الأغلبية الساحقة و"المسحوقة" من الجزائريين، لم تعد تحتمل الفراغات والأزمات المفتعلة من طرف "أقلية" سياسوية تريد في كلّ منعرج تأجيل التغيير وتعطيل الإصلاحات، لأنها تدرك بأن "الحملة" ستجرفها إن آجلا أم عاجلا. ولذلك، تنفس الجزائريون الصعداء بعودة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من رحلته العلاجية سالما معافى، وقد وجّه الخيّرون والوطنيون رسالة إلى بقاع العالم، مفادها بأن الجزائر ستظل واقفة، بإذن الله، وبفضل تضحيات الأبطال واجتهادات الرجال. اللقاءات التي أجراها الرئيس، مع قادة أحزاب سياسية حملت في تفاصيلها "تباشير" استكمال التغيير، فقد تحدث بعض "ضيوف" قصر المرادية، عن تشريعيات مسبقة، وإجراء عملية جراحية على الحكومة، وفي الأولى والثانية، دليل آخر على النوايا الصادقة في وضع أركان الجزائر الجديدة. المرحلة القادمة، ستكون لهيئات منتخبة بعيدا عن التزوير و"الشكارة" و"الكوطة" وفيروس شراء الذمم ووباء التلاعب بالإرادة الشعبية، وكلّ ذلك، مثلما أكده الرئيس تبون، يندرج في إطار الاستجابة لمطالب الحراك الأصيل. إعادة انتخاب برلمان جديد ومجالس محلية، بلدية وولائية جديدة، يعني في ما يعنيه، ردّ الاعتبار ل"فخامة الشعب" وحقه في اختيار ممثليه بكل حرية وشفافية وبلا وساطة أو وصاية أو أبوية، مثلما كان مسلّطا عليه خلال السنوات الماضية، التي فُرض عليه في الكثير من الحالات، نواب وأميار "بلا مزيتو". الدور الآن، على الطبقة السياسية بمختلف مكوّناتها وأطيافها لمرافقة مسار التغيير الجذري، الهادئ، السلمي والسليم، قصد تأسيس مؤسسات شعبية تجسّد فعلا شعار "بالشعب وللشعب"، وتضع حدّا لعقلية الاحتكار و"التعنتير" التي أفرغت صناديق الاقتراع من محتواها خلال استحقاقات "العصابة"، وحوّلت العمليات الانتخابية، إلى مجرّد ديكور وهمي لتعيين الحاشية وبطانة السوء. الحلّ الآن ليس في "الكرسي الشاغر"، ولا في سياسة النعامة، ولا في منطق "نلعب وإلاّ نفسّد"، وإنّما في المشاركة والمنافسة والتسابق النّظيف والشريف، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، لتشييد دولة قوية وعادلة ومنصفة، لا يتساوى فيها الذين يعملون والذين لا يعملون، ولا تتوازى فيها أيضا الرداءة مع الكفاءة. الباب مفتوح دون شكّ للمقترحات البنّاءة، والمبادرات الجادة والمسؤولة، البعيدة عن حيلة التعجيز ووضع الدبابيس في العجلة لمنعها من السير نحو الأمام بنية عرقلتها حتى لا تصل في الوقت المحدّد..إذن، الأكيد أن الحيلة في ترك الحيل، حتى لا يضيع المزيد من الوقت في الهرطقات والخزعبلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. نعم، هي فرصة لتغيير ما يجب تغييره بالتي هي أحسن.. بالانتخابات المفتوحة والحرّة.. بعرض كلّ حزب لبضاعته.. بتغيير الذهنيات قبل تغيير المترشحين.. بتغيير البرامج قبل تبديل الأشخاص.. كذلك، بالنوايا الصادقة وبالعمل الحقيقي.. وأوّلا وأخيرا، باحترام كلمة الصندوق وإرادة الشعب التي تبقى من إرادة الله، وإرادة الله لا تقهر.