يعرض الفنان التشكيلي طاهر بلال لوحاته الجديدة، إلى غاية 23 سبتمبر برواق باب الزوار في الجزائر العاصمة، حيث يواصل فيها برمزية استنطاق ذاكرة الزمان والمكان ومختلف ظواهر المجتمع، من خلال استخدام بقايا الجلود التي يطعم بها فضاء إبداعاته الفنية، لينسج عوالم ساحرة محملة بدلالات جمالية. اعتمد بلال ذو التكوين العصامي في صياغة أعماله الفنية المعروضة، ويتجاوز عددها ال30 لوحة بمختلف الأحجام والتأطير، على أسلوب خاص وفق رؤيته الفلسفية لمختلف ما يفرزه المجتمع من ظواهر، يرصدها كمواضيع بطريقة تجريدية، ويقوم بنسجها وفق خلفية سوداء يطعمها بألوان أساسية كالأحمر والأزرق والأصفر، ليطرح تساؤلاته حول جدوى الفن، وهو ما ينم عن موهبة وحب لهذه الرؤية الفنية الجديدة المغايرة. يوظف الفنان في تأثيث مشروعه الفني الفريد من نوعه، على مواد مختلفة لتشكيل لوحاته الفنية، أهمها استخدام بقايا الجلود التي يعتمد عليها لبناء لوحاته، من خلال أسلوب التلصيق على الورق لهذه المادة النبيلة، التي روضها لتتفاعل مع مساحة العرض في أسلوب فني جديد وحداثي مفعم بالإبداع. كما تنبعث من اللوحات الفنية المعروضة بأناقة داخل فضاء "رواق الزوار"، رائحة الماضي والذكريات والأحلام والهواجس التي تؤرقه، وتنعكس في أشكال فنية دقيقة متماوجة وبألوان زاهية. في هذا الإطار، أكد الفنان العصامي طاهر بلال، أنه أراد من خلال تقنيته المتمثلة في استخدام بقايا الجلود لتنفيذ أعماله، هو طموحه لنقل مادة الجلود من نطاق استخداماتها الحرفية في الصناعات التقليدية، باتجاه أفق الفن التعبيري المعاصر، كمفهوم بصري حداثي، وإعطائها بعدا جماليا وتقنيا في الصميم، معتبرا أن مختلف الحضارات استخدمت الجلد كمادة أساسية منذ فترة ما قبل التاريخ في تعاملاتها اليومية. أوضح الفنان من جهة ثانية، أنه رغم الخلفية السوداء التي تميز أغلب لوحاته، فهي تحمل في طياتها رسائل للأمل والتفاؤل والتعايش والتناغم، باعتبار أن الثقافة والفن عامل مشترك ولغة عالمية للتسامح، وينعكس ذلك من خلال تماوج ساطع لباقي الألوان على سطح العمل الفني، حيث تتحول الواجهة الزجاجية لمرآة تعكس أجواءنا النفسية، ورحلة نغوص فيها لعوالمنا الداخلية. أشار الفنان بلال، إلى أن مساره الفني انطلق من عالم التصوير الفوتوغرافي الفني، الذي كان مدخلا لولوجه عالم الفن التشكيلي وجمالياته، ويجتهد عبر مختلف مراحل ممارسته الفنية إلى غاية توجهه، كخيار فني مغاير لتقنية جديدة في المجال، تتمثل في استخدام بقايا الجلود، كخيار مفاهيمي تعبيري غير مألوف ومغاير. أبرز أن أعماله الفنية المعروضة حاليا، بمثابة امتداد لسلسلة معارضه الفنية السابقة التي شرع فيها، لإبراز موهبته الفنية العصامية منذ سنة 2001، واستكمال مشروعه الفني، كما تم تنظيم أول معرض فردي له بمسقط رأسه تيزي وزو عام 2016، ثم معرض ببومرداس، وبالمركز الثقافي الفرنسي في الجزائر، إضافة إلى معرض آخر على مستوى رواق "حسين عسلة" بالجزائر الوسطى عام 2019. سيتواصل هذا المعرض إلى غاية 23 سبتمبر القادم، وبإمكان عشاق الفن التشكيلي زيارة المعرض واكتشاف تجربة فنية جديدة.