تعرض هذه الأيام بسوق مدينة غرداية وببعض محلاتها التجارية أولى بواكير التمر المنتج محليا والذي يدخل مرحلة النضج في شهرأوت، وقد عرض التجار قبل ذلك خلال الأيام الماضية التمور المعروفة باسم "المنقر" الذي تجود به واحات النخيل الموجودة بمنطقة تيدكلت بعين صالح وواحات أولف بولاية أدرار بأثمان ملتهبة في بداية الأمر تراوحت ما بين 400 و450 دج للكيلوغرام الواحد، وذلك حسب مذاق الثمرة وحجمها، ثم تراجعت أسعارها إلى أقل من 200 دج بدخول المنتوج المحلي المنافسة. هذه البواكير تشهد إقبالا كبيرا عليها من طرف السكان المحليين ولو بشراء كمية قليلة حسب القدرة الشرائية لكل مواطن قصد إسعاد أفراد عائلته بتذوق هذه الثمرة الصحراوية اللذيذة طعمها والغنية تركيبها، ومن العادات الحميدة التي توارثها السكان بغرداية أن تقوم العائلات الميسورة بتوزيع بعض الكميات من هذه البواكير على الأهل والأقارب والجيران ويتناولونها مع الحليب قبل وجبة الغذاء، ويعتبرون هذه البواكير فال خير ويسمونها "الفال"، مما يعكس مدى المكانة المعتبرة للتمر في المشهد الاجتماعي المحلي، وتزداد مكانة التمر أهمية واعتبارا في موائد الصيام، حيث لا تخلو مائدة رمضانية في موعد الإفطار من حبات من التمر مهما كلف صاحبه ذلك من ثمن، وتحسبا لذلك الموعد بدأ الكثير من أرباب العائلات بشراء كميات من التمور المعروضة حاليا بأسواق غرداية لتخزينها والإفطار بها في رمضان، واستنادا إلى بعض المواطنين فإنه ينتظر أن تشهد التمور بعض الندرة خلال الشهر المقبل لأن التمر المعروض حاليا وهو من النوع المبكر سينتهي ولن يحين موعد جني الأصناف الأخرى من التمور إلا مع بداية أكتوبر، ومن بين أبرز تلك الأصناف "دقلة نور" و"تمجوهرت"و"أولتقبالة" التي تعطي أولى ثمارها في بداية الخريف. من جانب آخر يخشى بعض الفلاحين بولاية غرداية من تراجع محاصيل التمور هذه السنة بعد تقلص المياه بالآبارالأرتوازية وانخفاض قوة تدفق مياهها في بلديات مثل غرداية وزلفانة والقرارة ومتليلي التي تشتهر بإنتاج نوعيات جيدة من التمور، يضاف إلى ذلك نقص الأيدي العاملة المؤهلة لقطع عراجين التمور خاصة من النخيل الذي يتجاوز طوله عشرة أمتار مما يؤخر عملية الجني أسابيع أخرى، هذه العوامل مجتمعة ونظرا لشدة الطلب على هذا المنتوج محليا ووطنيا وبل حتى دوليا، ينتظر أن تشهد أسعارالتمور ارتفاعا خلال شهر رمضان في ظل المضاربة التي أصبحت سمة من سمات المعاملات التجارية في مثل هذه المناسبات، ويذكرأن ولاية غرداية تعد واحدة من أكثر المناطق المنتجة للتمور بالجزائر وتتوفر على أكثر من مليون و100 ألف نخلة يوجد منها نحو 750.000 نخلة مثمرة، ولضمان بقاء هذه الثروة تطالب بعض الجمعيات المهنية المحلية من الهيئات المعنية التفكير في إنشاء آليات لفتح تخصصات للتكوين في حرفة رعاية النخلة وخدمتها لأن المحصول الجيد للتمور يتوقف حسب مختصين محليين على جملة من العوامل أولها إتقان حرفة رعاية النخلة، ويبقى مرهونا كذلك بالظروف المناخية المناسبة مع توفر المياه، وبمدى المتابعة الصحية للنخيل من خلال المعالجة الوقائية المستمرة ضد أمراض مثل البيوض، والبوفرة، وسوسة التمر.