ما أن ينتهي أي موسم كروي في بلادنا، حتى تصوب الأنظار والآذان باتجاه الأندية الناشطة في مختلف الأقسام، وخاصة الأول والثاني لترقب الجديد في ما يخص إستقدام وتحويل اللاعبين من أندية إلى أخرى، ويتم ذلك في ظل سوق فوضوية، وغالبا ماتلفها الشائعات لتصبح مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام، يكون صانعوها مناجرة يطلقون العنان لأنفسهم ولألسنتهم، للرفع من قيمة هذا اللاعب أو ذاك. لايزال الشارع الكروي يتذكر صفقة انتقال لاعب فريق أولمبي الشلف طهراوي باتجاه فريق إتحاد البليدة موسم 2004 / 2005، عندما حوّل بمبلغ خيالي قدر ب1مليار و200 مليون سنتيم، وعدّت هذه الصفقة الأغلى في تاريخ الكرة الجزائرية آنذاك. وقد كانت هذه العملية بمثابة قص شريط لإنتدابات أخرى من هذا النوع، في خضم سوق تحويلات تحولت إلى ظاهرة ترسخت في الفضاء الكروي الجزائري مع توالي المواسم الكروية، وكرّست وضعا أضّر بالرياضة الأكثر شعبية، وجعل اللاعبين أحد أطراف هذه المعادلة بين المطرقة والسندان، مطرقة الترويج لقدراتهم، ومطرقة الأنصار الذين قد ينقلبون عليهم في حالة ما يفشلون في إظهار عطاءات توازي ما أنفق من أجل جلبهم، وبالتالي يصبحون تحت ضغط رهيب ينعكس على مردودهم مع مرور المباريات والمواسم الرياضية. وقد تعددت الآراء والأسباب حول مايجري في بورصة اللاعبين، فالبعض يرى أن السبب الرئيسي هو دخول كل من هب ودب، وأشخاص غرباء محدودي الثقافة سموا أنفسهم "مناجرة" باعتمادهم على الإشاعة في الرفع من القيمة المالية للاعبيهم. أما الرأي الثاني فيرى في ابتعاد أهل الاختصاص عن المحيط الكروي بسبب تعفنه، هو الذي أتاح لهذا الصنف من "السماسرة" فرصة إقتحام مجال غير مجالهم صالوا وجالوا فيه كما يحلو لهم ولايزالوا كذلك. أما الرأي الثالث، فيؤكد أصحابه على أن إنعدام التعاقد مع "مناجرة" معتمدين من قبل الهيئة الكروية (الإتحادية الجزائرية لكرة القدم)، هو الذي أنتج وكرّس هذه الظاهرة، فيما يحدد الرأي الرابع السبب في تفاقم عيوب سوق التحويلات والإستقدامات إلى ثلاثة أطراف: الرؤساء، الصحفيون وبعض المسيرين. في ظل غياب قانون رادع ينظم هذه الصفقات، التي لاتتضمن في الغالب على وثائق تحدد الحقوق والواجبات وكذا النظام الداخلي للنادي أوالفريق. تدخل مسؤولي الكرة ضروري إن ظاهرة التسيب وعدم ضبط سوق التحويلات لابد لها من حلول، ولايتوانى المغتاضون منها في التنديد بغياب قانون أكثر صرامة لزجر "المناجرة" والسماسرة غير الشرعيين، الذين ينشطون بكل راحة، ومن دون وازع وشوهوا مهنة المناجير التي لها تأثيرها هي الأخرى على واقع كرة القدم. كما أن اللاعبين لهم جانب من المسؤولية في هذا الواقع بتعاملهم مع أشخاص همهم الأول والأخير هو جني المال وفقط، عوض وضع هدف رياضي يجتهدون لبلوغه كفيل بترقية مشوارهم، غير أن المسؤول الأول عن هذا الوضع المتردي هو الهيئة الرياضية المشرفة على شؤون الكرة، ونقصد بها الإتحادية الجزائرية لكرة القدم التي يطالبها الكثيرون بوضع قوانين تردع المضاربين، ويبقى الأمل معلق على الرئيس الحالي ل"الفاف" محمد روراوة للإلتفات إلى هذا الموضوع، وإيجاد صيغ جديدة تحمي كل الأطراف الفاعلة في الحقل الكروي، لأن الأمر أكثر من لازم، وكرتنا مقبلة على دخول الإحتراف بحلول الموسم 2010 / 2011 وبقرار من الإتحاد الدولي لكرة القدم.