استلمت وزيرة الثقافة أمس مفاتيح "قرية الفنانين" التي تم إنشاؤها بزرالدة في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي، وذلك بعد اكتمال الأشغال بها بحضور مجموعة من الفنانين الجزائريين والكتّاب الأفارقة إلى جانب المهندستين المشرفتين على المشروع مريم ساطور وفلة خريف. وبالمناسبة، كشفت وزيرة الثقافة أنّ الأرضية المخصّصة لإنجاز مشروع "قرية الفنانين" والمقدرة بهكتارين كانت مخصّصة في البداية إلى لإنشاء "البلوكوس" الخاصة بتخزين أشرطة الأفلام -الذي سبق وأعلنت عنه في مناسبات عدّة- لكنّها تراجعت بسبب المكان الجميل والطبيعة المحيطة بالأرضية والخوف من التلوّث دفعها إلى تغيير المشروع واقتراح إنشاء "قرية الفنانين" التي وافق عليها رئيس الجمهورية ومنحها غلافا ماليا قدّر ب400 مليار سنتيم، وعبّرت الوزيرة عن سعادتها بتحقيق هذا المشروع الذي وصفته بالحلم مؤكّدة أنّه مكسب للجزائر ككلّ وليس لقطاع الثقافة فقط. من جهتها، أكّدت المهندسة المشرفة على المشروع مريم ساطور في جولة موجّهة للصحافة أنّ القرية تضمّ 23 مبنى عوض 24 كما كان مخطّطا سابقا وذلك بسبب ضيق المكان وكذا ضيق الوقت حيث تمّ إنجاز المشروع والدراسة الخاصة به في غضون تسعة أشهر فقط وهو ما اعتبرته المتحدّثة "إنجازا مهما"، مؤكّدة أنّ كلّ مبنى يضمّ بين 48 و58 غرفة تتّسع كلّ واحدة منها لشخصين في حين تتّسع القرية إجمالا ل 2400 شخص، وقد جهّزت كلّ غرفة بكلّ الشروط الأساسية من أسرة وأغطية ومنضدة للكتابة وشرفة صغيرة وكذا حمام مجهّز ومكيّف هوائي. إلى جانب غرف النوم، تتوفّر القرية على كلّ المرافق الضرورية للحياة والنشاط بداية بثلاثة مطاعم، بالإضافة إلى هاتف عمومي، صيدلية، مكتب لتغيير العملة، مكتبة تتربع على مساحة 250 م2 وتضمّ 40 مقعدا وضعت بطريقة مريحة على شكل غرفة المعيشة ليأخذ الضيف راحته في المطالعة، هذا بالإضافة إلى خمس ورشات عمل ستضمّ مختلف مجالات الإبداع من نحت، رسم، موسيقى وغيرها، وكذا قاعة للمحاضرات تضمّ 100 مقعد بجانبها قاعة اجتماعات تتسع ل40 شخصا بالإضافة إلى قاعة إنترنت تضمّ 44 مقعدا توضع في خدمة الزوّار. أمّا الشكل الخارجي للقرية فهو جدّ عادي وليس بعيدا عن شكل التجمّعات السكانية المعروفة، يمثّل مجموعة من المباني المتقابلة التي اعتمد في تقسيمها الداخلي على البناء الجاهز ويتم الدخول إليها عبر سلالم حديدية خارجية سعت المهندستان إلى صبغها بالألوان الأكثر حضورا في الرايات الوطنية الإفريقية وهي البرتقالي الأحمر، الأخضر والأصفر، وتتوسّط هذه المباني المتقابلة ساحات متوسطة الحجم، وهو ما اعتبرته المتحدّثة إسقاطا للدار الجزائرية القديمة التي تعتمد تقنية "وسط الدار" لكن هذه الساحات تفتقر لمقاعد خارجية للجلوس ومساحة خضراء للاستجمام. وفي تصريح ل"المساء" أكّد العديد من الفنانين الجزائريين الذين شاركوا في المناسبة ارتياحهم لهذه المبادرة حيث أكّد الفنان طه العامري أنّ هذه القرية فخر لكلّ الفنانين، في حين أشار المخرج جمال بن ددّوش أن تتواصل مثل هذه المبادرات لاسيما في مجال السينما، متمنيا أن يحظى هذا القطاع بالمزيد من الاهتمام في القريب العاجل من خلال إنشاء مركّبات تضمّ قاعات سينما ومخابر تحميض الأفلام وقاعات تركيب ...وغيرها. أمّا الفكاهي حميد عاشوري فقد عبّر هو الآخر عن ارتياحه لهذه الخطوة الفاعلة وكذلك المخرجة باية الهاشمي التي أكّدت أنّها تعتبر المكان استوديو للتصوير وبدأت فعلا في اختيار أماكن ممكن أن تكون خلفية لأعمالها، الفنانة صونيا التي تستعد هذه الأيام لاستلام مقاليد المسرح الجهوي لسكيكدة، أكّدت من جهتها أنّ القرية فضاء لاجتماع واحتكاك الفنانين. في نفس السياق، عبر الكاتب الغاني تيارنو مونينمبو الذي يزور الجزائر في إطار الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الدولي للأدب وكتاب الشباب الذي انطلقت فعالياته في 21 جوان الجاري عن تفاؤله بتنظيم المهرجان الإفريقي بالجزائر وإعادة بعث العلاقات الثقافية بين أبناء القارة الواحدة، كذلك أشارت الكاتبة نيالي جيالي من الكونغو إلى أنّ إنشاء القرية دليل على انتقال الخطاب الثقافي من مجرّد وعود وكلام إلى إنجاز فعلي من شأنه دعم الهوية الثقافية.