يعتبر تثبيت رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لنفس التشكيلة الحكومية، تكليفا لها لمواصلة إنجاز ومتابعة ما شرعت فيه من مشاريع تندرج كلها في إطار البرنامج الرئاسي، لا سيما في ظل ظروف عالمية مضطربة، تهدد تداعياتها مختلف دول العالم على خلفية الأزمة المالية التي تسببت في إحداث تراجع في مستوى النمو، وتفرض على الجزائر على غرار باقي الدول توخي الحيطة والحذر في تنفيذ البرامج التنموية الضخمة الممولة بدعم من الدولة. فعلاوة على حرصه على تكريس مبدأ الاستمرارية الذي تبناه شعارا لبرنامجه المعد للسنوات الخمس القادمة، فإن قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الإبقاء على نفس أعضاء الجهاز التنفيذي الذي عمل معه خلال العهدتين السابقتين لا يمثل تشريفا لهم بقدر ما يعتبر تكليفا لكل فرد من أفراد الطاقم الحكومي بمتابعة ما لديه من ورشات مفتوحة، ودعمها بما يحمله البرنامج التنموي الجديد من برامج إضافية تهدف إلى تعزيز ما تحقق من إنجازات وتدارك بعض النقائص في بعض المجالات التي تستلزم التدعيم، مع التكفل بتنمية قطاعات محورية كالفلاحة والصناعة والسياحة، والتي يعول عليها كثيرا لإنعاش النمو الاقتصادي واستحداث موارد جديدة تستخلف الموارد التي يدرها قطاع المحروقات. وما يبرر هذا الطرح هو أن رئيس الجمهورية كان قد كلف الحكومة منذ أشهر قليلة فقط، بمواصلة تنفيذ برنامجه الرئاسي الذي لا زالت العديد من مشاريعه لم تستكمل، خاصة في مجال السكن والأشغال العمومية والنقل والموارد المائية، كما يراعي برنامجه الجديد الذي رصد له 150 مليار دولار، استكمال العمليات المتبقية من البرنامج السابق ودعمها بمشاريع جديدة. كما تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى التعليمات التي وجهها الرئيس قبل 6 أشهر فقط لأعضاء حكومته من أجل الإسراع في تنفيذ تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وتفعيل هذا الملف الذي يعد من أكبر الملفات التي يحملها برنامج العهدة الجديدة للسيد عبد العزيز بوتفليقة، المرتكز على محوري ضمان الاستمرارية في البناء وفي تفعيل عوامل التنمية وتحقيق استقرار البلاد على مختلف الأصعدة. وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بالعمل على تفعيل كافة المحاور التي حددها الرئيس بوتفليقة في برنامجه، والتي تشمل بالأساس تعزيز أمن الجزائر وأمانها، وتدعيم الوحدة الوطنية، وترقية الحريات، وتحقيق مزيد من التقدم في مجال ترشيد الحكم، بمواصلة الإصلاحات الهادفة إلى ترقية نوعية الخدمة العمومية والقضاء على الممارسات البيروقراطية، وتعزيز الشفافية والفعالية في المحيط الاقتصادي، وتعزيز ما تحقق على درب التنمية البشرية، من خلال الاستجابة لحاجيات السكن، والتعليم، والصحة، ومختلف الخدمات العمومية الأخرى، وكذا العمل على دفع عجلة النمو الاقتصادي بتوظيف إمكانيات إضافية لاستحداث ثروات خارج المحروقات، واستحداث أكبر عدد من مناصب الشغل. كما ستساهم الحكومة على صعيد السياسة الخارجية، في الجهود الرامية إلى تمكين الجزائر من تأكيد تواجدها أكثر على الساحة الدولية، لا سيما من خلال التعبير الدائم عن دعم الجزائر الثابت للقضايا العادلة، على غرار دعم حقوق الشعبين الصحراوي والفلسطيني، وبذل كافة الجهود من أجل المساهمة في ترقية اتحاد المغرب العربي وترقية الوحدة العربية، وتعزيز روابط التضامن مع الأمة الإسلامية، ودعم التزام الجزائر من أجل تنمية القارة الإفريقية، وترقية السلم والأمن الدوليين والتعاون في حوض المتوسط، وتطوير الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وفي إطار الاتحاد من أجل المتوسط في ظل الاحترام المتبادل للمصالح المشتركة، مع مواصلة الجهود الحثيثة للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة. كما تنتظر الحكومة تحديات كبرى على الجبهة الداخلية والتي ستسهر على رفعها تنفيذا لما سطره رئيس الجمهورية في برنامج العهدة الجديدة، استكمالا لجملة المكاسب المحققة خلال العهدتين السابقتين. ومن أبرز هذه التحديات ضمان الاستقرار الاقتصادي، في ظل الوضع العالمي المتميز بأزمة مالية خانقة، والتي لازالت تداعياتها تهدد التوازن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للعديد من دول العالم، وفي ظل توقعات بتراجع معدلات النمو لدى الدول التي تعتمد برامج تنموية ضخمة مدعمة عموميا، مثلما هو حال الجزائر التي تستعد لتجسيد استثمارات عمومية هامة على مختلف الأصعدة. فعلى صعيد دعم التنمية الوطنية، فإن الخطوات الأولى التي يركز عليها برنامج الرئيس بوتفليقة، تشمل استكمال البرامج الكبرى التي تم الشروع فيها خلال العهدة الأخيرة من أجل وضع أسس التنمية وبناء القاعدة التي تنتعش من خلالها عوامل التوازن التنموي على مستوى مختلف جهات الوطن، وتشمل هذه البرامج إنهاء مشروع الطريق السيار شرق غرب، في غضون ربيع 2010، بعد أن فاقت نسبة تقدم أشغاله في الميدان ال60 بالمائة، واستكمال برامج النقل الحضري التي سترى مختلف مشاريعها النور بداية من الصائفة المقبلة، وتوسيع شبكة النقل بالسكة الحديدية مع تعميم عملية كهربتها عبر مختلف الخطوط الوطنية، علاوة على إتمام البرنامج السكني الذي يضم قرابة 1,5 مليون وحدة سكنية من مختلف الأصناف والانطلاق في البرنامج الجديد الذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة خلال حملته الانتخابية والمتضمن هو الآخر مليون وحدة سكنية جديدة. ولما كانت قناعة الرئيس بوتفليقة في أن أكبر التحديات التي تواجهها جزائر الغد مرتبطة أساسا بمستقبل الشباب الذي يمثل أكبر نسبة في المجتمع الجزائري، فقد خص هذه الفئة بمشاريع هامة، منها ما تعلق بتوسيع هياكل الاستقبال والإيواء والإطعام في مختلف أطوار التعليم العالي، وتهيئة كل الظروف لاستقبال نحو مليوني جامعي في غضون سنة 2015، ومنها ما يتصل أيضا بتشييد المرافق الرياضية والثقافية والترفيهية، بينما يتمثل التحدي الآخر الذي تراهن عليه الدولة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، في دعم مجالات التشغيل للقضاء على البطالة التي لا زالت تشكل السبب الرئيسي لمظاهر الانحراف واليأس التي تفشت في المجتمع الجزائري، وضمن خطط معالجة هذه الظاهرة سيعمل الجهاز التنفيذي على دعم قرار الرئيس باستحداث 3 ملايين منصب شغل، نصف عددها مناصب دائمة.