لا يُمكن لأي عاقل ونزيه ونظيف، أن يحجب الرؤية عن حقيقة الواقع منذ 22 فيفري، فقد تبدّد اليأس والإحباط والقنوط و”القنطة”، تدريجيا، وبدأ الأمل والتفاؤل بغد أفضل يلوح في الأفق، مع بروز بعض المؤشرات الإيجابية، التي ارتسمت ملامحها على فترات وعبر مراحل خلال الخمسة أشهر المنصرمة، في انتظار مرور ما تبقى من “سحابة الصيف” باختيار الجزائريين لرئيسهم الشرعي الذي سيكمل معهم مسار “الجزائر الجديدة”! إحباط “مشروع” العهدة الخامسة، وتساقط حبّات العصابة والحاشية وبطانة السوء، لم يكن من السهل تحقيقه لولا الهبّة الشعبية التي طالبت بالتغيير الهادئ، عبر مليونيات سلمية حضارية، أبهرت العالم، وأوقف التاريخ ليؤرشف الأحداث المتتالية والمتوالية التي صنعها الجزائريون بطريقة لم تتعوّد عليها الديمقراطيات القديمة والحديثة، وهو ما يبشّر بأن القادم أفضل! الأغلبية الساحقة التي أريد لها خلال عدّة سنوات أن تكون مسحوقة، وتابعة وليست متبوعة، استرجعت كلمتها وقال “فخامة الشعب” كلمته فقال الجميع أمرك أمري، ومع “تعطل” مسار الحوار كمخرج وحيد وآمن ومضمون من عنق الأزمة، يتمسك الجزائريون بمطالبهم المشروعة، بعيدا عن تلك الفئات “الضالة” التي حاولت وتحاول يائسة اختراق الحراك وركوبه والحديث باسمه، من أجل الضغط والابتزاز والمساومة! الجزائريون الذين أطاحوا بالعصابة، كرهوا تلك المجموعات المعزولة، التي “والفت” منطق “الكوطة” والتعيين والتسيير ب”التليكوموند”، و”والفت” أيضا أسلوب المناورة والمغامرة و”التخلاط”، لكنها هذه المرة، اصطدمت بحراك يرفض الاستغلال، ولا يريد سوى النهوض بهذا البلد الآمن، نهضة مشرّفة ومتحضرّة تغيّر الواقع المعاش من الحسن إلى الأحسن! مخرج النجدة سيأتي بإذن الله في القريب العاجل، وتعود الجزائر إلى السكّة الصحيحة بفضل أبنائها الشرفاء والنزهاء والخيّرين والحكماء، وبطبيعة الحال، لن يتسع الأمر إلاّ إذا ضاق، لكن بعد العسر يسرا، وإن الأزمة تلد الهمّة، وسيبدع الجزائريون في ابتكار الحلّ بما يُخرس الألسن الطويلة، ويقطع دابر المتآمرين ورؤوس الفتنة، مثلما انتهى الأمر بالمفسدين إلى الحساب والعقاب! هي دون شكّ فترة عصيبة، تمرّ بها البلاد والعباد، لكن التاريخ شاهد على أن لا مستحيل في هذه الأرض الطاهرة المسقية بدماء الشهداء والمحمية والمباركة بقدرة الله، لكن المطلوب المزيد من الحيطة واليقظة لعزل المناورين وفضح المتلاعبين، للوصول إلى توافق وطني يطوي الصفحة ويفتح صفحات جديدة تكتب فيها الأجيال بمداد البناء والتشييد وتصحيح الأخطاء السابقة والعودة إلى ميزان الحقّ والقانون والعدل والإنصاف والمساواة!