم حلو مليىء بالنجاحات". حدثتنا مواطنة أخرى عن ظاهرة الاحتفال في ولاية البليدة، والمرتبطة بإحياء بعض العادات والتقاليد، حيث قالت بأن "المناسبة تسمح بإحياء بعض الروايات والمعتقدات الخرافية التي ارتبطت بالسنة الأمازيغية، ولعل أشهرها تلك المرتبطة بالسيدة العجوز التي سخرت من يناير فعاقبها"، فيما تشير المتحدثة إلى "أنه رغم أنها خرافة، إلا أنها من عاداتنا التي نحب سردها على الأطفال، لأنها جزء من تراثنا"، مضيفة "إن من بعض العادات التي يتم إحياؤها، أن يقدم للعروس نبات يسمى (الجمار)، وهي شجيرة صغيرة ينتزع لبها ويؤكل، وهي أيضا من التقاليد المرتبطة بالاحتفال الخاصة بسكان البليدة"، لافتة إلى أن سكان البليدة هذه السنة متفائلون بحلول السنة الأمازيغية، خاصة أن الثلوج تهاطلت على جبال الأطلس البليدي قبل حلول شهر يناير، مما ينبئ بموسم فلاحي ناجح". بينما تشير مواطنة أخرى، إلى أن الاحتفال بالسنة الأمازيغية في ولاية البليدة تقليد راسخ، يرتبط بإحياء عدد من العادات والتقاليد التي تشير في دلالاتها إلى التفاؤل بموسم فلاحي ناجح، وحسبها، فإن أهم ما يميز سكان البليدة؛ طبق "التبيخة" الغني بالحشائش الخضراء، و"التراز" الذي يحضر بنفس الطريقة التقليدية، حيث تغلب عليه المكسرات بكل أنواعها؛ من لوز وجوز وقصطل وفستق وفول سوداني و"النوغة" والكفتة التي تحضر في المنازل بالزبيب والعسل، إلى جانب بعض أنواع الشكولاطة التي تعد دخيلة على تقليد التراز.