نزلت بواكير التمر المعروف شعبيا ب"المنقر" إلى أسواق مدينة غرداية مع مطلع شهر جويلية الجاري معلنة بذلك عن بداية موسم جني التمور التي تنضج مبكرا بعدد من مناطق الجنوب. هذه الكميات الأولى من هذا الصنف من الرطب التي جادت بها مزارع النخيل لمنطقة التيدكلت التي تضم إن صالح إنغر وأولف بأقصى الجنوب تعرض بأثمان مرتفعة لكونها تمور بواكر، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد ما بين 350 إلى 400 دج وقد يرتفع إلى أكثر من ذلك حسب مذاق وحجم الثمرة وهي بالطبع أسعار عادة ما تسر مزارعي التمور. وعادة ما يتم جني أصناف التمر التي تنضج مبكرا والتي تلقى رواجا واسعا في أوساط سكان الجنوب في الصباح الباكر عندما تكون الثمرة في وضعية "منتعشة" أو في الفترة المسائية في وقت الأصيل، حيث تكون الثمرة قد نضج الجزء الأكبر منها. وجرت العادة أن تستقبل أسواق الجنوب مع بداية أشهر الصيف بواكير التمور التي يتم جنيها من واحات النخيل بمنطقة التيدكلت لكونها الأكثر مناطق ارتفاعا في درجة الحرارة، حيث تساعد هذه الوضعية المناخية على النضج المبكر لمحاصيل التمور سيما منها صنف "الغرس" أو"المنقر" إذ تنضج حبات الرطب بدءا من الناحية السفلية بلون يكون مائل إلى البني الداكن بينما يظل الجزء العلوي منها أصفر اللون. وتتطلب عملية جني هذه البواكير من تمر "المنقر" خبرة تفرضها طبيعة التعامل مع هذا الصنف من الثمار بالنظر إلى هشاشة الثمرة في بدايات نضجها مما يحتاج ذلك إلى "تقنيات" معينة للجني لا يعرفها إلا الراسخون في نشاط زراعة النخيل. كما تشكل عملية جني بواكير التمر لدى سكان مناطق الجنوب مناسبة اجتماعية ترافقها سلوكات وطقوس اجتماعية قد تختلف من منطقة إلى أخرى إلا أنها تلتقي قي قاسم مشترك يتمثل في الفرحة والابتهاج باستقبال التمور باعتبارها الفاكهة المفضلة لديهم وباعتبار أنها تحمل أيضا دلالات اجتماعية ودينية ترتقي إلى حد "التقديس". ويوضح أحد متسلقي النخيل بالمناسبة "بأن جني هذه البواكير من "المنقر" بواحات منطقة تيدكلت قد يتطلب فترة تمتد إلى أسبوع لجمع كميات محدودة من التمر حيث تتوقف عملية الجني على الظروف المناخية وكميات التمر الناضج. وبالنظر إلى هشاشة الثمرة وحفاظا على الحالة الطبيعية "للمنقر" فإن البائعون في الأسواق يلجأون للتحلي بنوع من "السلاسة" في التعامل مع بواكير التمر حيث يتم الاعتماد في مثل هذه الحالات على أصابع اليد لضمان عدم تهشم الثمرة. ويتم اللجوء إلى استعمال دلاء الماء التي توضع بجانب طاولة البيع، حيث يعمد التاجر في كل مرة إلى غسل يديه بعد تسويق كل كمية من تمر "المنقر" بما يضمن حسب أحد تجار سوق مدينة غرداية سلامة الثمرة المسوقة للزبون. وللتمر الذي ورد في القرآن الكريم وفي العديد من الأحاديث النبوية الشريفة فوائد متعددة كما تشير إلى ذلك العديد من الدراسات العلمية فهو يحتوي على المواد الغذائية الضرورية لجسم الإنسان ومن بينها أنواع من الفيتامينات والسكريات والأحماض والمعادن والألياف والدهون والبروتينات.