حذرت منظمة الصحة العالمية على لسان نائب مديرها، كيجي فوكودا، من أنه لا توجد أي منطقة في العالم بمنأى عن خطر فيروس انفلونزا الخنازير. موضحة أن رفع مستوى الإنذار إلى الدرجة الرابعة على سلم من ست درجات يعني "ارتفاعا ملحوظا" في خطر انتشار مرض أنفلونزا الخنازير. ويعكس هذا القرار خشية خبراء المنظمة الدولية من أن يظهر الفيروس قدرة على الانتقال من إنسان إلى إنسان، حسبما يقول المعلقون. وقال كيجي فوكودا أمس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف "ان بناء على نصيحة لجنة الطوارىء في منظمة الصحة العالمية قررت المديرة العامة رفع مستوى الإنذار من 3 إلى 4"، مضيفا إن إعداد لقاح ضد المرض قد يستغرق بين 4 و6 أشهر. ودعا دول العالم إلى تكثيف استعداداتها لانفلونزا الخنازير ولكنه قال أن إغلاق الحدود وفرض قيود على السفر لن يكون مفيدا في الوقت الراهن، مضيفا أن الخبراء يحتاجون إلى مزيد من البيانات لتحديد ما إذا كان التفشي يحتمل انتقاله من إنسان إلى إنسان وانه يجب مواصلة إنتاج لقاحات أنفلونزا موسمية. وجاء قرار منظمة الصحة العالمية في وقت ازداد فيه في العالم عدد الإصابات بانفلونزا الخنازير ما أدى إلى تصاعد المخاوف من انتشار للمرض على نطاق العالم. وقد تأكدت وفاة 26 حالة جديدة في المكسيك ويعتقد أن 149 شخصا توفوا جراء الإصابة بمرض أنفلونزا الخنازير، بينما تزداد سرعة انتشار الفيروس ويهدد بالتحول إلى نمط أكثر خطورة. وأعلن وزير الصحة المكسيكي "خوسيه انغيل كوردوفا" أن متوسط أعمار الوفيات يتراوح ما بين 20 و59 عاما. وقد تأكد وجود إصابات بالمرض في كل من الولاياتالمتحدةوكندا واسبانيا، وفي اسكتلندا التي أعلن عن ظهور حالتين فيها. وأعلنت السلطات الصحية الأمريكية انه تم التأكد من وجود 40 إصابة بانفلونزا الخنازير في خمس ولايات مشددة على أن هذه الزيادة غير ناجمة عن انتشار الوباء وإنما عن تحسن عملية الرصد والولايات الخمس هي نيويورك واوهايو وكاليفورنيا وكنساس وتكساس. وأعلن مدير مركزي لمراقبة الأمراض والوقاية، ريتشارد بيس، أن حالات الإصابة جاءت من مدرسة واحدة في نيويورك واكتشفت نتيجة عملية فحص جرت في هذه المدرسة وليس نتيجة انتشار للفيروس. وأضاف "انه من بين الأربعين حالة لم يتم نقل إلا شخص واحد إلى المستشفى فيما شفي الآخرون"، موضحا أن أعمار المرضى تتراوح ما بين 7 و54 سنة. وأعلن من جهة أخرى أن الولاياتالمتحدة ستوزع 11 مليون جرعة للعلاج من انفلونزا الخنازير من المخزون الفيدرالي لمساعدة الولايات التي انتشر فيها الفيروس. وفي كندا تأكدت إصابة 6 حالات وأعلن رئيس جهاز الصحة العامة في مقاطعة اونتاريو أن ما بين 10 و12 شخصا وضعوا في الحجر الصحي بعد أن ظهرت عليهم أعراض قريبة جدا من أنفلونزا الخنازير. أما في اسكتلندا فقالت وزيرة الصحة نيكولا ستورغيون انه تأكد إصابة شخصين كانا قد سافرا إلى المكسيك بمرض انفلونزا الخنازير ليكونا أول حالتين مؤكدتين في بريطانيا، مضيفة أنهما أدخلا المستشفى. وفي بلجيكا أعلنت السلطات أنها تحقق في احتمال إصابة ستة أشخاص بانفلونزا الخنازير. وصرح دانيال ريندرز من اللجنة الوزارية لمكافحة الانفلونزا بأنه "تم عزل هؤلاء الأشخاص وأخذ عينات لتحليلها". وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب" أن هناك حالة إصابة بانفلونزا الخنازير في كوريا الجنوبية. ومن جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن يتسبب هذا الفيروس في وباء انفلونزا جديد، "يمكن أن يكون خفيفا في تأثيره أوأن يكون شديدا." مضيفا بقوله "لا نعرف بعد كيف سيتطور المرض، لكننا نشعر بالقلق لأن معظم الذين توفوا به في المكسيك هم من الشباب والبالغين الأصحاء." وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الموقف يدعو إلى القلق ولكن لا داعي للاستنفار أوالذعر بعد أن تأكد إصابة نحو 40 شخصا في الولاياتالمتحدة بالفيروس. ورأت منظمة الصحة العالمية أن العالم مستعد الآن أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة أي تفش محتمل لوباء الانفلونزا في ضوء اتخاذ العديد من الدول تدابير وقائية لوقف انتشار انفلونزا الخنازير. وقال كيجي فوكودا، مساعد المدير العام للمنظمة، إن الجهود التي بذلت على مدى عدة سنوات لمواجهة انفلونزا الطيور أسهمت في زيادة مخزون مضادات الفيروس في مختلف أنحاء العالم. ونصحت المنظمة دول العالم توخي الحذر والتعامل بجدية مع أي أعراض انفلونزا غير عادية بين سكانها خاصة في أوساط الشباب والكبار. ومن جهتها، شرعت دول كثيرة في إجراء مراقبة صحية للمسافرين في المطارات القادمين من المكسيكوالولاياتالمتحدة. ففي مطار شنغهاي على سبيل المثال تم فحص المسافرين بمعدات طبية خاصة للتأكد من خلوهم من أعراض الفيروس. بل أن بعض الدول سارعت في إصدار تحذيرات لمواطنيها بشأن السفر إلى المكسيك، وإضافة إلى إجراءات المراقبة الصحية في المطارات والموانئ بدأت حكومات العالم في توفير مضادات الفيروسات بكميات كبيرة. وقررت حكومات مثل الصين وروسيا وضع أي شخص لديه أعراض الفيروس القاتل قيد الحجر الصحي، كما زادت معظم الحكومات إجراءات فحص واردات الخنازير من الأمريكتين أوفرضت عليها حظرا مؤقتا. وحثت وزارة الخارجية الأمريكية الأمريكيين على تجنب كافة أشكال السفر "غير الضروري" إلى المكسيك خلال الأشهر الثلاثة القادمة بسبب تفشي أنفلونزا الخنازير، كما حذرت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها من السفر إلى المكسيك. وتعيش معظم الدول الآسيوية حالة استنفار خوفا من تفشي الفيروس فيها خاصة في الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الصين والهند حيث أعلنت سلطات المطارات في اليابان واندونيسيا وهونج كونج وسنغافورة خططا لفحص المسافرين لكشف أي أعراض للأنفلونزا. يشار إلى أن فيروس انفلونزا الطيور أودى خلال السنوات الماضية بحياة المئات في الدول الأسيوية في مقدمتها اندونيسيا والصين. من جهته، قال بيتر كوردينجلي المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن دول آسيا أكثر استعدادا للتعامل مع أي انتشار وبائي لانفلونزا الخنازير من خلال الخبرات التي اكتسبتها في التعامل مع وباء سارس عام 2003 الذي أودى بحياة أكثر من 800 شخص. وتمثلت هذه الخبرات بصفة خاصة في إجراءات المراقبة في المطارات والحجر الصحي والتعامل مع تلاميذ المدارس. لكن خبيرا صينيا بارزا حذر من أن دولا مثل الصين والهند واندونيسيا ليست مستعدة جيدا لمواجهة تفشي انفلونزا الخنازير بصورة وبائية معتبرا مستبعدا التمكن من احتواء تفشي فيروس أنفلونزا الخنازير بين البشر في وقت قصير. وأضاف أن هناك مشكلات حقيقية في الصين والهند بسبب الكثافة السكانية وعدم كفاية الخدمات الصحية. وأوضح من جهة أخرى أن الصورة الحقيقية لانتشار الفيروس لم تتضح حتى الآن موضحا أن الحالات رصدت في جميع مناطق العالم.