أكد مدير البحث بمركز البحوث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، الخبير في اقتصاديات الصحة، البروفيسور أحسن زناتي، أن بوادر رقمنة قطاع الصحة انطلقت في العديد من المستشفيات، ما من شأنه تحديد التكاليف الحقيقية للعلاج وضمان عدم تسجيل أي تبذير أو سوء استعمال للأدوية بفضل شفافية التسيير التي تضمنها الرقمنة. قال البروفيسور زناتي في تصريح خص به "المساء" على هامش يوم دراسي حول رقمنة القطاع الصحي والإنتاج الصيدلاني، أن هذه الخطوات كانت ضرورية بسبب الثورة الرقمية ومسايرة التطورات الحاصلة في ميدان الصحة، موضحا أنه لا يمكن تطوير الأمن الصحي دون رقمنة وعصرنة المنظومة الصحية التي تولي لها الدولة أهمية واسعة، وشدد عليها القاضي الأول للبلاد السيد عبد المجيد تبون، كونها تسمح بالقضاء على البيروقراطية داخل المؤسسات الاستشفائية وتعطي دفعا قويا للقطاع. ولعد أن لفت إلى أن نتائج هذه المبادرات بدأت تظهر وإن كانت بصفة قليلة، أبرز البروفيسور زناتي، أن استخدام الرقمنة من شأنه وضع حد لندرة الأدوية وتطوير الصناعات الصيدلانية وحوكمة التسيير، مشيرا إلى أن هناك ثورة حقيقية الآن في تسيير قطاع الصناعة الصيدلانية، لتدارك التأخر الذي تم تسجيله في السنوات الماضية، مثلما هو الحال بالنسبة لصناعة الأنسولين التي انطلقت مؤخرا، وكذا تصنيع مختلف الأدوية الأخرى محليا والتي من شأنها خلق المنافسة والتحكم في الإنتاج، وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد. وأشار الخبير في اقتصاديات الصحة، إلى أن الإنتاج الصيدلاني يعتمد حاليا على نظام معلوماتي وطني، يسمح بالرقمنة والتحليل المتزامنين لمخططات التوريد ذات الصلة ببرامج الاستيراد والإنتاج، ما يضمن رؤية واضحة لحالة مخزون المواد الصيدلانية ووضع برامج تقديرية سنوية للاستيراد، تفاديا لندرة الأدوية، ما يؤكد، حسبه، بأن الرقمنة هي أداة اقتصادية من شأنها ضمان اليقظة الاستراتيجية الفعالة، فضلا عن كونها تعود بالفائدة على المرضى وعلى عمال الصحة، من خلال الاستغناء عن الملفات الورقية الكلاسيكية، كما توفر مداخيل مالية يمكن استغلالها في خدمة مرتفقي المؤسسات الصحية. وأضاف بأن رقمنة صيدليات المستشفيات، تسمح بتسيير أمثل لمخزون الدواء، وذلك لوضع حد لندرة الأدوية، حيث تساعد المؤسسات في التحكم في احتياجاتها في وقت وجيز تفاديا للانقطاعات والندرة التي تتعرض لها من حين لآخر، كما تضمن مراقبة فعالة لحركات المخزون والإحصائيات الدورية في مختلف مراحل العملية، مع التحكم في النفقات وتبني رؤية استشرافية لميزانية المؤسسات الصحية. ويرى المختص في اقتصاديات الصحة، ان الاستغناء عن استعمال الورق بات أمرا ضروريا من أجل تحسين التكفل بالمرضى في مختلف مراحل العلاج، والقضاء على الفوضى وتخفيف الضغط على الأطباء، مشيرا إلى ان نمط التسيير الحديث، يستدعي المتابعة الإلكترونية للملفات الطبية عبر كل مسارات علاج المريض.