اغتنم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مناسبة قرب حلول شهر رمضان المعظم، لتذكير الحكومة بضرورة السهر على توفير كافة الظروف الملائمة خلال هذا الشهر الفضيل، من خلال دعوته لمواصلة محاربة المضاربة وكشف المضاربين و مخططاتهم للرأي العام، بل شدّد على أن يتم ذلك طوال السنة وليس فقط خلال شهر رمضان، تجسيدا للإجراءات التي أقرها خلال الاجتماعات السابقة والتي تجرم المضاربة بأقصى العقوبات. تأتي توجيهات رئيس الجمهورية، خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس، والتي حملت الكثير من الوعيد إزاء المضاربين الذين يتحينون المناسبات للتلاعب بقوت المواطنين، في سياق إرساء استراتيجية قارة لضمان استقرار السوق الوطنية التي تشهد بين الفينة والأخرى تذبذبا في الأسعار ونقص في بعض المواد الغذائية بسبب تعمّد بعض التجار على تخزينها. وقد سبق للرئيس تبون، أن شدد شهر أكتوبر الماضي، خلال اجتماع خاص حول التحكم في السوق ومواجهة المضاربة بحضور وزراء الداخلية، العدل، المالية، الصناعة، الفلاحة، التجارة والنقل، ومسؤولو كل الأجهزة الأمنية، على ضرورة مجابهة هذه السلوكيات بكل صرامة، قصد وضع حد لهذه الظاهرة والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، باعتبارها "واجبا من واجبات الدولة المكرسة في المادة 62 من أحكام الدستور، والتي تكفل الحقوق الاقتصادية وتوجب على السلطات العمومية ضمان الأمن الغذائي والصحة والسلامة للمستهلكين". وأوكل رئيس الجمهورية، للحكومة مهمة الحفاظ على تموين الأسواق بالمواد الأولية الأساسية والحفاظ على استقرارها ومحاربة المضاربة بجميع أشكالها، وتشخيص مواطن الخلل بل إنه أعطى الضوء الأخضر لها للضرب بيد من حديد، وفرض منطق الدولة ضد كل من تسول نفسه الدوس على القانون. ولم يتردد الرئيس تبون، في التأكيد على أن ضرب الاستقرار الوطني يعد جريمة مكتملة الأركان وليس جنحة، مشددا على ضرورة عدم التسامح مع هذا النوع من الجرائم، بل أكد أنها عقوبة تستحق 30 سنة سجنا والمؤبد في بعض الحالات، في الوقت الذي طالب فيه الحكومة بوضع قانون لمكافحة المضاربة غير المشروعة. فقد تضمن قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة الساري المفعول نهاية سنة 2021، عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية وفقا لسلم تدرجي تصاعدي للعقوبات، حيث يشدد العقوبة إذا كانت الجريمة تمس مواد أساسية كالحبوب ومشتقاتها والحليب، الزيت ،السكر والبقول بالحبس لمدة تصل إلى 20 سنة وغرامة ب10 ملايين دينار، في حين ترفع العقوبة إلى 30 سنة سجنا وغرامة ب20 مليون دينار في حال ارتكاب هذه الجريمة في الحالات الاستثنائية أو خلال أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة، كما تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة من طرف جماعة إجرامية منظمة. وكان وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، قد أكد في وقت سابق بأن المضاربة انتقلت إلى مرحلة أخرى تعدت رفع الأسعار إلى محاولة ضرب استقرار الدولة من قبل جماعات منظمة من خلال المضاربة بالمواد الغذائية الأساسية، خاصة بعد قرار تقليص فاتورة الاستيراد، حيث يسعى المناوئون لتقويض هذه السياسة. وبناء على ذلك لم تتردد السلطات المعنية في القيام بحملات تفتيش ومداهمة للمخازن والمتاجر الكبرى بحثا عن مواد مخزنة، حيث تم توقيف خلال الاشهر الماضية، العديد من الأشخاص بتهمة الاحتكار والتخزين غير القانوني للسلع، إثر حجزهم كميات كبيرة من الزيت والسكر كانت موجهة للمضاربة، لتتم إحالتهم على القضاء. كما يباشر القضاء في ملاحقة التجار والمضاربين ومحتكري المواد التموينية والمهربين للسلع ذات الاستهلاك الواسع، في قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، على أساس أنهم متهمون بارتكاب أفعال تخريبية وجرائم منظمة تمس بالأمن العام وتتسبب في الاضطرابات، في حين يتم تهديد موزعي الحليب المعتمدين وتجار التجزئة مثلا بالإقصاء والشطب من السجل التجاري في حال عدم ضمان التموين بهذه المادة الأساسية. كما يتم تسجيل قضايا المضاربة عبر شبكات مرتبطة بأخرى على مستوى ولايات الوطن على غرار بومرداس، تبسة، سوق اهراس، الجلفة وورقلة، ليتم متابعة المتهمين بعد إجراءات التحقيق القضائي بجنايتي المضاربة غير المشروعة المرتكبة من قبل جماعات إجرامية مهددة للاقتصاد الوطني.