أكدت دراسة نشرها صندوق النقد العربي، أن النمو الاقتصادي في الجزائر يعتمد بدرجة كبيرة على القطاع الصناعي، خاصة الصناعات الاستخراجية، وبدرجة أقل الصناعات التحويلية، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة لا تساهم سوى ب4,5% من الناتج الداخلي الخام، "وهي بذلك من أدنى المستويات على المستوى العربي". وأوضحت الدراسة المنشورة مؤخرا تحت عنوان "أثر قطاع الصناعات التحويلية على النمو الاقتصادي في الدول العربية"، أن "زيادة إيرادات قطاع المحروقات في الجزائر، تُساهم بدرجة كبيرة في زيادة النمو الاقتصادي.."، ما يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على المنتجات الصناعية، وبالتالي "ارتفاع الطلب على القروض الموجهة إلى القطاع الصناعي، بما يساهم في زيادة إنتاجيته". وبالنسبة للصناعات التحويلية –موضوع الدراسة-، تمت الإشارة إلى أن مساهمتها في الناتج الداخلي الخام في الجزائر، قدرت ب4,5% في 2019، وهي من أدنى المستويات المسجلة في الدول العربية محل الدراسة (14 دولة)، إذ لا تتفوق الجزائر في هذا المجال سوى على العراق الذي بلغت النسبة به 2,2%. كما بلغ متوسط إنتاجية العامل في الصناعات التحويلية الجزائرية، 159,4 دولار يوميا، بمعدل نمو سلبي (-0,2%) في الفترة الممتدة بين 2010 و2018 . بينما بلغ متوسط عدد العاملين في هذا القطاع مقارنة بإجمالي عدد العمال 11,9% في نفس الفترة. أما بخصوص الصادرات من منتجات الصناعات التحويلية، فأشارت الدراسة إلى أن نسبة المنتجات الكيميائية المصنعة ضمن إجمالي الصادرات، تقدر ب0,5 % في 2010، لتنتقل إلى 5,9 بالمائة في 2018. أما بخصوص المصنوعات عالية التقانة، فقد انتقلت صادراتها من 5,4% في 2010 إلى 7,8% في 2018. وتؤكد الدراسة الوضع المتأخر الذي تشهده الصناعات التحويلية ببلادنا، بالرغم من المؤهلات والقدرات الكبيرة التي تملكها في هذا المجال، ومنها توفرها على المواد الخام سواء في الفلاحة أو المناجم أو الطاقة، يمكن تحويلها إلى منتجات نصف مصنعة أو مصنعة، للاستهلاك الداخلي أو التصدير. ولتدارك هذا الوضع، كان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد شدّد منذ أكثر من سنة على ضرورة تطوير هذا الفرع الصناعي، مؤكد استعداد الدولة لتشجيع أي مشروع في مجال الصناعات التحويلية بنسبة تمويل قد تصل إلى 90%. وألح على ضرورة إعطاء الأولوية المطلقة لتحويل المواد الأولية الوطنية، بدل تصديرها بصفة تلقائية في شكلها الخام، نظرا للدور الذي تلعبه في خلق الثروة ومناصب الشغل. فضلا عن تشجيعها بتمويل يصل إلى 90%، فإن رئيس الجمهورية أعلن عن منح مشاريع الصناعات التحويلية الأولوية في الحصول على العقار الصناعي. ويشتكي قطاع الفلاحة بالخصوص من غياب هذا النوع من الصناعات، لاسيما في السنوات الأخيرة التي سجلت فيها نسب إنتاج عالية لبعض المنتجات الفلاحية، كثيرا ما ينتهي مصيرها في "المزابل"، بسبب غياب صناعات تحويلية من جهة ومخازن كبيرة من جهة أخرى. وأمام هذا الوضع، فإن عديد الفلاحين دخلوا معترك التصدير، باقتحام أسواق خارجية، أصبحوا يفضلون تموينها بالخضر والفواكه الطازجة، في انتظار استثمارات حقيقية في مجال التحويل.