يلقي المخرج المسرحي أحمد رزاق، نظرته على الواقع الحالي في العمل المسرحي "شارع المنافقين" الذي أنتجه المسرح الوطني "محيي الدين بشطارزي"، واستند في ذلك على عدد من الفضاءات لتقديم مجموعة من مظاهر الفساد والغش والاحتيال، ضمن لعبة مسرحية ذكية، غير أن إيقاعها الدرامي يميل إلى الرتابة والبطء. نسج أحمد رزاق في نصه حبكة درامية من نوع الكوميديا السوداء وهو أسلوبه المألوف في الكتابة المسرحية، على غرار أعماله السابقة "خاطيني"، و"كشرودة" و"طرشاقة"، غير أن "شارع المنافقين" يختلف من حيث إيقاع باقي هذه المسرحيات، وتجلت فترات لافتة فاترة، ولا سيما عند تنقّل بعض الممثلين. وتدور وقائع القصة حول مجموعة من الناس، سمحت الظروف بأن يكون الدين عاملا مشتركا بينهم ومربط فرس المشاكل التي تواجههم في وقت واحد. وإذ ينتقل المخرج من شخصيات صاحب فندق وصاحبة صالون حلاقة وجزار وخباز، أبوابا للحديث عن أوجه الغش والفساد والاحتيال. واستعرض عبد الغني شنتوف عضلاته في السينوغرافيا. واعتمد في "شارع المنافقين" على تقنية الخشبة على الخشبة، في عرضه الشرفي أول أمس السبت بالمسرح الوطني في الجزائر العاصمة؛ حيث تكون الخشبة الأولى بشكل دوراني، يرسم صورة شارع يحتوي على فندق، وقاعة حلاقة، وحانة. وتنتقل أحداث المسرحية من لوحة إلى أخرى، وما تلبث أن تثبت في مكان واحد، وقد منح عنايته التامة لتفاصيل الديكور واللباس والإضاءة. ويستهل العرض بأغنية للراحل دحمان الحراشي "حاسبني وخد كراك"، واتخذها المخرج كعتبة استهلال المسرحية، ثم يمضي نحو لوحة ثانية، وهي بهو استقبال فندق "السعادة"؛ حيث نجد "سي مدني" (حميد عاشوري) صاحب الفندق، يواجه عامل النظافة (محمد الحواس) في حديث ذي شجون عن حال الفندق الرث، إلى أن وصلا إلى مطالبة العامل بأجره، وتكملة ما انتقص من السابق. ثم تتجلى روابط ديون أخرى؛ فالكل يدين للكل، تبقى الوضعية في حلقة مفرغة؛ وكأن رزاق يريد بنا العودة للحديث عن مبدأ من الأول؛ الدجاجة أم البيضة؟ أو ربما أراد أن يعرّي هذه الشخصيات التي أضحت مادية، باحثا عن شيء من الإنسانية، لكن بدون جدوى؛ لذلك اختار المخرج أغنية "يا حسرا عليك يا الدنيا" للراحل كمال مسعودي، خاتمة للعرض؛ حيث يجمع متناقضات الحياة؛ عن المال، الذي أضحى معيارا، ورخصت مقاييس الأخلاق والمعرفة، التي هي مثال للضعف والفشل.