وضع المخرج أحمد رزاق المجتمع في أسوء الأوضاع، في مسرحيته الأخيرة «كشرودة»، فجعل المرأة عاهرة والرجل عديم الشرف، مما يعتبر حكما غير معقول وقاس لجزائر ما بعد البترول، كما جنح للخطابات المباشرة التي أفسدت العرض، فالمتّفق عليه أن المسرح لا يعطي مواعظ بقدر ما يرتكز دوره على الجانب الفني والجمالي، خصوصا «فرجويا». المسرحية التي أنتجها المسرح الجهوي لسوق أهراس عن نص وإخراج لأحمد رزاق، عرضت سهرة الأربعاء المنصرم بالمسرح الوطني الجزائري ضمن جولتها الوطنية عنوانها «كشرودة»، وافتقر إلى العديد من عناصر المتعة البصرية بأداء فاتر لمعظم الممثلين، إذ يبدو أنّ رزاق ذهب بعيدا بخياله، في تنبؤ الجزائر ما بعد البترول، حيث سيعيش الشعب فقرا وتفسخا عائليا وغياب الأب وتدحرج دور الأم إلى الدرك الأسفل، فسبّ المجتمع بأرذل الأوصاف، وعلى أنّه كسول ولن يستطيع العيش إلاّ من إيرادات النفط، في لوحات ضعيفة يغلب عليها الكاريكاتور، فضلا عن أنّ السينوغرافيا لم تساهم في إعطاء صورة بصرية تجذب المتلقي، وافتقد النص لبنية درامية متماسكة الأركان. عاب على المسرحية أداء الممثلين باستثناء دور الجدة الذي كان متميّزا، ناهيك عن أنّ عنوان العمل «كشرودة» لا يتصل أبدا بمضمونه، وظهرت في العشرين دقيقة الأخيرة من العرض الذي مدّته 80 دقيقة. تحكي مسرحية «كشرودة»، حسب ملخص العمل، أنّ قدر «كشرودة» اختار أن تولد في بلد في الجنوب في عام 2098، وهي السنة التي يتوقّع فيها نهاية البترول أو «الذهب الأسود» والإعلان عن استنزاف احتياطات الغاز. «كشرودة» تشبه المسرحيات السابقة التي قدّمها أحمد رزاق، حيث تنتقد الواقع الجزائري بسوداوية مفرطة، وهي عبارة عن رحلة في المجتمع ما بعد البترول، وتصوير للفقر والبؤس القاتل، ويشارك في تجسيد أحداث المسرحية العديد من الممثلين، على غرار لبنى نوي، صبرينة قوريشي، رياض جفافالية، قراح هشام، عتروس زهير، علي عشّي، طارق بوروينة، لعربي بهلول ومحمد حاوس. يأتي إنتاج «كشرودة» بعد نجاح إعلامي باهر حقّقته «طرشاقة» (إنتاج المسرح الوطني الجزائري 2016) للمخرج أحمد رزاق، والتي توّجت بجائزة أحسن عرض متكامل في اختتام الطبعة ال11 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف.