❊ 5 مؤسسات بولاية الجزائر ستساهم في تسيير المرفق ❊ العاصمة تتخلص من أكبر بؤرة تلوث ستستلم مصالح ولاية الجزائر، قريبا، مشروع حديقة وادي السمار الجاهز منذ عدة أشهر، ولم يبق إلا إخضاع مستخدمي مختلف مؤسسات الولاية للتكوين لدى الوكالة الوطنية للنفايات، التي كلفتها وزارة البيئة بمتابعة إنجاز هذا المشروع الهام، حيث سيشرفون على تأطير هذا المرفق تقنيا وإداريا، واستغلاله مرفقا للراحة والاستجمام، لفائدة سكان العاصمة التي تفتقد لمثل هذا المكان، بعيدا عن صخب وزحام الطرقات. سيكون منتزه حديقة وادي السمار ببلدية الحراش، ثاني مرفق استجمام بعاصمة البلاد، التي غزاها الإسمنت وازدادت الكثافة السكانية بها، بعد منتزه "الصابلات"، ولم تجد الساكنة فضاءات كافية للراحة، تخفف على الأنفس مشاق وروتين الحياة اليومية. وقد ارتأت "المساء" أن تطلع على أركان ومكونات هذا المرفق الهام، وتنقل صور جماليات المكان وسحره الذي لا يشعر به إلا من وطئت قدماه تلك التلة الخضراء التي هيئت للزوار، وتستعد لاستقبال العائلات، التي لطالما انتظرت المزيد من مثل هذه الفضاءات العمومية. طلبنا من إدارة الوكالة الوطنية للنفايات، المكلفة بمتابعة مشروع الحديقة، زيارة المكان والطواف بأركانه، فلم تتأخر في الترخيص بذلك، وانتداب أحد الإطارات لتوجيها وشرح مكونات المرفق، خاصة من الجانب التقني، على اعتبار الحديقة، التي أنشئت على أنقاض مفرغة ضخمة، تنتج عصارة سائلة وأخرى غازية سامة، وسريعة الالتهاب. في صباح يوم حار، سار بنا المهندس سليمان رياض من مصلحة القضاء على المفارغ العشوائية وإعادة تأهيلها بالوكالة الوطنية للنفايات، نحو قمة تلة الحديقة، ترجلنا سلالم خرسانية طويلة من حظيرة ركن السيارات في الأسفل، على طول أكثر من مائة متر، "إنها تصلح للرياضيين من أجل الإحماء وتقوية عضلات الأرجل" - قلت لمرافقي- ليرد: "ولأن السلالم طويلة، فها هي مقاعد للراحة موجودة على ضفتي السلالم، لمن أراد أن يستريح وهو صاعد نحو القمة". يجد الزائر للمكان، حظيرة واسعة لركن السيارات في الأسفل، تتسع ل 500 مركبة، وسلالم ممتدة على طول البصر، تشق الفضاء الأخضر من أشجار قصيرة غرست خصيصا لمنع انجراف التربة وتزيين المكان، وزودت بنظام السقي بالتقطير، بمياه مستقدمة من منقب يقع على مرمى حجر خارج الحديقة. كنا نصعد شيئا فشيئا من السلالم الطويلة، وعلى الضفتين افترشت التلة حلة خضراء، وكنا كلما اقتربنا من قمة الحديقة تراءت لنا بعض مدن الضواحي بشرق ووسط العاصمة، كالحراش، وادي السمار، باب الزوار، الدار البيضاء، الكاليتوس، المحمدية بمنارة مسجدها الشاهقة، براقي وغيرها. بالجهة الجنوبية للحديقة، يقع مدرج مطار "هواري بومدين" الدولي، على مرمى حجر، إذ سيتمتع الزائر من أعلى الحديقة بمناظر هبوط وصعود الطائرات بالجوار، ويمتع سمعه صوت العصافير التي اتخذت من غابة الأشجار مأوى لها، وفي القمة مساحات خضراء من الحشائش وممرات للراجلين وهواة الدراجات الهوائية، ومقاعد للراحة وضعت تحت 20 بيتا ظليلا مصنوعا من الخشب، لوقاية الزوار من حرارة الشمس، و220 عمود إنارة عمومية، كما تضم الحديقة في قمتها محلات تجارية أنشئت كي توفر للزائر ما هو متاح من المستلزمات والأطعمة والأغراض الضرورية، وهو المكان الذي سيستغله الحرفيون لعرض سلعهم التقليدية واستقطاب الزوار. أكثر من 5 مؤسسات ولائية لتسيير المرفق ذكر لنا شكيب روابح، رئيس قسم القضاء على المفرغات العمومية ومرافقة مراكز الردم التقني بالوكالة الوطنية للنفايات، أن مشروع تحويل أكبر مفرغة بولاية الجزائر إلى حديقة عمومية، خلص العاصمة من أكبر ملوث بيئي، لطالما شكل هاجسا كبيرا لدى السكان والسطات العمومية، مما دفع الحكومة إلى تخصيص 7.1 مليار دينار، للقضاء على هذه البؤرة السوداء، حيث أشرفت على العملية وزارة البيئة، التي كلفت الوكالة الوطنية للنفايات بمتابعة إنجاز المشروع منذ إطلاقه في 2006. ذكر لنا السيد روابح أن المشروع الذي اكتمل من أشهر، سيتم استغلاله من طرف ولاية الجزائر قريبا، هذه الأخيرة التي ستسخر عدة مؤسسات لتسيير المرفق، وعلى رأسها ديوان الحظائر والتسلية لولاية الجزائر "أوبلا"، المختصة في تسيير مثل هذه المرافق السياحية، كما تتكفل مؤسسة تطوير المساحات الخضراء "أوديفال" بالاعتناء بالجانب النباتي، ومؤسسة تسيير مراكز الردم التقني لولاية الجزائر "جسيتال" بالجانب التقني لتسيير عصارة النفايات التي تعالج بطريقة تقنية دقيقة، فضلا عن مؤسسات ولائية أخرى تساهم في الاعتناء بالجوانب ذات الصلة بالطرق والممرات، كمؤسسة التطهير وصيانة الطرق لولاية الجزائر "أسروت"، وبالجوانب الكهربائية، كمؤسسة الإنارة العمومية لولاية الجزائر "إيرما". تكوين مستخدمي الولاية لتسيير المرفق أفاد السيد روابح، أن الوكالة الوطنية للنفايات، ستتكفل بتكوين أعوان ومستخدمي مصالح ولاية الجزائر، وتأهيلهم لتسيير المشروع تقنيا وإداريا، علما أن الوكالة استفادت من تكوين وفرته الشركة التركية المكلفة بإنجاز الحديقة، لأن أرضية الحديقة ليست فضاء عاديا، بل هو جبل هامد من النفايات المتراكمة منذ عقود، وما تفرزه من مواد عضوية، يتطلب حصرها واستغلالها في صالح المرفق. وفي هذا السياق، أطلعنا السيد سليمان خلال الزيارة، على كل الجوانب التقنية من أعلى إلى أسفل الحديقة، وكيف قامت شركة الإنجاز بمد قنوات لجمع عصارة النفايات وتحويلها نحو الأسفل، لمعالجة السائلة منها في أحواض خاصة، وبتقنيات ومحاليل كيمائية تزيل كل المواد السامة، أما الغازية منها، فتقوم التجهيزات المتوفرة بجمع غاز الميثان واستغلالها كوقود للمولد الكهربائي الضخم الممون للمرفق. مشروع الحديقة خلص العاصمة من أكبر ملوث بيئي قال محدثنا أن مفرغة وادي السمار كانت، لعدة عقود، بؤرة تلوث كبيرة وخطيرة على صحة الساكنة والمحيط، خاصة ما تعلق بمدرج الطائرات الذي يقع على مرمى حجر من المفرغة، فضلا عن الآثار الجانبية للنفايات وما يصدر من دخان جراء حرقها وكذا عصارتها المتغلغلة في باطن الأرض. ذكر المصدر، أن السلطات العمومية قررت تحويل مفرغة وادي السمار إلى منتزه، حيث منحت المشروع في 2006 لشركة تركية مختصة، هذه الأخيرة التي شرعت في الأشغال منذ 2008، وكانت تستقبل النفايات ووضعها بطريقة مدروسة، لجعل المنتزه على شكل تلة مساحتها تناهز 40 هكتارا، وعلو 50 مترا، وقد تم توقيف عملية التفريغ بهذه المكان، وأصبحت النفايات تحول نحو مفرغة أولاد فايت التي تشبعت هي الأخرى وتم تحويلها إلى مساحة خضراء، كون مفرغة وادي السمار تقع في منطقة استراتيجية، فهي لصيقة مع مطار الجزائر الدولي. وقد علمت شركة الإنجاز على دك سطح التلة وتسويتها وتغطيتها بعدة طبقات تتكون من الحصى، وبساط اصطناعي، يمنع تسرب مياه الأمطار نحو الطبقات السفلى، وانتهاء بطبقة من التراب صالحة للزراعة، كما عمدت الشركة إلى مد 127 أنبوب لصرف الغازات العضوية وعصارة النفايات نحو الأسفل، وقد وضعت الأنابيب بطريقة عمودية تمتد من أعلى التلة إلى أسفلها، لتصب العصارة وتعالج في 3 أحواض خاصة، وتتوفر الحديقة على 36 محطة لضخ العصارة، التي تتجمع يوميا بمعدل 370 متر مكعب، يتم توجيهها نحو أحواض المعالجة، التي تحول 80 بالمائة منها إلى مياه عادية، تجمع بخزان سعته 150 متر مكعب، و60 كلم من الأنابيب لتوفير سقي الأشجار والنباتات بالتقطير، من بئر بعمق 400 متر يقع بالجوار. أما الغازات المتشكلة، فيتم تعديلها بواسطة 12 محطة، وتفكيكها بواسطة تقنيات متطورة، منها غاز الأوكسيجين الذي يتحول إلى ماء، غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتبخر في الهواء، وغاز الميثان الذي يستغل في تشغيل مولدات الطاقة الكهربائية المستغلة بالحديقة.