استشهد خمسة فلسطينيين وأصيب أكثر من 100 آخرين في عدوان جديد لقوات الاحتلال الصهيوني استهدف أمس مدينة جنين الواقعة إلى شمال الضفة الغربيةالمحتلة، وتسبب في تفجر معارك عنيفة استعانت خلالها قوات الاحتلال بطائرة مروحية أطلقت بواسطتها قذائف صاروخية في مشهد كرّس مدى عدوانية وهمجية هذا المحتل الماضي في تحديه لكل مواثيق الشرعية الدولية. اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الصهيوني مدينة جنين ومخيمها، ونشرت قناصتها فوق بعض المنازل بما تسبب في تفجر مواجهات عنيفة في عدة مناطق، أطلق جنود الاحتلال خلالها الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز السام. كما استعانوا بمروحية عسكرية لإنقاذ قوة حاصرتها مجموعة من المقاومين الذين وجهوا ضربات مكثفة تجاه قوات الاحتلال وآلياته على عدة محاور وفجروا عددا من العبوات الناسفة بشكل مباشر. وتبادل الطرفان إطلاق النار لعدة ساعات، أعلن على إثرها جيش الاحتلال اصابة سبعة من عناصره، في حين أكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد مراهق فلسطيني في 15 من عمره وأربعة آخرين تتراوح أعمارهم ما بين 21 إلى 29 عاما من بينهم، قسام ابو سرية، أحد مقاومي حركة الجهاد الإسلامي. وبالنظر لحجم الدمار والخراب الذي خلفته آلة الاحتلال الصهيونية، فقد أطلقت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، نداء عاجلا بالإرسال الفوري للإمدادات الطبية والأدوية وأكياس الدم لإسعاف عشرات الجرحى الذين أصيبوا برصاص الاحتلال خلال عملية الاقتحام والذين تجاوز عددهم 100 جريح. وكعادته برّر جيش الاحتلال هذا الاعتداء الهمجي على سكان جنين بالبحث عن مطلوبين لديه ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي التي دخلت مؤخرا في مواجهات عنيفة مع القوات الصهيونية الماضية في انتهاكاتها وخروقاتها المنافية لكل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية. ولأن المشهد دام وازدادت حدته منذ بداية العام الماضي في ظل تصعيد الكيان الصهيوني لاعتداءاته ضد في حق الفلسطينيين، فقد أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أمس، عن قلقه البالغ إزاء تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرا إلى أن عمليات الإعدام من قوات الاحتلال الصهيوني قد ازدادت في الضفة الغربية. وقال تورك في تقرير قدمه خلال افتتاح أعمال الدورة 53 العادية لمجلس حقوق الإنسان الأممي بمدينة جنيف السويسرية، أن العالم الآن في منعطف حاسم بعد 75 عاما من اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و30 عاما بعد إعلان فيينا مع اشتعال الصراعات وخروج جدول أعمال التنمية المستدامة بشكل خطير عن المسار الصحيح وأن الضرر البيئي يهدّد البشرية، مشددا على أن التعاون الدولي أمر بالغ الأهمية حتى يتمكن العالم من النهوض بحقوق الإنسان. وأضاف أن "الاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الصهيونية بما في ذلك عمليات الإعدام الظاهرة، قد ازداد في الضفة الغربية"، مشددا على أن التصعيد الأخير للعنف والعدوان في قطاع غزة فضلا عن الترحيل القسري للفلسطينيين من خلال عمليات الإخلاء وهدم المنازل وتوسيع المستوطنات وانتهاك المستوطنين، يستدعي أيضا حلولا قائمة على حقوق الإنسان. وانتقد بطريقة ضمنية عدم تعاون الكيان الصهيوني مع نظام الإجراءات الخاصة بالمجلس ولجنة التحقيق الدولية المستقلة باعتباره يكاد يكون منعدما، مستدلا في ذلك بعدم إصدار الكيان المحتل أي تأشيرات لموظفي المفوضية الأممية الدوليين لحقوق الإنسان منذ ثلاث سنوات لمراقبة القضايا على الأرض. من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية عدوان الاحتلال الصهيوني الخطير والمتواصل على الشعب الفلسطيني في مدينة جنين وغيرها، مطالبة بموقف دولي وأمريكي حازم يرتقي إلى مستوى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. كما أدانت الخارجية الفلسطينية في بيان له، أمس، ما ينتج عن هذا العدوان من جرائم قتل خارج القانون وعقوبات جماعية بشعة تشمل حياة المواطنين المدنيين العزل وشلّ حركتهم وقدرتهم على الوصول إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم ومراكزهم الصحية. والسؤال المطروح، هل يجد تقرير المفوض الأممي وبيانات الإدانة والاستنكار التي يصدرها باستمرار الفلسطينيون، أذانا صاغية سواء لدى المجتمع الدولي أو الإدارة الأمريكية التي حتى وإن تحركت، تكتفي بإصدار بيانات مبهمة لا تتضمن إدانة صريحة لانتهاكات المحتل الصهيوني وخروقاته التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء؟.