يعد المؤرخ والجامعي الفرنسي اوليفيي لوكور غراندميزون احد منظمي ملتقى "8 ماي 1945 بسطيف وقالمة: تاريخ وصف ونكران" الذي عقد أمس بقاعة محاضرات بلدية مدينة باريس حيث يؤكد في هذا الحديث مع وكالة الانباء الجزائرية على اهمية تنظيم هذا الملتقى وعلى ضرورة القيام بكفاح من أجل انتزاع الاعتراف بالجرائم الفرنسية المقترفة في الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية. س: إنكم تشاركون في تنظيم ملتقى بباريس حول مجازر8 ماي 1945 إلى أي انشغال يستجيب هذا الملتقى؟ ج: إذا كنت قد قمت مع اخرين باتخاذ هذه المبادرة فلأنني اعتقد انه مهم وضروري تنظيم ملتقى مفتوح لاكبر عدد من الناس حول مجازر سطيف وقالمة التي تظل في أحايين كثيرة مجهولة للجمهور وفي بعض الأوقات حتى لبعض المؤرخين الفرنسيين كما تفاجأت بالوقوف عليه مؤخرا. كما انه مهم على مستوى المعرفة الحقيقية بالوقائع ومجرياتها ونتائجها الخطيرة على "الاهالي" كما كان يقال حينها وكذا على مستوى الوصف السياسي والقانوني لهذه الاحداث المأسوية. مهم أيضا لانه بتنظيم هذا الملتقى خارج مدرجات الجامعة فإن الامر يتعلق بمحاولة افادة أناس ليس باستطاعتهم لأسباب شتى التوصل الى المعارف المقدمة في التعليم العالي. في الاخير هو مهم على المستوى السياسي والرمزي لان هذا الملتقى سينظم بمقر بلدية باريس اياما قليلة قبيل احياء تاريخ آخر ل8 ماي 1945 المرادف للتحرير واسترجاع الحريات والذي لم يساهم في اخفاء ما وقع في ذلك الوقت في المقاطعات الفرنسية بالجزائر حسب الوصف المتعارف عليه انذاك واني أفسر ذلك على انه خطوة اولى على قدر كبير من الايجابية التي اتمنى أن تسمح بان يتم الاعتراف اخيرا بهذه المجازر من قبل بلدية باريس التي تتشرف بقيامها بهذه الالتفاتة التي ينتظرها كثير من الجزائريين والفرنسيين. س: هناك كتب ومؤلفات تم اصدارها مؤخرا حول 8 ماي 1945 كما تم بث فيلم وثائقي منذ شهور على القناة الفرنسية الثانية كيف يمكن تفسير هذا الاهتمام بهذه الصفحة السوداء من تاريخ فرنسا؟ ج: لطالما كانت اعمال الجامعيين والمؤرخين كثيرة حول الحقبة الاستعمارية عموما وحول المجازر التي اقترفها الجيش الفرنسي في مختلف مناطق الامبراطورية على وجه الخصوص. ان الجديد بدون شك هو ان هذه الاعمال والافلام الوثائقية المخصصة لهذه الفترة تلاقي صدى يتعدى حدود العالم الاكاديمي كما نقول. ربما لكونها تخص الاحداث الوطنية والدولية والجدالات المختلفة التي خلفها خلال السنوات الاخيرة إصدار قانون 23 فيفري 2005 ان هذا القانون الذي لازال ساري المفعول جاء ليتوج تفسيرا كاذبا وممجدا للاستعمار الفرنسي اذ لا يمكننا ان ننسى في الاخير الدور الذي لعبه عدد من الجمعيات التي تكافح منذ سنوات من اجل الاعتراف بعدد من المجازر مثل تلك التي وقعت بسطيف وقالمة طبعا وكالتي وقعت في 17و18 اكتوبر1961 بباريس التي اقترفتها الشرطة الفرنسية التي كانت تؤتمر باوامر ومسؤولية محافظ الشرطة موريس بابون. س: هل يوجد حسب رأيكم اليوم بفرنسا ارادة سياسية في إخفاء كل تلك الصفحات الأليمة من خلال تمجيد "الجوانب الايجابية للاستعمار" كيف يمكن للباحثين والمؤرخين المساهمة في كشف الحقائق التاريخية؟ ج: اننا نوجد اليوم في ظرف جد متقهقر بسبب رئيس الجمهورية الذي لا يتوقف عن الاستخدام الديماغوجي والانتخابي للماضي الاستعماري لفرنسا وكدليل على ذلك إصدار قانون 23 فيفري السالف الذكر وخطاب نيكولا ساركوزي الذي ألقاه خلال حملة الانتخابات الرئاسية بتولون في شهر فيفري 2007. فقد قام خلال هذا الخطاب باعادة الصور الاكثر ابتذالا للخطاب الامبراطوري الجمهوري الذي ترسخ وقت الجمهورية الثالثة حيث اعاد الاعتبار للتاريخ الاستعماري للبلاد في سابقة اولى منذ انتهاء حرب الجزائر وهو الانتصار والتمجيد المشؤومين لأسطورة رسمية تعيدنا عشريات كاملة الى الوراء. في هذا الصدد سيكون من الاهمية بمكان الاعتراض على هذا الاستغلال المغرض للماضي مع التذكير وبفضل اعمال اولئك الذين يدرسون هذه الحقبة كيف كانت عليه حقائق الاستعمار مع مساراته الزاخرة بالمجازر والتمييز العنصري المعاقب عليه قانونا والاستغلال والقمع الرهيب "للاهالي". ويكمن الدور الأساسي للجامعيين في هذا الظرف الجديد والخاص في الدفاع عن معرفة حقيقية اي دقيقة وموثقة وصحيحة ضد جميع الخرافات الوطنية والحزبية انها اذا معركة من اجل المعرفة ومن جانب اخر هي معركة من اجل انتزاع الاعتراف بالجرائم التي اقترفت خلال الحقبة الاستعمارية.