بقدر ما يستمر القتال العنيف في السودان بقدر ما ترتفع حصيلة الضحايا من قتلى وجرحى ومشردين وسط انهيار للمنظومة الصحية وتدمير للبنى التحتية في مشهد دامي طغى على يوميات السودانيين المحاصرين منذ أكثر من ثلاثة أشهر بين سندان قوات الجيش النظامي ومطرقة الدعم السريع. وأمام غياب أي حل سلمي وعدم قدرة أي من الطرفين المتحاربين على حسم الموقف، يبقى العزل من المدنيين هم من يدفعون ثمن هذا الصراع الدامي على السلطة في هذا البلد العربي الذي يعد واحد من أفقر دول العالم. ولأول مرة منذ اندلاع الصراع المسلح منتصف شهر افريل الماضي، سجل سكان العاصمة الخرطوم أمس غارات جوية قيل أن الطيران الحربي النظامي نفذها على قرى شمال ولاية الجزيرة واحدة من المدن الثلاث في العاصمة التي تشهد قتالا عنيفا. من جانبها، أعلنت نقابة المحامين المحلية في دارفور أمس عن مقتل 16 مدنيا خلال تبادل لإطلاق النار وهجوم بالقذائف الصاروخية استهدف أول أمس منازل سكنية بمنطقة نيالا عاصمة جنوب دارفور. كما أكد نفس المصدر مقتل شخص واحد على الأقل برصاص قناص بمنطقة الجنينة عاصمة غرب إقليم دارفور الذي يعد من بين الاقاليم السودانية الى جانب العاصمة الخرطوم التي تشهد قتالا محتدما بين قوات الجيش النظامي بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع الشبه عسكرية التي يتزعمها الجنرال محمد حمدان داقلو. وتشتبه الأممالمتحدة في وقوع "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في هذا الإقليم المضطرب الواقع إلى غرب السودان والذي لم يضمد بعد جراح عشرية كاملة من الحرب الأهلية التي كانت عصفت به بداية الألفية وأدت حينها الى مقتل ما لا يقل عن 300 الف شخص. ووسط هذه الفوضى التي يتخبط فيها السودان، يتصاعد القلق الأممي من استمرار الهجمات ضد عمال الرعاية الصحية في وقت تعاني فيه المستشفيات والمؤسسات الصحية والأطقم الطبية من ندرة حادة في الأدوية وانعدام المعدات والمستلزمات الطبية التي تمكنهم على الأقل من تقديم الاسعافات الأولية لضحايا القتال. وفي هذا الإطار، عبر المتحدث باسم الأممالمتحدة، سيتفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي عقده أول امس عن صدمته لما يحدث في السودان، حيث قال "لقد روعتنا التقارير التي تفيد بأن فريقا من منظمة أطباء بلا حدود تعرض لهجوم من قبل مسلحين في الخرطوم". وقال دوجاريك، بأن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، شدد على أن الهجمات ضد عمال ومنشآت الرعاية الصحية هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي "ويجب أن تتوقف الآن"، مضيفا بأن منظمة الصحة العالمية وثقت أكثر من 50 هجوما على منشآت الرعاية الصحية منذ اندلاع الصراع في السودان في 15 أفريل الماضي. وكانت منظمة أطباء بلا حدود قالت أن "الحادث وقع عندما كان الفريق ينقل إمدادات طبية من مخزن تابع للمنظمة إلى المستشفى التركي في العاصمة السودانية وهو واحد من مستشفيين لا يزالان يعملان في جنوبالخرطوم".