مهما غاب طيفها عن الشاشة يبقى جمهورها وفيا لأعمالها التي رسخت في الذاكرة، لقد تمكنت هذه الفنانة من إتقان كل الأدوار، واستطاعت رعاية موهبتها التي أنجبت على ركح المسرح، في كل هذا تحرص السيدة فتيحة سلطان على احترام جمهورها بتقديم أعمال ذات مستوى. - المساء: افتقدتك الشاشة الجزائرية، فهل كان ذلك مقصودا؟ * فتيحة سلطان : هناك عدة أسباب لغيابي عن الشاشة، منها نقص العروض المقدمة، وعدم رضاي عن بعض النصوص أو العروض التي تقدم لي، فالجمهور ينتظر منا أشياء جميلة ومقنعة وليس الظهور من أجل الظهور. - عرفك الجمهور من خلال المسرح، كيف كانت التجربة؟ * طبعا، من خلال مسرحيات اعتبرها رائدة كمسرحية: "المحقور" التي أخرجها للتلفزيون عبد المالك بوقرموح، ومسرحية »يوم الجمعة خرجوا الريام« سنة 1977 لسليمان بن عيسى وغيرها من المسرحيات التي لا تزال تعرض على التلفزيون لتعلق الجمهور بها ولنجاحها الكبير، علما أن لي 23 مسرحية بمسرح عنابة. - لاشك أن لديك ما تقولينه عن دور »الطاووس« في مسرحية »المحقور«؟ * إنه دور مهم جدا في حياتي الفنية، أديت فيه دور الأم »طاووس« والتي كانت تتضايق من زوجها عندما يقوم بمناداتها »يا فريخة« كانت متذمرة من تسلط زوجها وحماها ومن وضعيتها الاجتماعية عامة، دون خطابية أو تكلف بل كانت أما وامرأة عادية على المسرح، ولعل الأمر الذي يجهله جمهوري هو أن هذه المسرحية التي شاركني فيها مجموعة من الممثلين منهم مثلا عمر قندوز، محمد أرسلان، مدني نعمون، والراحلة صباح الصغيرة كانت قد عرضت وانتجت لأول مرة بمسرح عنابة، وقد أدى دور الأب فيها الفنان كمال كربوز، إضافة إلى الفنانين محمد الصالح وجمال حمودة، ولم يتغير الأمر وبقيت أمثله، وحلمي أن يعاد تجسيد هذه المسرحية الناجحة والتي حققت شهرة في طبعتها الأصلية بعنابة. - التفت بعدها إلى الأعمال التلفزيونية، فهل ضمنت لك الانتشار؟ * لم تكن أقل نجاحا من أعمالي المسرحية أتذكر منها السلسلة الشهيرة »أعصاب وأوتار« و»رمضانيات« ودور »مامي« ضمن سلسلة »عيسى سطوري« وغيرها من الأعمال الناجحة التي عرضت على التلفزيون، وطبعا لا ننسى الفيلم التلفزيوني للحاج رحيم »عايش ب12«. - تعددت عندك المواهب فهل هي فطرة فيك؟ * لقد صقلت مواهبي المدرسة فأثناء تعليمي الابتدائي في السنوات الأولى للاستقلال كنا نتعلم أصول الفنون بالمدرسة تماما كما نتعلم القراءة والكتابة، تعلمت في مدرستي (ابن سينا حاليا) بقسنطينة مسقط رأسي المسرح، والتصوير الفوتوغرافي، ورياضة كرة السلة، والكرة الطائرة والعدو وتحصلت بعدها على عدة ميداليات مع فريق »بريد قسنطينة«، من سنة 1966 إلى 1976. وهذه المدرسة تخرجت منها أيضا حسيبة بولمرقة، وغيرها، ومع التحاقي بالمجال الفني تعلمت على يد أساتذتي وكان منهم الفنان سيد أحمد أقومي الذي شجعني، وهو من حولني إلى العمل في مسرح عنابة سنة 1976 عندما كان مديرا له، وبالفعل استقررت بها ولازلت إلى الآن. وأتذكر كذلك أنني بدأت التنشيط في سن ال 15 سنة، حيث نشطت عدة حفلات بمدينة قسنطينة. - كيف هو تواصلك مع الجيل الجديد من الممثلين؟ * مرتاحة جدا معه، فرغم بلوغي ال 56 سنة من العمر إلا أن اندفاعي وحبي للفن لا يقل عن هؤلاء، ومن بين الممثلين الذين يطيب لي العمل معهم حكيم دكار، حميد قوري عبد الحق بن معروف وغيرهم، ولاشك أن المشاهد سرعان ما يكتشف التواصل وصدق الحوار بيني وبينهم. - وماذا عن الفنان كمال كربوز؟ * معجبة ومقدرة لطاقاته الإبداعية التي لم تستغل كلها، ولقد شكلت معه ثنائيا (زوج وزوجة) أعطى انطباعا بأننا أزواج حقا ودخلنا بيوت العائلات الجزائرية باحترام. - هل نالت فتيحة سلطان نصيبها من التكريم؟ * نالته والحمد لله، فقد كرمني وزير الثقافة السابق السد عبو، وكرمتني الوزيرة الحالية السيدة خليدة تومي التي أعجبت بتواضعها وحبها للفنانين، كما كرمتني ولاية المسيلة رسميا وكرمتني جريدة »النصر« بميدالية ذهبية، وكرمت أيضا بتونس في مهرجان قرطاج عام 1987 بمسرحية »الرتيلة« (شهادة تقدير). - ماذا عن نشاطك الآن؟ * أحضر كل النشاطات المسرحية والسينمائية خاصة بعنابة، وأنا مواضبة على »نادي الخميس« بدار الثقافة محمد بوضياف بعنابة لاكتشف ما يقدم من إبداع، أحضّر حاليا لمشروع »فنون للمسرح« وهو عبارة عن مؤسسة مصغرة لتكوين الأشبال في المسرح وإقحامهم على الخشبة، ولا أنتظر سوى الاعتماد، وطبعا هناك الكثيرون يقفون معي ومنهم مدير مسرح عنابة الجهوي السيد علي براوي. من جهة أخرى هناك عروض تقدمها لي بعض مؤسسات الإنتاج الخاصة. - كيف تقيّمين المشهد الفني اليوم ؟ * لقد كنا في الماضي نقدم أشياء جميلة وروائع بإمكانيات تكاد لاتذكر، أما اليوم ورغم الإمكانيات الضخمة والتكنولوجيا العالية فإن الأعمال الجيدة شحيحة ونتمنى أن يتحسن المشهد.