اعترف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، أمس، بصعوبة الانتخابات التشريعية القادمة، ووصفها بالامتحان الصعب على حزبه، بسبب الآثار السلبية التي تركها الحراك الشعبي على صورة "الأفلان"، واعدا بوضع قوائم الترشيحات انطلاقا من القاعدة بدلا من القمة. وأكد بعجي خلال الاجتماع الذي جمعه ب121 محافظ ورؤساء اللجان الانتقالية، بالعاصمة، أن الاستحقاقات القادمة تجري في سياق مغاير، "وهي بمثابة امتحان حقيقي بالنسبة للحزب"، لأنها "تجري في ظل مناخ سياسي واجتماعي، يسوده التوجه العام نحو تحقيق التغيير الذي يحرص عليه الجميع، بضمان من رئيس الجمهورية الذي تعهد بمرافقة هذه المطلب وتحقيق تطلعات الجزائريين في التغيير الشامل". وأشار إلى أن هذه الظروف الجديدة تجعل التشريعيات "اختبارا لمدى قدرة الحزب العتيد على المنافسة السياسية، في ظل منظومة دستورية وقانونية جديدة، أنهت الصلة بالممارسات والسلوكيات السابقة". كما أكد بعجي بأن الانتخابات القادمة ستجري في جو من الشفافية والنزاهة تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، في رسالة مشفرة منه للمحافظين، مفادها أن التزوير الذي كان سببا في وصول عديد النواب لقبة البرلمان المحل، لم يعد عملة متداولة في الجزائر الجديدة. وإذ أعرب في هذا الصدد عن التزام حزبه بالأحكام الجديدة التي تضمنها قانون الانتخابات، لا سيما ما تعلق منها بآليات الرقابة المالية، لم يخف الأمين العام للأفلان مخاوفه من ما اعتبره "تسلل البعض ممن لديهم أساليب خاصة في شراء الذمم، عبر طرق وآليات للتأثير على الناخبين.."، قبل أن يؤكد بأن "مصالح الدولة ستبقى واقفة لصد مثل هذه المحاولات". كما جدّد المتحدث، التزام الحزب بتقويم مساره وتكيفه مع الرهانات الحالية، ملتزما بتطبيق خريطة التغيير وفق القانون الأساسي والنظام الداخلي، مستبعدا من جهة أخرى أن يقبل الأفلان على إجراء تحالفات انتخابية مع أحزاب أخرى، حيث اعتبر الحديث عن هذا الموضوع سابق لأوانه. ووعد أن تكون قوائم الحزب الخاصة بالتشريعيات نابعة من القاعدة وليست من القمة، على أمل أن تشفع هذه الطريقة للحزب لنيل ثقة الناخبين. وأثنى بعجي على الجهود التي يقوم بها رئيس الجمهورية على غرار التزامه بمواصلة مكافحة الفساد وعفوه عن المساجين في الذكرى الثانية للحراك الشعبي، ثم حلّه للبرلمان مع إقرار انتخابات مسبقة، فضلا عن تحريكه للدبلوماسية الجزائرية حول الملفات ذات الارتباط بالأمن القومي، مع الاستمرار في نصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها قضيتا فلسطين والصحراء الغربية. على صعيد آخر، قلّل بعجي في رده على أسئلة الصحفيين من حدة الاحتجاج الذي نظمه بعض المناضلين منذ أيام أمام مقر الحزب، حيث أشار إلى أن المحتجين كان عددهم 12 عنصرا من مجموع 500 عضو للجنة المركزية، مرجعا سبب هذا الاحتجاج إلى "دفاع هؤلاء عن مصالحهم الشخصية"، لا سيما وأن الاحتجاج تزامن مع استدعاء الرئيس للهيئة الناخبة، على حد تعبيره. ويكشف تجاهل بعجي للمحتجين وعدم فتحه لقنوات حوار، مدى الشرخ الذي عمّق الأزمة السياسية للحزب عشية التحضير للانتخابات، لاسيما وأن عديد مناضلي الحزب شدّوا الرحال نحو أحزابا أخرى تحظى بقبول لدى الشعب، خوفا من خسارة مؤكدة في الانتخابات القادمة. كما أن بعضهم قرّر الترشح في قوائم حرة، وهي فئة تشمل من كانوا على خلاف مسبق مع القيادة الحالية أو من لديهم المال والإمكانيات والدعم للتقدم للسباق الانتخابي المقبل خارج غطاء الحزب. في هذا الإطار، تجدر بنا الإشارة إلى أن اجتماع المحافظين أمس غاب عنه النواب وأعضاء مجلس الأمة المنتمين للحزب، والذين اعتادوا على التواجد في الصفوف الأولى للمدعويين، ما يعكس حالة الفتور التي دخل فيها الأفلان، خاصة في ظل الحديث عن تحضير جزء من النواب السابقين وعدد من أعضاء مجلس الأمة وبعض المناضلين، لحركة تصحيحية جديدة.. تطبخ في الكواليس.