أحيت جمعية "المشاة الهواة" لمدينة الورود، اليوم العالمي للمعلم المصادف لتاريخ 5 أكتوبر من كل سنة، بإحدى القرى النائية في جبال بلدية حمام ملوان، وتحديدا بدوار "يما حليمة" في مدرسة ابتدائية كانت شاهدة على مقتل الأستاذ محمد خدوسي، خلال العشرية السوداء، وكانت المناسبة فرصة لتكريم أكثر من 45 أستاذا من الذين أحبوا مهنتهم، وجاهدوا في سبيل تقديم رسالتهم التعليمية والتربوية. عرفت الاحتفالية التي احتضنتها قرية "يما حليمة" النائية في قلب الطبيعة العذراء بأعالي جبال بني ميصرا، التي تقع على بعد حوالي 15 كلم جنوب غرب حمام ملوان، وقد جاءت هذه السنة تحت شعار "الجبل قمة والمعلم همة"، استحسانا كبيرا لدى المعلمين الذين عبروا في كلمتهم، عن فرحتهم بالالتفاتة الطيبة التي بادرت إليها جمعية "المشاة الهواة"، كما تحدثوا مطولا عن قيمة وأهمية التعليم والدور الذي يلعبه المعلم، رغم الظروف القاسية في سبيل تعليم وتنشئة جيل الغد، وحسبهم، فإن العملية التعليمية تحتاج إلى الكثير من الصبر، ويعتبر التعليم رسالة والتلميذ أمانة، لابد أن يعرف المعلم كيف يوازن في تحقيق هذه المعادلة. من جهته، أشار رئيس الجمعية أحمد شحمي في معرض حديثه ل"المساء، على هامش التكريم، إلى أن جمعية "المشاة الهواة" لمدينة الورود، وككل سنة، تختار أن تحيي اليوم العالمي للمعلم بطريقتها الخاصة بين أحضان الطبيعة. وهذه المرة دعت أعضاء الجمعية من المنخرطين، لاختيار بعض الأساتذة الذين كانوا يدرسونهم من أجل تكريمهم، سواء كانوا في المهنة أو أحيلوا على التقاعد، مشيرا إلى أن الغرض من اختيار دوار "ياما حليمة" من أجل الاحتفال بالمعلم، كون المنطقة تاريخية، ولعب فيها المجاهدون بالمنطقة دورا بارزا لإنجاح الثورة ومحاربة المستعمر الغاشم، فضلا على أن القرية تعتبر من مناطق الظل، هجرها السكان بعد العشرية السوداء، ومن ثمة هي التفاتة إلى هذه القرية من أجل إعادة إعمارها، خاصة أنها من القرى التي تحتاج إلى العديد من المشاريع التنموية، لعودة السكان إليها. من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن الهدف أيضا من اختيار قرية "يما حليمة"، هو الكشف عما تزخر به المنطقة من خيرات تنبتها الأرض، خاصة أنها معروفة بخصوبة تربتها، مع التعريف ببعض الأنشطة الجبلية التي لا يزال الفلاحون متمسكين بها، كصناعة الأجبان، لاسيما أن الأغلبية تربي الأبقار ومختلف أنواع العسل الجبلي، وبعض الصناعات التقليدية والحرفية التي تشتهر بها المنطقة.. شهدت الاحتفالية، مشاركة الفنان صادق جمعاوي الذي يعتبر من الأوائل الذين غنوا للأستاذ، ولا تزال أغنيته الشهيرة "شكرا أستاذي" خالدة، وفي دردشته مع "المساء"، أكد أن المعلم يواجه يوميا معركة طاحنة في محاربة الجهل ونشر العلم، وأن يوما واحدا في السنة قليل عليه، وإنما يحتاج دائما إلى الدعم المادي والمعنوي، بالنظر إلى ثقل المهمة الملقاة على عاتقه، وهي التكفل بإعداد جيل الغد، مشيرا إلى أن المعلم اليوم، يعاني من العديد من المشاكل التي جعلته يتخبط في بعض الأمراض التي أثرت على دوره. من جهة أخرى، أشار الفنان صادق جمعاوي، ردا على سؤالنا حول ما يحضر من أعمال فنية، بأنه بصدد التحضير لبعض الأعمال العالمية، ينتظر أن تدخل السوق قريبا.بعد الانتهاء من مراسيم الاحتفال، التي تمت في أجواء عائلية، تفاعل معها الحضور، وجهت الجمعية دعوة إلى كل المعلمين المكرمين وكذا أعضاء الجمعية، من أجل المشاركة في جولة "مشاي على الأقدام" بين أحضان جبال دوار "يما حليمة"، حيث تم التعرف على بعض المحطات التاريخية التي شهدتها المنطقة إبان الثورة، وقدم البعض ممن عايشوا الثورة شهادات حية، حول بعض الأحداث التاريخية التي لم تسجلها كتب التاريخ وظلت عالقة في أذهانهم.