توافد جمهور الطلبة والممثلين والمخرجين ومحبي الفن السابع، أول أمس الجمعة، على ورشة مهنة التمثيل بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، ضمن تواصل مجريات مهرجان الجزائر الدولي للسينما 11، جاؤوا لتبادل تجاربهم وطرح أسئلتهم على الفريق الفني لفيلم "إخواننا"، بحضور المخرج رشيد بوشارب والممثلين لينا خودري ورضا كاتب وسمير قسمي، الذين عبروا عن وجهات نظرهم في مهنة التمثيل، وما تفرضه عليهم من شروط فنية وتقنية، وعلاقتهم بالنص والمخرج والمسرح وباقي التفاصيل الأخرى المرتبطة بحياتهم الشخصية. المخرج رشيد بوشارب: "أضع كل ثقتي في الممثل" في هذا، أوضح المخرج رشيد بوشارب، أنه شاهد مسرحيات كثيرة، احتفظ المخرج بحريته في الابتكار (ديكورات، أكسسوارات..) دون أن يخون النص.. وقال "أعتقد أن كل مخرج حر في إيجاد الفضاء الأنسب للنص المراد إخراجه، سواء من خلال اختيار الممثلين والأزياء والحقبة الزمنية. كمخرج، أفضل أن أترك الحرية للممثل في تأدية الدور. فأنا أضع كامل ثقتي في الممثلين وأتركهم مع النص يفكرون ويمارسون الخيال.. أنا ضد اختيار الممثل بناء على جلسات كاستينغ، تضع الممثل المرشح أمام كاميرا، ويطلب منه مشهد معين.. ثمة خطأ في المعنى .. لهذا أترك للممثل خيارات مفتوحة، حتى عندما أصل إلى مرحلة التركيب، أجد نفسي أمام خيارات متعددة، تسمح لي بتقديم أحسن صورة للممثل، وتضعه في الواجهة، من خلال إبراز قيمته وقدراته.. لا يحق لنا أن نبخل حق الممثل في مرحلة التركيب". أضاف أنه في فيلمه الأخير "إخواننا"، قدم قصة عائلة تشبه العائلة الجزائرية التي نعرفها جميعا.. وهذا هو خياره حاليا، لأنه سيواصل العمل على نماذج تشبهنا.. وأوضح أنه لا يجب أن ننسى أن المواضيع التي نشتغل عليها صعبة، وهو يعرف ذلك، سواء من حيث إيجاد التمويل أو غيره، لكن يصر على هذا النوع من الإبداع، لأنه إثراء لمساره الإبداعي. وقال "أنا لم أنسلخ عن الواقع الجزائري، حتى وأنا أعيش في فرنسا. أخرجت أفلاما مع ممثلين لم يدرسوا ولم يمارسوا السينما. دائما أمزج بين التجارب المبتدئة وذوي الخبرة. وهو ما قمت به في "إخواننا". الممثل سمير قسمي: "المسرح مدرسة للممثل" من جهته، أشار الممثل سمير قسمي، إلى أنه بدأ مسيرته الفنية بتقديم أدوار صغيرة في مسارح صغيرة، قبل أن يتمكن من فرص أكبر وأدوار رئيسية. فالمسرح أحسن مدرسة للممثل الذي يعتمد على النص أولا، ثم على نفسه، للاشتغال على تحويل النص إلى أداء تمثيلي فوق الخشبة، وأضاف "يمكن القول، إننا في المسرح نعيش فن الكلمات.. هي لحظة مخيفة، لكن جميلة في نفس الوقت. الرهان في نظري لأي ممثل، هو أن لا تتشابه الأدوار فيما بينها، هي مهمة صعبة، لكن دائما نحن في رحلة بحث عن التنوع من أجل القيام بأدوار مختلفة. هناك أدوار من الصعب التخلص منها، حتى ونحن نعود إلى حياتنا الطبيعية". الممثل رضا كاتب: "أنا مع تحرير المخيال السينمائي" فيما قال الممثل رضا كاتب، إن المهرجان فرصة ولحظة تبادل، لأن مهنة الممثل ليست متشابهة، هناك فقط قواعد يجب احترامها، تماما مثلما هو الحال في المسرح، حيث كل شيء مرتبط يبقى بميزات وقدرات الممثل. وقال "أنا من مواليد 1977، بدأت بالمسرح مع والدي مالك الدين كاتب، الذي بدأ مشواره في المسرح الوطني قبل أن ينتقل إلى فرنسا، والمسرح هو أحسن فضاء للتعبير عن الذات والتدريب المستمر، وهو مساحة للتبادل، على عكس السينما التي أحيانا تعتبر فعلا منعزلا، كل ممثل يعمل في زاويته". وتابع أن الممثل السينمائي يجده نفسه مرغما على تقبل الشخصية المكتوبة له. هنا يفكر الممثل بكثير من الصبر في طريقة تبعده عن الأدوار المكررة. وأوضح أنه يحاول بطريقته، الهروب من تلك الأدوار النمطية، بقبول أدوار صغيرة مختلفة، وأي مشروع يجب أن يكون مختلفا عن المشاريع التي سبقته. وقال "ولأنني عاشق للسينما، أذكر أنني اشتغلت مهنا صغيرة، كتقني ومشغل أفلام في قاعات السينما. وعلى عكس طرح رشيد بوشارب، أنا مع فكرة تحرير المخيال السينمائي من الحدود المتعارف عليها". وأضاف كاتب، أن الممثل هو أولا حب والتزام بالفن، وليس الاكتفاء بالدراسات المتخصصة. شخصيا لم ألتحق بمعهد معين، لكنني استفدت من دورات تكوينية متعددة، وصقلت موهبتي بتنويع الأعمال". الممثلة لينا خوذري: "أشتاق لبعض أدواري" أما لينا خوذري، فتحدثت عن تجربتها التي كانت بالأفلام الصغيرة مع الأصدقاء، سرعان ما بدأت تتجول في المهرجانات. وبدأت تجربتها تتوسع تدريجيا. مشيرة إلى أن العمل في المسرح مختلف عن السينما، وقد شعرت بهذا الاختلاف. فالمسرح علمها الكثير، لأنه يعطيك الانطباع بأنك قادر على أداء أدوار أخرى. لأن قوة المسرح هو الشعور بإظهار الدور والإبداع في اللحظة نفسها. أما عن دورها في فيلم "بابيشا"، فقالت "صراحة خرجت من الدور بشعور يشبه الفقد، ببساطة أحببت الدور.. في هذا الموقف، الممثل أمام حالة تشبه كآبة ما بعد الأمومة، نفتقد لحظات التصوير والعمل الجماعي.. إنه شعور بالإحباط والحزن.. في "بابيشا" عشت هذا الموقف لوقت طويل... لأن التمثيل في الأخير هو لحظة انفجار جوانب مكنونة من شخصيتنا"، واستطردت "عندما بدأت في تصوير "بابيشا" هنا في الجزائر في عام 2018، كنت قد خرجت للتو من جولة فنية مسرحية. شعرت بالخوف من هذا الانتقال بين عالمين.. لكني فهمت أن ذلك ممكن، شرط أن يكون الممثل قادرا على تنظيم أجندته الفنية".