تضاربت المعلومات أمس حول حقيقة ما يجري في الصومال بخصوص عودة القوات الإثيوبية مجددا إلى هذا البلد أربعة أشهر يوما بيوم منذ مغادرته تحت ضغط ضربات الفصائل الصومالية الرافضة لهذا التواجد.ففي الوقت الذي أكد فيه شهود عيان أن أولى طلائع الجيش الإثيوبي شوهدت أمس وهي تعبر منطقة كالابايركا الحدودية مع الصومال سارعت السلطات الإثيوبية إلى نفي تلك الأخبار وأكدت أنه لم يدخل إلى الأراضي الصومالية أي جندي من قواتها وليس هناك أي تغيير في الوضع. وجاءت الأخبار التي أكدت تسلل القوات الإثيوبية إلى داخل العمق الصومالي ساعات بعد استبعاد أديس أبابا أول أمس أية إمكانية لتدخل عسكري جديد في المستنقع الصومالي. وقال بركات سيمون وزير الاتصال الإثيوبي أن "الأحداث الأخيرة تؤكد تدهور الوضع الأمني في الصومال ولكن ذلك لا يشكل تهديدا مباشرا على إثيوبيا ولهذا السبب لم يتم دراسة إمكانية حدوث تدخل عسكري للقوات الإثيوبية في الصومال في الوقت الراهن". غير أن شهود عيان أكدوا أمس توغل قوات إثيوبية مجهزة بالأسلحة الثقيلة ومدعومة بعربات مصفحة في غرب الصومال حيث أقاموا حواجز أمنية في منطقة كالابايركا عبر الطريق الرابط بين هذه الأخيرة ومدينة بلدوين التي تبعد مسافة 20 كلم عن العاصمة موقاديشو. وقال أحد الشهود أنه شاهد عددا كبيرا من الجنود الإثيوبيين يقيمون حواجز أمنية في المنطقة المذكورة مصحوبين بعربات مدرعة من بينها عربات عسكرية مزودة بصواريخ مضادة للطيران وأضاف بأنهم يستجوبون المارة ويسألونهم من أين جاؤوا وإلى أين ذاهبين ولكنهم لم يوقفوا أحدا. من جانبه قال أحد زعماء القبائل بمنطقة بلدوين "لقد أعلمنا بأن الجيش الإثيوبي أعاد نشر المئات من جنوده مرفوقين ب12 عربة مدرعة في منطقة كالابايركا الحدودية ولكن لا نعلم لحد الآن اهتماماتهم في المنطقة". وكانت القوات الإثيوبية انسحبت من الأراضي الصومالية شهر جانفي الماضي تطبيقا لاتفاقية جيبوتي التي تشكلت بموجبها الحكومة الصومالية الجديدة برئاسة زعيم المحاكم الإسلامية السابق الشيخ أحمد شريف المحسوب على التيار الإسلامي المعتدل. يذكر أن الجيش الإثيوبي دخل الصومال أواخر عام 2006 لدعم القوات النظامية التابعة للحكومة الانتقالية الصومالية في مواجهة مسلحي المحاكم الإسلامية الذين أرغموا على الانسحاب بداية عام 2007. وفي ظل استمرار تدهور الوضع في منطقة القرن الإفريقي يعقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق افريقية المعروفة اختصارا باسم "ايغاد" اجتماعا طارئا اليوم بأديس أبابا لبحث آخر تطورات الوضع المتدهور في الصومال. وتضم هذه الهيئة سبع دول وهي اوغندا واثيوبيا وجيبوتي وكينيا والسودان والصومال وارتيريا المعلقة عضويتها حاليا. والمؤكد أنه في حال تأكد عودة القوات الإثيوبية إلى الأراضي الصومالية لدعم الحكومة الجديدة فإن ذلك سيزيد من تعقيدات الوضع في بلد أنهكته سنوات حرب أهلية مريرة وفقر مدقع يمس معظم سكانه إضافة إلى تعرضه لأسوء موجة جفاف منذ عقد. ويأتي دخول هذه القوات في الوقت الذي يواصل فيه مسلحو حركة شباب المجاهدين المنشقة عن المحاكم الإسلامية زحفهم باتجاه العاصمة موقاديشو لتحقيق هدفهم في الإطاحة بالرئيس شيخ أحمد شريف. فقد أعلنت الحركة سيطرتها على مدينة ماهاداي شمال العاصمة الصومالية موقاديشو لتكون ثالث أهم مدن البلاد تسقط تحت سيطرة المسلحين الإسلاميين المتشددين بعد مدينة جوهر الاستراتيجية. وقال شهود عيان أن المسلحين الإسلاميين تمكنوا من الاستيلاء على ماهاداي القريبة من موقاديشو من دون إطلاق للرصاص وسقوط ضحايا. وتصر حركة شباب المجاهدين التي يقودها الشيخ حسن ظهير عويس الإسلامي المتشدد على السيطرة على العاصمة والإطاحة بنظام الرئيس الشيخ أحمد شريف صديق الأمس وعدو اليوم بعدما رفضت هذه الحركة الانضمام إلى مسار المصالحة الذي تبنته الحكومة الصومالية الجديدة تحت إشراف الأممالمتحدة.