واصلت المجموعة الدولية، دق ناقوس الخطر من كارثة انسانية وخيمة العواقب بدأت أولى نذرها تتكشف جليا في السودان مع استمرار المعارك الضارية للأسبوع الثالث على التوالي بين المتحاربين على السلطة وسقوط المزيد من المدنيين ضحايا هذا الصراع الدامي بين قتلى وجرحى ونازحين ومحرومين من أدنى مقومات الحياة. وتواصلت معارك ضارية أمس، بين الجيش النظامي والقوات شبه العسكرية باستخدام الطيران الحربي الذي قصف عدة أحياء بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد خاصة في اقليم دارفور الغربي. واحتدم القتال أكثر بعد فشل هدنة جديدة كان أعلن عنها إلى غاية منتصف ليلة يوم غد لكن تم خرقها مثل سابقاتها حتى قبل سريانها بما زاد في تعميق مآسي السكان الذي يسقطون ضحية نيران المدفعية والأسلحة الرشاشة وغيرها من الأسلحة الخفيفة والثقيلة المستخدمة في هذه الحرب الضارية. وحذرت الأممالمتحدة من أن أكثر من 800 ألف شخص قد يفرون من السودان في ظل القتال الدائر، رغم الهدنة المعلنة ووقف الدول الأجنبية عمليات الإجلاء. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث الأممي، أن مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين تخطط بالتشاور مع الحكومات والشركاء لاستقبال أكثر من 800 ألف شخص قد يفرون من القتال في السودان إلى دول الجوار، مضيفا أن مزيدا من الأشخاص سيجبرون على الفرار بحثا عن الأمان والمساعدة الإنسانية إذا لم يتم حل الأزمة بشكل عاجل. وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن حذرت من كارثة صحية جراء الاشتباكات المتواصلة منذ أكثر من أسبوعين ونقص العاملين والمستلزمات الطبية وانتشار الأوبئة، مشيرة إلى أن هناك "نقصا حقيقيا" في القدرات الطبية خاصة ما يتعلق بالعناصر الطبية المتخصصة في الجراحة والتخدير. وتبلورت كل مؤشرات الكارثة الانسانية في السودان رغم مضاعفة المجتمع الدولي لمبادراته على الصعيد الدبلوماسي على أمل اقناع الطرفين المتحاربين بقبول وقف دائم لإطلاق النار والجلوس إلى طاولة الحوار لحل خلافاتهما بعيدا عن لغة الرصاص التي تسبب إلى حد الساعة في مقتل 500 شخص وجرح الآلاف ونزوح عشرات الآلاف وسط انهيار للنظام الصحي ومختلف القطاعات الأخرى في بلد يعد من بين أفقر دول العالم. وأكدت إحصائيات أممية نزوح أكثر من 330 ألف شخص ولجوء ما لا يقل عن 100 ألف آخرين باتجاه دول الجوار في رقم تتوقع الأممالمتحدة أن يتضاعف، فيما يعاني الملايين الآخرين الذين لم يسعفهم الحظ في الفرار من نقص حاد في المواد الاستهلاكية وانقطاع تام للمياه والكهرباء، ناهيك عن غلق المستشفيات والمستوصفات التي تعرضت للقصف وانعدام المستلزمات الطبية والنقص الحاد في أطباء وممرضين ومسعفين. وفي ظل هذا المشهد القاتم، تواصل المجموعة الدولية ممثلة خاصة في المسؤولين الأمريكيين والسعوديين وقادة أفارقة مبادراتهم على الصعيد الدبلوماسي للتوصل إلى هدنة تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار. وحسب الموفد الأممي إلى السودان، فولكر بارثيس، فإن طرفي الصراع، الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش النظامي وغريمه الجنرال محمد حمدان داغلو، قائد قوات الدعم السريع الشبه عسكرية، أبديا استعدادهما للدخول في مفاوضات تقنية. لكنه قال إن هذه المفاوضات في حال إجرائها لن تكون "وجها لوجه" و"يمكن عقدها في السعودية" وقد تمهد لإجراء مفاوضات سياسية.