يعقد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي اجتماعه الرابع اليوم بلوكسمبورغ لتقييم مدى تطبيق اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 2005، والنظر في الأعمال الثنائية التي حددتها لجنة الشراكة التي اجتمعت يوم 16 سبتمبر الفارط، ولاسيما منها تلك التي تحتل أولوية التعاون بين الطرفين على غرار دعم الإصلاحات الاقتصادية والمسائل التجارية والطاقة وتنقل الأشخاص ومكافحة الإرهاب. وحسب مصدر دبلوماسي فإن الطرفين الجزائري والأوروبي يسعيان من خلال هذا الاجتماع الذي يعقد على هامش مجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي بحضور وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، للانتقال إلى تعاون ملموس من خلال مناقشاتهما للمسائل ذات الأولوية، مشيرا إلى أن الجزائر تعتزم إجراء تقييم جاد مع شركائها الأوروبيين لإيجاد الوسائل التي تسمح للطرفين بالتقدم أكثر وتحقيق التعاون الذي تطمح إليه، والقائم على أساس احترام العلاقات المتوازنة في المبادلات التجارية بين الطرفين. ومن هذا المنظور يضيف المصدر فإن الإشكال الأول الذي سيطرحه الطرف الجزائري خلال هذه الدورة التقييمية يتعلق بالعجز التجاري الذي ما فتئ يرتفع لصالح الطرف الأوروبي، حيث تشير إحصائيات الجمارك الجزائرية في هذا الإطار إلى الارتفاع الكبير المسجل في الواردات الجزائرية خلال سنة 2008 مقابل شبه استقرار في مستوى الصادرات، وهذا بالرغم من كون الاتحاد الأوروبي يمثل الشريك التجاري الأول للجزائر ب53,23 بالمائة من الواردات و51 بالمائة من الصادرات، فيما تحتل الجزائر المرتبة ال21 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي قبل المغرب (المرتبة 28) وتونس (المرتبة 30). كما تبقى البنية الإجمالية للصادرات الجزائرية خارج المحروقات نحو الاتحاد الأوروبي متميزة بضعف هيكلي بالرغم من ارتفاع طفيف لصادرات المنتوجات الفلاحية والصيد البحري ب3,39 بالمائة والمنتوجات الصناعية ب38,52 بالمائة، وقد سجلت هذه الصادرات في مجملها ارتفاعا طفيفا ب200 مليون دولار، في حين ارتفعت الواردات ب4,335 مليار دولار. وتشير إحصائيات الجمارك الجزائرية إلى أن تطبيق التفكيك الجمركي تسبب في ضياع فائدة بقيمة 1,1 مليار دولار منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ سنة 2005، حيث لم تستغل الجزائر إلا 6 حصص من بين ال17 حصة التي خصصها لها الاتحاد الاوروبي في إطار الشراكة، بينما استغل الاتحاد الاوروبي 43 حصة من بين ال76 التي خصصتها له الجزائر. أما فيما يخص المفاوضات المتعلقة بجانب الخدمات فمن المقرر الشروع فيها في الفاتح من سبتمبر 2010، حسبما تم الاتفاق عليه، كما أن الجزائر لا ترتقب إجراء أية مفاوضات مع الإتحاد الأوروبي حول هذا الملف قبل انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة. ويتضمن الفصل الثاني الذي سيتطرق إليه الطرفان في اجتماع اليوم مسألة الاستثمارات الأجنبية المباشر، لا سيما وأن الطرف الجزائري يعتبر الاستثمارات الأوروبية بالجزائر دون التطلعات، مما يستلزم على الإتحاد بذل جهود إضافية لتحسين الوضع. وإلى ذلك سيواصل الطرفان المناقشات المتعلقة بمجال الطاقة، خاصة مع سعي الإتحاد الأوروبي للضغط على الجزائر من أجل التعجيل بإبرام صيغة جديدة لمذكرة التفاهم في هذا المجال، بينما تتخذ الجزائر من هذه المذكرة أداة سياسية هامة في إطار مفاوضات شاملة تتعلق بانضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة. وبخصوص تسيير تدفقات الهجرة سيعاد طرح مسألة إعادة القبول على طاولة المفاوضات من طرف الجانب الأوروبي، الذي يطلب من الجزائر إبرام اتفاق شامل يقوم على تصوره الخاص حول الهجرة، بينما ترفض الجزائر إلى جانب المغرب وتونس التوقيع على هذا الاتفاق، وتفضل تطبيق الاتفاقات الثنائية التي أبرمتها مع الدول الأوروبية المعنية بالظاهرة. من جانب آخر ينتظر أن يخوض الطرفان الجزائري والأوروبي خلال اللقاء في العديد من المسائل السياسية، على غرار النزاع في الصحراء الغربية والأمن في منطقة الساحل ومسار السلم في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.